تونس… ما أخضرك

ناصر قنديل

– قليل هو الكلام الذي يفي تونس حقها وهي نوّارة ربيع لا يليق بسواها، ففي غيرها كانت التسمية مزوّرة وفي تونس وحدها كان ربيع يزهر، ولما حاولوا سرقته، نجحوا وسرقوه مراراً في أكثر من مكان، إلا في تونس فشلت السرقة، بأنّ جماعة النهضة المتحدرين من «الإخوان المسلمين» أنفسهم كتيار يبحث عن تجديد نفسه والاستفادة من أخطائه، منفصلاً عن السياق الذي سلكه الإخوان في البلاد العربية كلّها، وعندما ظنّ أهل الربيع المسروق أنّ وقت الحصاد قد حان، فربيعهم له وظيفة عرّفها عرّابهم، هنري برنار ليفي، وهي حروب لا تنتهي بين الطوائف والمذاهب لا تبقى معها «إسرائيل» عدواً بنظر العرب والمسلمين. ودقت ساعة المبادرة السعودية، فأعلن تصنيف حزب الله إرهابياً، جاء الجواب القاطع المانع من تونس شعباً ونخباً وأحزاباً وحكومة وبرلماناً ورئيساً، وأولاً وأخيراً من الاتحاد التونسي للشغل صمام أمان تونس، وارتفع الصوت مدوياً، لن تصير المقاومة إرهاباً، والفتنة التي قام مشروعها على انقسام مذهبي عميق يزيل «إسرائيل» من لائحة الأعداء ويزجّ بالمقاومة بديلاً عنها، سقطت في بلد مشايخ الزيتونة الذين كانوا أول من رفض البيعة الوهابية قبل مئة عام وأعاد أحفادهم الكرّة اليوم مرة أخرى.

– في تونس صنع الشعب ربيعه وسرقوه، وتبعت مصر بالربيع وتبعتها السرقة، ومن تونس بدأ تصحيح الربيع المشوّه وتبعتها مصر، ومن تونس سقطت العهدة السعودية وتتبعها مصر، وفي تونس خرج تنظيم شعبي عملاق اسمه الاتحاد التونسي للشغل يجمع العمل النقابي بالثوابت الديمقراطية والوطنية والقومية، وبعده ننتظر نقابات مصر، صاحبة التاريخ العريق من نقابة المحامين إلى نقابة الأطباء ونقابة المهندسين، ولكلّ منها تاريخ ناصع المواقف والسيرة، وفي تونس شهدنا قادة كباراً سقطوا شهداء للدفاع عن الثوابت التي جاء الربيع المشوّه لإسقاطها، فسقط شكري بلعيد ومحمد البراهمي وحمل الأحياء جثامينهم وساروا يكملون المسيرة، ومن مصر ننتظر القادة الأحياء ليكملوا ويثأروا لجمال عبد الناصر، ويصحّحوا المسار والمسيرة.

– تونس خضراء أكثر مما يظنون، وسورية عيونها خضراء من القامشلي إلى درعا وإدلب وحلب وعبرها دمشق وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية، ولبنان الأخضر بأرزته الخالدة، يرفع مقاومته شعاراً لاخضرار أرزه ليشعّ خضرة على بلاد العرب والمسلمين وينشر الاخضرار بين أحرار العالم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى