تصنيف حزب الله والفتنة…
علي جانبين
هل استطاعت الحروب التي أطلقها «الربيع العربي» وما خلفته من خراب مادي ومعنوي وما شوّهته من هويات أن تستبدل العداء لـ»إسرائيل» بالانقسامات الطائفية والمذهبية؟
هذا هو السؤال المحوري الذي يشغل بال «إسرائيل» ولا يزال منذ خمس سنوات، بل هو مشروعها الوحيد مع العجز عن تغيير الواقع العسكري في وجه المقاومة والخلاص من معادلة توازن الردع.
وضع «الإسرائيليون» وحلفاؤهم ثقلهم ليتحقق هذا الهدف، وقطعوا أشواطاً في العلاقات مع السعودية، وأطلقوا عليها صفة رمز العرب المسلمين من المذهب السني، ليقولوا إنّ حرب «إسرائيل» مع الشيعة وليست على العرب والمسلمين والمسيحيين، واستضافت «إسرائيل» «جبهة النصرة» وكشفت سرّ علاقتها بتنظيم «القاعدة» فهل ربحت الرهان؟
جاء المال السعودي والاصطفاف الخليجي يحاول اختبار النتيجة عبر انتزاع قرار يعتبر حزب الله في لبنان منظمة إرهابية، فماذا كانت النتيجة الفعلية بعد كلّ ما جرى؟
الشارع العربي الذي يشكل غالبية بل هو كله من أهل السنة لم يحتفل بهذا القرار، كما تخيّلت السعودية وكما راهنت «إسرائيل»، بل ظهرت إشارات تبشر بالخير بالوقوف ضدّ هذا القرار الجائر، فرفضت تونس شعباً وأحزاباً وحكومة ورئيساً أن تكون جزءاً من القرار، وكانت أول الرافضين ومن بعدها الجزائر وتبعهما آخرون.
في المقابل كانت مصر مسرحاً لحدث متصل، حيث طُرد النائب توفيق عكاشة من البرلمان بعد ضربه على رأسه بالحذاء لأنه استقبل السفير «الإسرائيلي»، ومصر هي مركز أهل السنة في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه في آسيا وأفريقيا، ولا يمكن لأحد أن يزايد على إسلامهم ووطنيتهم وعروبتهم، ومعظمهم من أهل السنة الذين كانوا سباقين للدفاع عن الكرامة العربية عبر التاريخ، لا سيما مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
في كلّ ساحات المقاومة ضدّ «إسرائيل» كان المسلمون السنة في لبنان من أوائل المدافعين عن فكرة المقاومة، وكانوا في بيروت وطرابلس وعكار وصيدا والبقاع وصولاً إلى عرسال، التي يُراد اليوم تشويه تاريخها، هؤلاء جميعاً هم الذين درّبوا وعلموا الشباب اللبناني على مقاومة الاحتلال، وناصروا الإمام موسى الصدر يوم شكّل أفواج المقاومة اللبنانية مع شخصيات مسيحية وسنية ودرزية.
سقوط تصنيف حزب الله إرهاباً في الشارع العربي يعني سقوط الفتنة المذهبية.