خطاب المرحلة المقبلة ومفاصله
لا يزال خطاب الرئيس بشار الأسد في حفل قسم اليمين يتردّد صداه في العالم، رغم الاهتمام بما يحصل من عدوان صهيوني على غزة، فمصادر سياسية قسّمت خطاب القسم أربعة مفاصل رئيسية، بعد إشارتها باهتمام لافت إلى طبيعة الاحتفال ونوعية الحضور التي شملت جميع فئات المجتمع السوري، وقد ظهر الرئيس الأسد قائداً تاريخياً وشعبياً في آن واحد في مخاطبته عواطف الشعب السوري الذي حقق من خلال صموده الانتصار، موجهاً كذلك رسائل إلى الخارج والداخل.
تضيف المصادر السياسية أنّ المفصل الأول يتصل بمكافحة الإرهاب وأن لا شيء اسمه «ثورة» مثلما حاول المتآمرون على سورية إعطاءه هذا العنوان الزائف، بل هي مؤامرة دولية وإقليمية وعربية تستهدف كيان الدولة الوطنية السورية ووجودها، والمؤامرة ستعم المنطقة، إذ ربطها الرئيس السوري بما يحصل في العراق ولبنان وراهناً في فلسطين.
المفصل الثاني التركيز على موضوع المصالحات الوطنية الداخلية وأهميتها وتأثيرها الإيجابي في ملف الحوار السوري ـ السوري فهو في نهاية المطاف العنصر الأهم في أي حل سياسي للأزمة السورية، والتأكيد على أهمية هذه المصالحات عبر الانتقال من مرحلة العيش المشترك إلى الاندماج بين فئات المجتمع السوري.
المفصل الثالث بحسب المصادر السياسية يتعلق بالحوار الوطني الشامل، إذ حدّد الرئيس الأسد الفئات التي لا يمكن التحاور معها والتي رهنت نفسها ومصيرها بالأجندات الخارجية المتآمرة على سورية، وهذه الفئات كانت راهنت على تغيير موازين القوى في إحدى مراحل العدوان على سورية، وعندما فشلت رهاناتها حاولت تعديل مواقعها، إنّما بعد فوات الأوان. كما أن القوى السورية العميلة علناً للخارج فلا يمكن التحاور معها لأنها دمى للقوى الخارجية التي تدعمها.
المفصل الرابع يتصل بمكافحة الفساد وإعادة الإعمار. وترى المصادر السياسية أن أهم ما ورد في خطاب القسم هو إعطاء الرئيس الأسد هذه المعركة بعداً قومياً لدى إشارته إلى أن فلسطين هي البوصلة، فالجهات المتورطة في العدوان على سورية بعد فشلها في تحقيق أهدافها استدارت إلى العراق ثم انتقلت إلى غزة.
رفع الأسد في خطابه سقفاً جديداً لأيّ مؤتمر سياسي يعقد في شأن الأزمة السورية ولأي مندوب أممي سيزور سورية مستقبلاً، وحدّ هذا السقف مكافحة الإرهاب قبل البحث في الملفات الأخرى، ولذلك خاطب الدول الداعمة للإرهاب استناداً إلى ما يدور في كل من العراق وسورية ولبنان وفلسطين، محذراً من ارتداد هذا الإرهاب على تلك الدول، لذا بدأنا نلاحظ أن الإعلام الغربي يتحدث جدياً عن الإرهاب وضرورة مكافحته لأن ثمة قلقاً غربياً حقيقياً من تنامي ظاهرة الإرهاب. ولا بد أيضاً من الإشارة في هذا السياق إلى أن اللقاءات التي جمعت الدكتورة بثينة شعبان مع جيفري فيلتمان في أوسلو قبل بضعة أسابيع كان عنوانها الرئيسي كيفية محاربة الإرهاب، وأن مؤتمر جنيف حول سورية قد يتحول إلى مؤتمر دولي وإقليمي تحضره بالإضافة إلى الدول المتورطة في العدوان على سورية كل من روسيا وإيران والصين، بالإضافة طبعاً إلى الدولة الوطنية السورية. وسورية وضعت شروطها في هذا المجال لكنها فتحت في الوقت نفسه الأبواب نصفيّاً، ناهيك عن أن بعض الدول الأوروبية بدأت وفي معلومات مؤكدة تعيد النظر في مواقفها من الأزمة في سورية، وتواصلها مع الدولة السورية لم يعد مقتصراً فحسب على التعاون الأمني بل إن الأمور، وبحسب المعلومات، قد تشهد تعاوناً سياسياً يترجم بإعادة التواصل الدبلوماسي مع دمشق وإن لم يكن على مستوى السفراء في المرحلة الأولى. كما أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، استناداً إلى تلك المصادر والمعلومات، سيبلور موقف الإدارة الأميركية من سورية في نهاية آب المقبل.