هل يعود لمصر دورها في لبنان؟

علي جانبين

لا شك في أنّ مصر كدولة محورية ورئيسية في المنطقة العربية كانت صاحبة دور في لبنان، خصوصاً بالنسبة لدعمها القضية الفلسطينية.

ما هو الدور الذي لعبته مصر في لبنان؟

ارتبطت علاقات لبنان مع مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بشكل وثيق بتحقيق توازن بين الحفاظ على علاقات جيدة مصرية لبنانية من ناحية الاحتفاظ باستقلال لبنان والسعي إلى تحقيق مصالح لبنان.

وكان معظم القادة اللبنانيين يرون آنذاك أنّ اتباع سياسة عبد الناصر يُعَدّ عاملاً بارزاً للحفاظ على أمن لبنان واستقلاله لما كان يتمتع به الرئيس المصري من نفوذ واسع وكاريزما عربية ودولية.

رغم تأثيرات مرحلة ما بعد «كامب ديفيد» وحجم النفوذ السعودي في لبنان لعبت مصر أدواراً لبنانية عديدة، فكان لمصر أيضاً في السنوات الأخيرة دور كبير في دعم وترشيح العماد ميشال سليمان لأشهر قبل اتفاق الدوحة عام 2008، وبعيد وصول سليمان إلى قيادة الجيش وبعدها إلى رئاسة الجمهورية جاء برعاية مصرية تمثلت منذ عام 2007 بمبادرة لرئيس المخابرات المصرية آنذاك اللواء عمر سليمان.

وكانت مصر قد دعت للغاية نفسها إلى اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية العرب أوضح بعده وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط أن الدعوة المصرية للاجتماع قد حققت الهدف منها وهو خلق توافق عربي يساعد الفرقاء اللبنانيين على التوصل الى مخرج للأزمة. وبعدها استعمل أبو الغيط مساعيه وزار بيروت باحثاً في ملف انتخاب الرئيس ضمن حراك مصري لافت حينها يقضي بتوافق خارجي داخلي على انتخاب ميشال سليمان رئيساً.

ولا ننسى دور مصر في التوافق على المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان لتولي منصب مفتي الجمهورية اللبنانية، وجاء هذا التوافق بعد الصراع بين المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني وتيار المستقبل ووجود انقسام داخل أركان الطائفة السنية يمنع التوصل للتوافق من جهة وغياب أي علاقة للسعودية بخصوم تيار المستقبل في الطائفة، فبادرت مصر ونجحت.

ومؤخراً كان لمصر دور أساسي في رعاية اللقاء الذي حصل بين زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد وقبله في ترتيب زيارة مراد للسعودية.

حدث هذا بينما كانت السعودية في مرحلة دورها الذهبي لبنانياً، فكيف يكون الوضع والسعودية تفقد تأثيرها، رغم ما يبدو من سقفها العالي؟ ففي لبنان تأتي الأدوار من لعب دور الوسيط وصناعة التسويات، والسعودية غير قادرة على لعب هذا الدور حتى زمن طويل بعدما ركبت موجة تصعيد عالية وقطعت جسورها مع إيران.

في صناعة التسويات ستكون السعودية طرفاً لا يمكن تجاهله، ومن ميزات الوسيط أن تكون له علاقة طيبة معها، وهذه صفة تمتلكها مصر، لكن يجب أن يكون لها أيضاً قبول لدى خصومها، وهذا أيضاً ما تمتلكه مصر.

مصر على علاقة طيبة بروسيا الدولة العظمى التي ترسل الرسائل المتتالية حول دعوة مصر للعب دورها الإقليمي، ومصر التي لا تقيم علاقات طيبة مع إيران لا تثير حساسيتها ولا اعتراض حزب الله، وفي المقابل تحوز الرضا الأميركي والمركز التقليدي في الذاكرة اللبنانية.

ليس ضرورياً أن تسعى مصر إلى لعب دور أو وراثة مكانة السعودية بل ستدفعها الأحداث لتكون الدولة المؤهلة لملء فراغ تركته السعودية فجأة وتكون السعودية غير جاهزة لاسترداده فترتضي أن تخلفها مصر فيه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى