إلى دولة الرئيس سلام: لن نبايع مليكاً على جرائمه!
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
إذا كان المطلوب منا أن نصمت مراعاةً للعلاقات التاريخية بين لبنان ودول الخليج، فهل مسموح للآخرين أن يستمرّوا في باطلهم واتهام حزب الله بالإرهاب؟ وهل يُباح للآخرين ذبح الشعب اليمني وهدم حضارته وتاريخه؟ وهل يجوز للآخرين مواصلة العدوان على سورية والعمل على تقسيمها كرمى لعيون «إسرائيل»؟
ولماذا علينا أن نراعي ونصون ونحافظ على العلاقات بيننا وبين دول الخليج، ولا نعير أيّ أهمية لعلاقاتنا مع سورية واليمن؟ أيجب علينا أن لا ننبس ببنت شفة ضدّ السعودية لأنّ ما يصدر عن مليكها لا يقبل الجدل والنقاش والردّ، حتى لو كان عدواناً آثماً ضدّ شعب فقير أعزل؟ أيجب أن نصمت إزاء الجرائم الفظيعة التي يرتكبها الجيش السعودي وقوات المرتزقة ولا ندين أو نعترض؟ فكيف نكون مسلمين ونحن قاعدون نتفرّج على شعوب تذبحها مملكة آل سعود وتنكّل بها وتدمّرها.
كيف نكون مؤمنين بنبي الرحمة والعدل والحق ونحن ننأى بأنفسنا عما يحلّ بشعب مسلم، لأننا نخاف من مليك السعودية أن يغضب علينا! وكيف نكون ملتزمين بقرآن يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
وكيف نكون عرباً إن لم نكن شرفاء وأحراراً وأهل شهامة وحمية؟
أتريدوننا أن نغضب لكم لأنكم تملكون الأموال ولا نغضب عليكم حتى لو ارتكبتم الفواحش ما ظهر منها وما بطُن!
أتريدوننا أن نقف إلى جانب ضلالكم وفسادكم وتمزيقكم عرى الأمة وتفتيتكم وحدة البلاد لأنّ في أرضكم أكبر مخزون للنفط؟
أتريدوننا أن نكون عبيداً تحت سيادتكم ننفذ مشيئتكم بالظلم وقهر الضعفاء لنُمنح خبزاً ووظيفة! وأيّ خبز نأكل إنْ كان مغمّساً بالذل والهوان؟
وأيّ عملٍ نعمل إنْ كان فيه عون للظالم على ظلمه وتقوية للفاسد على إفساده؟
كان بوسع ممالك الخليج وملوكها بما منحهم الله من بركات أن يوحّدوا المسلمين والعرب وأن ينشروا العلم، وأن يقتلوا الفقر، وأن يبنوا البلاد، وأن يساعدوا على حلّ الخلافات لكنهم فعلوا عكس ذلك.
أكثر من ألف مليار مودعة في بنوك أجنبية. عائدات النفط إما للترف والدعة والبطر، وإما للفتنة وشراء الذمم وصناعة الحروب والتوحش.
ما المطلوب لترضوا عنا؟
فهل المطلوب أن نرمي سلاحنا لتنعم «إسرائيل» بأمن وسلام وشعوبنا تبقى في الألم والجوع والخوف؟
هل المطلوب أن نقبل بتقسيم سورية، أن نقبل بذبح اليمن، أن نقبل بانتحاريّيكم في العراق، أن نقبل بإرهابيّيكم في مصر وليبيا؟
ما المطلوب حتى نكون معتدلين فلا نُعَدّ إرهابيّين بنظركم: أن لا ندافع عن لبنان ونترك أرضنا للاغتصاب وشعبنا للنفي والهجرة من جديد؟ أن ندفن رأسنا في الرمال فلا نرى كيف تسرق أميركا منا ثرواتنا و»إسرائيل» أحلامنا؟
هل المطلوب أن نأتي إلى سفارتكم نبايع مليككم على جرائمه ونفرش أجسادنا لتدوس عليها أقدامه المقدسة.
لا، لن نكون إلا حيث نكون، لن نكون إلا إلى جانب الحق، وإلا إلى جانب المظلومين والمعذبين في الأرض من البوسنة إلى اليمن وسورية والعراق حتى آخر شبر وجرح من فلسطين!