العروبة لعبد الناصر

علي جانبين

أدرك جمال عبد الناصر بعد حرب 1967 أهمية وجود كيان فلسطيني مقاتل، فدعم انطلاقة الثورة الفلسطينية وقيادتها، كما كان حريصاً على تعميق الوحدة الوطنية في كلّ بلد عربي وسعى إلى جعل البوصلة العربية نحو فلسطين.

ما هو العرض الذي تلقاه عبد الناصر للتخلّي عن المقاومة؟

رفض القائد عبد الناصر العرض الأميركي ـ «الإسرائيلي» الذي يقضي بالانسحاب من كلّ سيناء مقابل عدم تدخُّل مصر في الجبهات الأخرى، وأصرّ على أنّ القدس قبل سيناء، والجولان قبل سيناء، وعلى أن لا صلح و لا اعتراف بـ»إسرائيل» لأنّ العروبة هي فلسطين.

هذا هو جمال عبد الناصر، الزعيم العربي المقاوم الذي رسّخ مفهوم العروبة بالتصدّي للمشروع «الإسرائيلي» ـ الأميركي.

فأين زعماء العرب اليوم من هذا المفهوم للعروبة؟

نسي العرب القضية المركزية وأضاعوا البوصلة وأضلوا السبيل وعملوا على بناء علاقات، في السر والعلن، مع العدو «الإسرائيلي» و باعوا القدس بأبخس الأثمان و تآمروا على الشعب الفلسطيني وها هم اليوم يستبدلون العدو بالصديق ويحاربون حزب الله فقط لأنه يدعم القضية الفلسطينية ويهزم «إسرائيل» ومشروع الإرهاب التكفيري الذي يتعاون معها لخدمة الأهداف عينها في المنطقة.

إذا كانت العروبة هي ميدان التنافس، ففلسطين ساحتها وعبد الناصر مقياسها. فكيف نقارن بين السعودية وحزب الله في ميدان العروبة؟

نقلت الصحف «الإسرائيلية» نبأ زيارات وسلسلة لقاءات جرت في الرياض بين شخصيات سعودية رفيعة وشخصيات «إسرائيلية»، رسمية وغير رسمية، من دون صدور أي نفي من الطرفين.

وبالتزامن معها، جاء قرار تصنيف السعودية لحزب الله كمنظمة إرهابية. قرار لقي الترحيب المُعلن من «إسرائيل»، بل اعتبره «الإسرائيليون» خطوة للانتقال إلى مرحلة التحالف السعودي ـ «الإسرائيلي» الذي يستند إلى رؤية وموقف موحّدين من التهديدات المشتركة، خصوصاً أنّ حزب الله، وفقاً للوصف «الإسرائيلي»، يتقدم على «داعش» و»القاعدة» في سورية، وسيشكل مع الجيش السوري قوة إقليمية ضاربة تهدِّد «إسرائيل» وهو ما اعتبره السعوديون تهديداً لهم بلقاء مع ما يعتبره «الإسرائيليون» تهديداً، وهذا ما عبّر عنه مسؤولون «إسرائيليون» وسعوديون في أكثر من مناسبة.

بمقياس فلسطين كبوصلة للعروبة وبقياس عبد الناصر كرمز لها، من يحقّ له تصنيف الآخر؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى