بان كي مون: جرائم قوات حفظ السلام الجنسية قضية عالمية
قال تقرير نشره مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن حكومة جنوب السودان انتهجت سياسة الأرض المحروقة من خلال عمليات الاغتصاب والنهب والقتل المتعمدة للمدنيين.
وذكر المكتب في بيانه أمس، أن التقرير يحتوي على «روايات مروعة عن قتل مدنيين كان يشتبه في تأييدهم للمعارضة من بينهم أطفال ومعاقون وتم دفنهم أحياء أو خنقهم في حاويات أو قتلهم بالرصاص أو شنقاً بتعليقهم في الأشجار أو بتقطيعهم إرباً».
وأشار التقرير إلى أن تفشي الاغتصاب «يشير إلى أن استخدامه في الصراع أصبح ممارسة مقبولة من جانب جنود الحكومة والميليشيات المسلحة الموالية لها».
واعتبرت منظمة العفو الدولية، أن ما فعله جنود، دفعوا أكثر من 60 رجلاً وطفلاً مقيدي الأيدي في حاوية بضائع تحت الشمس الحارقة، في جنوب السودان ، وتركوا فيها حتى اختنقوا جريمة حرب.
وأشارت المنظمة استناداً إلى شهادات 23 شخصاً إلى أن الجريمة التي وقعت في تشرين الأول الماضي، بولاية الوحدة تؤكد أن المحتجزين كانوا يضربون جدار الحاوية من الداخل التي لم يكن بها أي نافذة أو وسيلة تهوية.
ووجهت المنظمة أصابع الاتهام إلى مسؤولين مدنيين وعسكريين بالمسؤولية عن مقتل هؤلاء لأنهم «كانوا يعرفون أن المحتجزين كانوا في خطر وبصدد الموت ولم يفعلوا شيئاً لمساعدتهم».
في غضون ذلك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن قضية الجرائم الجنسية التي ترتكبها قوات حفظ السلام بحق المدنيين الأبرياء تحمل طابعاً عالمياً ولا تقتصر على بعثة أو منطقة بعينها.
وشدد بان في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي على أن «قضية الاستغلال الجنسي والاعتداءات الجنسية من قبل موظفي الأمم المتحدة تتطلب إجراءات حاسمة وجريئة»، مشيراً إلى أن التصرفات غير المناسبة لـ«أصحاب الخوذ الزرق» لن تبقى من دون العقاب.
جدير بالذكر أن التقرير الأممي الذي قدم يوم الـ 4 من آذار الحالي كشف أن الأمم المتحدة تلقت 69 شكوى عن الاستغلال والاعتداءات الجنسيين من قبل عناصر قوات حفظ السلام الأممية في 10 بعثات في دول مختلفة. وارتكبت 23 من هذه الجرائم الجنسية، بحق قاصرين وفقاً للشكاوى.
ووردت 22 من أصل 69 شكوى على تصرفات القوات الأممية العاملة في جمهورية أفريقيا الوسطى، فيما تلقت المنظمة الأممية 16 شكوى على قواتها في جمهورية الكونغو الديمقراطية و9 على قواتها في هايتي.
وتنسب الاتهامات بارتكاب الجرائم الجنسية إلى موظفين أمميين من المغرب وكندا وألمانيا وسلوفاكيا ومولدوفا والكاميرون وجمهورية الكونغو ورواندا وتنزانيا وإفريقيا الوسطى والغابون وبنين وبوروندي وغانا وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا وتوغو ومدغشقر.
وتعليقاً على هذه القضية أشار بان كي مون إلى أن الأمم المتحدة عليها أن تعمل في 3 اتجاهات من أجل وضع حد لحالات الاعتداءات الجنسية هي «لا بد أولاً من وضع نهاية لحالة الإفلات من العقاب على مرتكبي الجرائم، وثانياً تقديم دعم لضحايا «أصحاب الخوذ الزرق»، وثالثاً اتخاذ آليات لجلب المسؤولين عن مثل هذه الجرائم إلى القضاء.
وفي هذا السياق قال بان إن الدور الأساسي في هذه العملية يجب أن تقوم به سلطات الدول التي تخصص قواتها للأمم المتحدة، على سبيل المثال من خلال عدم المماطلة في تحقيق القضايا الجنائية المناسبة.
وأفاد الأمين العام بأن الأمم المتحدة بدأت من جانبها باتخاذ خطوات ملموسة في إطار الرد على هذه الجرائم، بما فيها استعادة الوحدات العسكرية التي يشتبه في أن عناصرها ارتكبت جرائم جنسية، بالإضافة إلى إقالة العسكريين الذين يتحملون المسؤولية عنها.
ولفت إلى استعداداه لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة، مثل تعليق مشاركة بعض الدول في عمليات قوات حفظ السلام الأممية، مضيفاً أن الأمم المتحدة اتخذت قراراً بإنشاء صندوق لمساعدة ضحايا الجرائم الجنسية التي ارتكبها «أصحاب الخوذ الزرق».
لكن تجدر الإشارة إلى أن خطوات الأمم المتحدة لم تسفر بعد عن النتائج المرجوة، إذ سجلت أمانة المنظمة منذ بداية العام الحالي 26 حالة مفترضة للاستغلال والاعتداءات الجنسيين، منها 22 في جمهورية أفريقيا الوسطى وحدها.
وسبق أن وزعت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بين أعضاء مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يقضي بإشراك المجلس في مكافحة هذه الظاهرة، فيما دعت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة سمانثا باور جميع أعضاء المجلس إلى دعم المشروع.
أما الجانب الروسي فأعرب على لسان بيوتر إلييتشيوف، نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، عن رفضه للوثيقة، مشيراً إلى أنها لا تشمل موظفي الأمم المتحدة المدنيين والقوات الأجنبية غير الأممية.