أبو عماد الرفاعي لـ«البناء» و«توب نيوز»: المقاومة قادرة على الصمود حتى انهيار جيش الاحتلال

حاورته روزانا رمّال

في اليوم السابع عشر للعدوان على غزّة، لا تزال المقاومة سيّدة الميدان، إذ لم تستطع فقط استيعاب ضربات العدو الأولى، وإفشال أهدافه العسكرية، بل استطاعت أيضاً أن تمتلك زمام المبادرة وأن تضرب في عمق الكيان الصهيوني، وأن تراكم الإنجازات وتُظهر المفاجآت.

على إيقاع إعلان «دولة الخلافة»، وانتشار ظواهر القتل والتهجير والجزية والأسلمة، تبقى غزّة جريحة تنزف من دماء أطفالها ونسائها وشيوخها. وحدها المقاومة بكلّ فصائلها تواجه في الميدان، ومعها محور الممانعة من المقاومة في لبنان إلى سورية فإيران، فيما تتزاحم الوساطات والزيارات العربية والغربية لتتّحد خلف هدف واحد… إنقاذ «إسرائيل».

حركة الجهاد الإسلامي، من أهم فصائل المقاومة التي تواجه العدوان «الإسرائيلي» على غزّة، وهي الثابتة في خياراتها، واستطاعت إثبات قوّتها في الميدان، وفرض شروطها في أيّ تسوية سياسية مع «إسرائيل».

أبو عماد الرفاعي، مسؤول الحركة في لبنان، تحدث إلى «البناء» و«توب نيوز» عن العدوان من الوجهتين العسكرية والسياسية، معتبراً أنه في المرحلة الأولى، استطاعت المقاومة الفلسطينية إفشال العدوان «الإسرائيلي» الأول أو الخطة الأولى، بحيث أن قدرة المقاومة على استهداف المستوطنات الصهيونية لم تركن أو تضعف، إن كان ذلك على تخوم قطاع غزّة أو في عمق الكيان الصهيوني. واستطاعت المقاومة أن تحقق إصابات وإنجازات وأن تستمر بإطلاق الصواريخ على رغم كل ما مارسه الكيان الصهيوني من قصف جوّي وبرّي وبحري، وبذلك تكون المقاومة أفشلت المرحلة الأولى بأن استمرت في إطلاق الصواريخ.

ويقول أبو عماد الرفاعي: «أما المرحلة الثانية، فتتمثل في الغزو برّاً وبحراً، والذي بدأ بقصف برّي وبحريّ وجوي أيضاً، بغطاء المدفعية البرية والبحرية، والدخول بالآليات إلى تخوم قطاع غزّة. واستطاعت المقاومة أن تُفشل خطة العدوّ الثانية، بحيث منعته من تحقيق أهدافه، كأن يصل إلى العمق الفلسطيني داخل قطاع غزّة، وفشل بالقضاء على منصات الصواريخ أو الأنفاق التي تحدّث عنها».

ورطة وأزمة

ورأى الرفاعي أنّ الكيان الصهيوني يعيش ورطة وأزمةً، لأن المقاومة الفلسطينية استطاعت أن تمرغ أنف العدو من نخبة جيشه وكتائبه، بحيث استطاعت أن تقتل قادة هذه الكتائب لا سيما لواء غولاني، وأن تأسر أحد الجنود الصهاينة وتمنعه من التقدم خطوة واحدة في قطاع غزّة. وإلحاق خسائر كبيرة في صفوفه.

ويضيف: «تتحدّث الصحافة الصهيونية تتحدث أنه لو كُشف عن حجم الخسائر لدى العدو، سيتسبب ذلك بكارثة في الكيان الصهيوني، وهناك خشية من إظهار الحقائق والخسائر التي تبلغ أضعاف ما يُحكى عنه في الإعلام، وهذا ما دفع العدو إلى قصف المدنيين للتغطية على هزيمته. وأهداف مجزرة الشجاعية تكمن في الضغط على الشعب الفلسطيني كي لا يبقى حاضناً للمقاومة».

صمود وأهداف

وعن مدى قدرة المقاومة على الصمود أكد الرفاعي أنّ المقاومة قادرة على الصمود حتى انهيار جيش الاحتلال «الإسرائيلي»، لأن ما من شيء يخسره الشعب الفلسطيني، أكثر مما خسره. لا بل هناك الآن إرادة عامة لدى الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة الغربية والشتات، بمقاومة صلبة، ليس فقط عند المقاومين، بل لدى الشعب الفلسطيني الذي يحافظ على كرامته ولن يتنازل عنها، ويطالب بأن تبقى المقاومة في غزّة صامدة حتى تحقيق أهدافها وإفشال أهداف العدو».

وعن أهداف المقاومة الفلسطينية التي تسعى إلى تحقيقها قال: «المبادرة المصرية المطروحة رُفضت لأنها تتحدّث عن وقف العدوان المتبادل، أي أنّها تساوي بن الضحية والجلاد. وتحدثت المبادرة عن وقف إطلاق النار ثمّ يُبحث في آليات وقف إطلاق النار، ولكننا مؤمنين بأننا لا يمكن أن ننتزع من الكيان الصهيوني حقوقنا إلا تحت النار، وبالتالي عندما يتوقف إطلاق النار، لا أحد يجبر الكيان الصهيوني على رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، إضافة إلى أننا في كل الهدنات والاتفاقات التي توصلنا إليها مع هذا العدو، قام هو بخرقها. ولا أحد يجبره على الالتزام بها، والسلطة الفلسطينية جرّبت 20 سنة من المفاوضات ولم تصل إلى نتيجة». لافتاً إلى أن المطلوب من المقاومة أن توقف إطلاق النار وأن تذهب إلى المفاوضات عبر الوسيط المصري لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وهذا غير واقعي. إضافة إلى ذلك، إن مطالب المقاومة محقّة ومشروعة، وتتمثل برفع الحصار عن قطاع غزّة المفروض منذ 8 سنوات، والذي يتحكم بكل شاردة وواردة، ويحاصر الشعب الفلسطيني من كل الاتجاهات والمجالات.

وعن العمل السياسي والدبلوماسي للمقاومة الفلسطينية الذي يجب أن يواكب الإنجازات الميدانية والحراك قال الرفاعي: «لا بدّ من الفصل بين قيادة المقاومة، وبين قيادة السلطة، لأن قيادة المقاومة تعاني حصاراً، وللاسف النظام العربي الرسمي يمارس حصاراً على قيادات المقاومة لأن بعضه يعتبر أن القضية الفلسطينية تشكّل عبئاً عليه، ويجب التخلص منها، كونها تشكل بارقة أمل بالقضاء على المشاريع الأميركية ـ «الإسرائيلية» في المنطقة، وعلى قوة «إسرائيل في المنطقة». أما الرئيس محمود عباس فهو قادر على أن يقوم بجولات خارجية، وأن يمارس الضغط على الدول العربية من أجل الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني».

وتابع: «أعتقد أن الخطاب السياسي للرئيس محمود عباس، وبيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، يأتيان في سياق توحيد الجهد الفلسطيني على رغم بعض التشكيك في البيان بأن له أهداف سياسية، وعلى رغم التشكيك في مدى جدية الرئيس عباس». مؤكداً أنّ لا دولة عربية قادرة على استقبال القيادات الفلسطينية الثلاث، أي خالد مشعل ورمضان عبد الله شلّح ومحمود عباس، وأيضاً القرار المصري ليس جاهزاً لدعوة الفصائل الفلسطينية لأن تجتمع وتتحاور، ومعظم العواصم العربية مغلقة أمام اجتماع الفصائل الفلسطينية.

حماس ومصر

وعن الخلاف بين حركة حماس والنظام المصري الحالي، والذي سيؤثر على نجاح المبادرة المصرية قال الرفاعي: «من يقاوم الآن هو الشعب الفلسطيني كلّه في غزّة، ومن يُقصف ويُضرب هو الشعب الفلسطيني لا فصيلاً بعينه، وكل الشرائح والأحزاب في خندق واحد، والتعامل مع الشعب الفلسطيني يجري ضمن سلة واحدة، واعتبار الشعب الفلسطيني هو حماس نظرة خاطئة. يجب أن ننسى كل خلافاتنا مع أي نظام عربي لا سيما مع مصر، لأن التهديد «الإسرائيلي» لغزّة هو تهديد للأمن القومي المصري، والقضاء على غزّة هو عبث بالأمن القومي المصري، والأمن القومي العربي، وغزّة الآن تقف سداً منيعاً في وجه كل مشاريع التوسعية الصهيونية التي تريد أن تفتّت الأمة، ويجب أن نتّحد أمام العدوان والقتل وأن تتناسى كل الدول العربية خلافاتها وتواجه مع قوى الممانعة».

سورية الداعمة أبداً

وعن الموقف السوري من العدوان لفت الرفاعي إلى خطاب الرئيس الأسد الأخير قائلاً: «كان الخطاب واضحاً في دعم الشعب الفلسطيني، وقال الرئيس الأسد إنه إذا كان هناك خلاف مع فصيل معيّن، فهذا لا يعني أننا لا نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وإلى جانب مقاومته. هذا رقيّ في النظرة إلى القضية الفلسطينية».

وعن عقدة المرجعية الإقليمية للتهدئة وتشتّتها بين مصر وقطر وتركيا قال: «هناك انقسام عربي واضح، والأكثر أسفاً أن ينعكس على ما يجري في غزّة، وأن تصفّي الدول العربية خلافاتها على حساب القضية الفلسطينية. ولا مرجعية عربية منذ زمن، والجامعة العربية كل قراراتها لم ترتق إلى مستوى التنفيذ في دعم الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه.

أخطر ما يخشاة الأميركي و«الإسرائيلي» وجزء من النظام الرسمي العربي، إحياء روح الوحدة والهدف باتجاه القضية الفلسطينية من جديد. وجزء من العرب متواطئ على القضية الفلسطينية، وهناك دعاية إعلامية لتشويه صورة المقاومة».

وعن الدور المصري أشار إلى أنّه لا يمكن بحكم الجغرافيا أن نستغني عن الدور المصري، بغضّ النظر عن موقف مصر. وأيّ هدنة أو اتفاق أو حوار إذا لم تكن مصر طرفاً فيها، لن تنجح. وما نطلبه الآن تعديل الورقة المصرية وإعادة صوغها، ولا يمكن أن نقدم للصهيوني طوق نجاة». متسائلاً: «أين ذهب حصار غزّة؟ ودخول المواد الغذائية والطبية ورفع الغبن، ومتى يوقف العدوان «الإسرائيلي»؟ الصواريخ التي تمتلكها المقاومة تشكّل رعباً حقيقياً، وتوجّه رسالة بأن إردة الحياة لدى الشعب الفلسطيني باقية وقادرة أن تبتدع ما يؤثر في كيانه رعباً وقلقاً، واستطاعت أن توصل الرسائل بأننا لن ننكسر ولن نستسلم مهما بلغت الضغوط والتضحيات».

وعن صرف النصر العسكري في السياسة وإذا كان سيوظّف كورقة لدى حماس قال: «ليس عيباً أن تُرفع أسهم الاخوة في حماس، ونحن معنيون بأن تبقى حماس جزءاً أساسياً في المقاومة، ونشعر بقلق أن يُحوّل النجاح العسكري إلى خسارة سياسية، ولن نسمح لأحد أن يحوّل النصر العسكري إلى هزيمة سياسية، ولا أن يصبح محطّ تجاذب بين هذا النظام العربي أو ذلك، وحركة الجهاد الإسلامي هي التي فرضت ما أرادت في عدوان 2012، وكان الرئيس مرسي والاخوان المسلمون في الحكم في مصر، والآن هناك توافق تام بين كل الفاصائل الفلسطينية لا سيما بين حركتي حماس والجهاد، بأن تكون الأهداف واحدة ومشتركة ولن نسمح لأحد باستغلال تضحيات شعبنا، ونحن شركاء في النصر وسنكون في خدمة شعبنا ومصالحه ولا يمكن أن نسمح بتقوية هذه الدولة أو تلك ليكون لها دور أو نفوذ سياسي هنا أو هناك».

وعن علاقة حماس بسورية ودور حركة الجهاد في ذلك قال: «لعبنا دوراً مهماً في هذا الموضوع، وكنّا نقرأ الواقع العربي بشكل جيد، والاستهداف الواضح من قبل الولايات المتحدة والغرب للمنطقة. وأتى بوش بجيوشه إلى المنطقة لفرض شرق أوسط جديد الذي أفشلته المقاومة في لبنان وفلسطين. وذهب بوش وطاقمه إلى مزبلة التاريخ. ثم أتى أوباما بقفازات وفقاً لرؤية الإدارة الاميركية بأن يكون التدخل أقل خسائر بشرية وأقل كلفة مادية. وأن يكون الشعب العربي وقود هذا المشروع. وهناك تحريض طائفي ومذهبي للتحريض على المقاومة، السياسة التي أتت إلى المنطقة كنّا نقرأها مبكراً، والكيان الصهيوني وضع في أزمة، وجودية والإدراة الاميركية كانت تسعى إلى إعادة إحياء المشروع الصهيوني من جديد ونفوذه من خلال ضرب كل مقومات الأمة، وكنا نقول إن التدخل في الشأن السوري ليس في مصلحتنا، وليس في مصلحتنا أن نكون جزءاً من هذا التجاذب. هناك خلاف سوري داخلي، والسوريون قادرون على حله، ويجب ألا نتدخل وأن نقبل لأحد أن يتدخل، وكنا نقول لا حل في سورية إلا سياسياً، وإنّ هناك استهدافاً واضحاً للمقاومة في المنطقة وللدول التي تدعم خيار المقاومة، وأن تدفع أثمان وقوف هذه الدول إلى جانب المقاومة، وليس لدينا كفلسطينيين وكعرب خيارات في ماجهة العدو «الإسرائيلي» إلا أن نكون كلنا في خندق واحد في وجه هذا العدو».

وأضاف: «لم يعد خافياً على أحد أنّ سورية داعمة للشعب الفسطيني ومقاومته منذ زمن، وفتحت أبوابها لحركات المقاومة لا سيما الجهاد وحماس. ولا يجوز لأحد أن يتنكر للدور السوري في دعم المقاومة، والموقف السوري الداعم للمقاومة هو الأهم في ظل تخلّي أنظمة عربية كثيرة عن دعمها الشعب الفسطيني».

العلاقة مع ايران

منذ قيام الثورة الإيرانية، كانت إيران داعمة للشعب الفلسطيني، وهذا طبيعيّ في موقفها واستمرارية موقفها في دعم الشعب الفلسطيني ودعم خياراته ولم يطرأ أي تغيير.

وعن الاتصال الذي أجراه السيد حسن نصر الله بخالد مشعل ورمضان عبد الله شلّح قال الرفاعي: «كان الحديث تأكيداً على التضامن والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطين، وأنها جزء لا يتجزّأ من المقاومة التي يجب أن تبقى موحّدة في مواجهة العدو. وأيضاً تناول الوضع الميداني وما تحقّقه المقاومة وإمكانياتها وقدراتها واستمرارية التنسيق والتعاون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى