عباس يلتحق بالحلف المصري ـ السعودي… ومشعل يعوّم المحور القطري التركي
تدرك الولايات المتحدة الأميركية، كلما تأخر وقف العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة الأبية، ستفجّر انتفاضة ثالثة في الشارع الفلسطيني، وهي لذلك تستعجل الحل للوصول بأسرع ما يمكن إلى إيجاد مخارج تهدئة، ومن هذه المخارج ممارسة وزير الخارجية الأميركي جون كيري ضغوطاً على الكيان الصهيوني للتراجع عن مطالبها وتقديم تنازلات، بعدما أبدت المقاومة صلابة في الميدان وفي المواقف. خصوصاً وأن الحرب بدأت تصبح مكلفة على الأميركيين وحلفائهم من العرب، بعدما بات محور الممانعة أكثر صلابة بفضل دعمه لفصائل المقاومة سياسياً و»صاروخياً». وجوهر هذا المحور قضية فلسطين.
ولكن ما يثير قلق هذا المحور وجود مسألتين في غاية الأهمية من الناحية الاستراتيجية:
أولاً، استعجال السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، إلى ايجاد قواسم مشتركة مع كل من مصر والسعودية والتحالف مع مشروعهما لتصفية القضية الفلسطينية، وهذا لن يتم من دون وقف العدوان «الإسرائيلي»، والعمل على تهدئة الشارع الفلسطيني قبل انفجار الانتفاضة الثالثة.
ثانياً، كان لافتاً للرأي العام الفلسطيني والعربي المؤتمر الصحافي لخالد مشعل، وخطورة طروحاته على القضية الفلسطينية، من خلال التفسير على أن العدوان هو شأن انتخابي «إسرائيلي»، وهو الأمر الذي يقلل من دور المقاومة، وينتقص من قيمتها في التصدي للعدوان من جهة، وأيضاً تعويم الدور القطري- التركي في أي حل تهدئة يحصل في المستقبل واعلان استعداده لهدنة إنسانية.
فلماذا يدخل مشعل المقاومة في «زواريب» التوجه المصري- السعودي، والقطري – التركي،على رغم أن التوجهين يعملان على تصفية القضية الفلسطينية؟
في ضوء ذلك، استمرت الحرب بسبب تعقيدات تتعدى الصراع العسكري في ظل ظروف تحاول أطراف عدة استغلالها وجني مكاسب سياسية.
لا تهدئة إلا بتحقيق الشروط الفلسطينية، تقول المقاومة. شروط يراها الكيان الصهيوني مستحيلة. يعلن ذلك الوزير «الإسرائيلي» يعقوب بيري الذي شغل سابقاً منصب رئيس جهاز الشاباك.
معركة عضّ الأصابع مستمرة إذاً، مع فارق أن استمرار العدوان بات يضغط على «إسرائيل» وأميركا ويحسّن شروط الفلسطينيين. شروط لم تعد المقاومة وحدها من يرفع لواءها. السلطة الفلسطينية باتت تضع هذا السقف الذي أصبح موضع إجماع وطني.
لكن ما يجعل هذه الجولة من العدوان «الإسرائيلي» هي الأطول مقارنة بسابقاتها لا يكمن فقط بإصرار المقاومة على تحقيق شروطها، و»إسرائيل» على تحقيق أهدافها. لمصر حساباتها مع حماس. لا تريد القاهرة إعادة تعويم الحركة الإسلامية في غزة، بينما تصر المقاومة بجميع فصائلها على أن تضحيات الشعب الفلسطيني لن تذهب هدراً.