الباب اللي يصدّ ما يردّ
بلال شرارة
مبروك… نال سعادة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي المنتهية ولايته شيكاً بقيمة 2 مليون دولار من دولة خليجية كتعويض نهاية خدمة. وهكذا فإنّ اجتماع العرب على انتخاب أحمد أبو الغيط أميناً عاماً لجامعة الدول العربية مع ملاحظة التحفظ القطري على شخصه يستدعي منا القول: الله يساعده على إنجاز مهمته الشاقة في هذا الزمن العربي الرديء المستمرّ على هذا النحو منذ ما قبل الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982.
يحتاج الأمين العام الجديد لوقت طويل لإزالة الآثار المدمّرة لسلفه نبيل العربي الذي يختتم مهماته على طريقة آخر الصحن قرقعة عبر إغماضه عينيه عن جداول أعمال وأسلوب إدارة اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب، خصوصاً الأخير الذي اعتبر حزب الله إرهابياً مع ملاحظة التحفظ اللبناني والعراقي والجزائري – والذي يختتم مهماته – بعد أن عبّر دائماً عن سياسات تتجاوز على مصر الدور وليس مصر الدولة وفي أيامه بدأ التفكك العربي، وصار عندنا أكثر من سودان، وجرى غزو العراق مجدّداً، وجرى تقديم غطاء عربي لتمزيق ليبيا على النحو الجاري، والحرب على سورية، و جرى إخراج سورية من الجامعة العربية، والحروب في العراق وعليه، وإعلان ولاية «داعش» على مساحات واسعة من سورية والعراق دولة، وحرب اليمن و التمرّد في البحرين، وصولاً إلى الوقائع الليبية وزعزعة الاستقرار في ليبيا والجوار الليبي. واستطاع العربي أن يكون عابراً لعهود مبارك ومرسي وصولاً إلى الرئيس السيسي، وفي ما تبقى من أيامه سيستكمل العربي وظيفة يهوذا الذي أقبله هو هو فخذوه ، سيستكمل منح الغطاء العربي للانتداب الأجنبي القادم على ليبيا وجوارها، وطبعاً يمكن ملاحظة أنّ الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية استطاع أن يرتب جدول الأعمال العربي بالتجاوز على القضية الفلسطينية، وأن يُبقي على القضية الفلسطينية في أسفل جدول الاهتمام العربي رغم الإجراءات «الإسرائيلية» المتصلة ببناء جدار الفصل العنصري وزيادة الاستيطان ومشروع نتنياهو لتهويد فلسطين والتقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى.
من نافل القول إنّ الأمين العام المنتهية ولايته لم يكن يريد الانتباه إلى أنّ لبنان أصبح الحديقة الخلفية التي يجري في مرآتها القياس النظري لقوة القوى المسيطرة العربية والإقليمية في الحروب الباردة الجارية على مساحة الشرق الأوسط الموسّع الآن ستقع، ربما ستقع على عاتق معالي أحمد أبو الغيط مسألة تعميم وعي حول تعريفات مثل: جامعة، الدول، العربية، والسوق، العربية المشتركة، والعمل العربي المشترك، والأمن القومي العربي. أيام نبيل العربي كدنا ننسى أننا عرب، حيث لم يبق من الجامعة العربية إلا وعاء لتقديم غطاء للانتداب الأجنبي على بلادنا، وتشريع تقسيم المقسّم وتنظيم الفتنة المذهبية، ومحاولة إعادة ترتيب الأولويات العربية انطلاقاً من المصالح الخليجية.
الآن سيحتاج الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية إلى خطة طريق مصرية لاستعادة الجامعة العربية من الجموح الذي يحاول أن يضعها تحت سيطرة مجلس التعاون الخليجي. يحتاج إلى بوصلة مصر الدور الدولة القائدة لإعادة رسم موقف الجامعة. يحتاج الأمين العام الجديد للجامعة العربية إلى بناء وظائف عصرية للجامعة تلاحظ عالم الاتصال الجديد، الوقت والقضايا والأزمات، فقد اكتفينا من الأخطاء المتصلة بأخطاء الإدارة السابقة للجامعة، للوقت والأمكنة والموقف أقول لقد انتهت مرحلة نبيل العربي غير مأسوف عليها، وربما على وجه أحمد أبو الغيط تختلف الأمور. فالدنيا أعتاب ووجوه كما يُقال، فسورية الآن على أبواب الخروج من الحرب، والعراق على أبواب تحرير الموصل، واليمن على أعتاب عودة المكونات اليمنية إلى مفاوضات جنيف والمحادثات السعودية الحوثية على قدم وساق، والانتخابات الرئاسية اللبنانية قد أينعت وحان قطافها. ربما انتخاب أمين عام جديد لجامعة الدول العربية أمر يمثل إعلاناً عن انتهاء المرحلة الضبابية في التاريخ العربي، هل تراني متوهّماً، وأنني ربما اعبّر عن تفاؤل مبالغ فيه؟
في كلّ الحالات لا بأس من كسر بضعة أباريق خلف نبيل العربي . وكما يقول المثل الشعبي الباب اللي يصدّ ما يردّ .