ورد وشوك
«حارتنا ضيقة وبنعرف بعض»…
قول سمعته خلال سجال دار بين شخصين كان غرض مردّده تحجيم الآخر وإيقافه عند حدّه. لكنه وقع في نفسي موقعاً مختلفاً تماماً. أحسست بدفء مبعثه، تخيّلت تلك الحارات الضيقة العتيقة يتسلّق على جدرانها أغصان شجرة اللبلاب والمجنونة بجنونها وألوانها الرائعة وأحواض يتفتح فيها الشابّ الظريف أمام أبواب البيوت ورائحة الياسمين وزهر النانرج تنبعث من نوافذها.
بيوت متقابلة وأسطح متلاصقة ولهفة الجيران على بعضهم، وتفشّي السلام بينهم والسؤال والاطمئنان، وتقارب يخلق وحدة الحال تترجم بهذه المقولة، وهي حق يراد به باطل، المهم أين نحن اليوم من هذا القول؟
شوارع عريضة حديثة وأبنية شاهقة وأبراج أنيقة وحدائق واسعة جميلة نفّذت بعناية فائقة. حضارة لا بدّ منها توفّرت فيها وسائل الراحة والرخاء، لكنها غالباً ما تخلو من الدفء والحنان.
رحم الله زماناً كانت فيه حاراتنا ضيقة… و«بنعرف بعض»!
رشا مارديني