القرار 2254: التفاوض بوفد معارض موسّع… وشراكة تحترم الدستور المطامر بالتراضي في برج حمود والتغاضي في خلدة… فماذا عن الرئاسة؟
كتب المحرّر السياسي
يدرك المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أن المسافة الشاسعة التي تفصل بين أطروحات الوفد السوري الرسمي ووفد جماعة الرياض ليست مسافة فكرية وتبايناً في الاجتهادات، بل هي تعبير عن التموضع المختلف للفريقين على ضفتين متقابلتين في النظرة للحل السياسي، ومن ضمنها وظيفة التفاوض والوفد المفاوض، فعلى ضفة دولة سورية تمارس مسؤولياتها السيادية ونظرتها لاستقلالها حتى مع الحلفاء، وتحظى بدعمهم كي تبقى سورية دولة سيدة مستقلة، وعلى الضفة الأخرى واجهة سورية لقوى خارجية تنتهي مهمتها، كما هو مقرر بأن تقدّم الغطاء للتدخل الخارجي عسكرياً كان أم سياسياً. وكذلك في التفاوض وفد يقيم حساباته على ما يراه مطابقاً لمفهوم السيادة والاستقلال، ويمارس حركته بحسابات ومنطلقات سيادية مستقلة، ويلقى الدعم الحليف على أساسها، ووفد ينتظر التعليمة، التي تاه مصدرها بعد التغيير الناشئ في الميدان السوري، ومخاطر العودة إلى المواجهة إذا فشلت المفاوضات، ويُفترض أن يستكشف آفاقها وزير الخارجية الأميركية جون كيري في زيارته موسكو خلال أيام ليعود بالتعليمة الجديدة لوفد جماعة الرياض، الذي بدأ بملء الوقت الضائع بانتظار عودة كيري بتقديم أوراق تفصيلية عن مجالس يفترض أن تتبع لهيئة الحكم الانتقالي ويلقى الاستحسان من المبعوث الأممي دي ميستورا، الذي فرح بما يملأ الوقت الضائع، وهو شخصياً ضائع يحتاج لما يغطي وقت الانتظار الطويل دون الإعلان عن الفشل، وهو الذي بدل المواقف والحسابات، بناء على التوازنات التي يدرك أنها تغيرت كثيراً بين لحظة بداية مهمته والسيطرة الأميركية المطلقة على جدول أعماله، وبين اللحظة الراهنة حيث تنتقل المبادرة السياسية بعدما انتقلت المبادرة العسكرية إلى اليد الروسية.
عواطف وميول دي ميتسورا لجماعة الرياض ليست جديدة، ولا لمشغلها الأميركي، لكن ما بيده حيلة فهو ملزم أن ينتظر، ولا يستطيع أن يخدم عواطفه بغير ابتسامات الاستحسان ووصف «الموضوعية» يطلقه على ورقة جماعة الرياض، بينما أمامه القرار الأممي 2254، وما فيه من وضوح لضرورة تشكيل وفد معارض شامل التمثيل كل مكوّنات المعارضة دون استثناء. ومن إصرار على اعتماد صيغة شراكة في الحكم تنطلق من المعايير السورية الوطنية، أي تحترم الدستور السوري الذي لا مكان فيه لهيئة حكم تتسلم صلاحيات الرئيس والحكومة، بل لحكومة في ظل الرئاسة، تتولى إدارة الحرب على الإرهاب والإعداد لدستور جديد وانتخابات جديدة.
يمنح دي ميستورا لعواطفه أياماً قليلة، ريثما يعود كيري بالخبر اليقين.
لبنانياً، حيث النفايات تكشف فضيحة النظام السياسي، صارت المطامر مخرج النجاة الوحيد مجدداً، وكما في المشهد أمس سارت المطامر بالتراضي في برج حمود والتغاضي في خلدة، لتحل مكان الترحيل. وكما اعتاد اللبنانيون الربط بين المفردات والملفات، فتساءلوا مع ترحيل النفايات عن ترحيل الرئاسة، يتساءلون اليوم هل في بال أحد مشروع رئاسي يسعى لتسويقه وفقاً لنظرية التراضي في مكان والتغاضي في مكان آخر تمهّد لها النفايات والمطامر مخارج النجاة؟
خطة المطامر إلى التنفيذ
بعد تذليل عقبة مطمر برج حمود وموافقة أهالي عرمون وقرى الشحار على إعادة فتح مطمر الناعمة وفرض مطمر الكوستبرافا كأمر واقع على أهالي الشويفات وجوارها، شقت خطة المطامر طريقها إلى التنفيذ على أن تعمل الشاحنات والآليات ابتداءً من اليوم لرفع النفايات المتراكمة في شوارع العاصمة بيروت وجبل لبنان ونقلها إلى المطامر المحددة وفقاً للخطة التي أقرها مجلس الوزراء حتى تستكمل عملها اليوم.
وفي السياق، أعلن وزير الزراعة أكرم شهيب بعد لقاء فاعليات عرمون وقرى الشحار أن «الأهالي وافقوا على فتح مطمر الناعمة لمدة ستين يوماً فقط لإدخال النفايات القديمة إليه وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية والمشاركة في الحل».
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «خطة المطامر نجحت وسيبدأ العمل تباعاً بجميع المطامر المحددة وفقاً للخطة المؤقتة ولن تحول بعض الاعتراضات الشعبية إلى عرقلتها ريثما تتمكن الحكومة من العمل لوضع دراسة شاملة لخطة مستدامة وشاملة لأزمة النفايات».
أما في مطمر الكوستبرافا، سيبدأ العمل فيه في الأيام القليلة المقبلة بحسب ما علمت «البناء» والذي سيستقبل نفايات الشويفات وضواحيها بما يقارب 1100 طن يومياً إضافة إلى جزء من نفايات العاصمة بيروت بما لا يتجاوز 125 طناً يومياً».
سليم حمادة: سنواجه لكن لن نحرّك الشارع
وأكد مستشار رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان الدكتور سليم حمادة لـ«البناء» أن «الوزير أرسلان لن يتحمّل قرار إقامة مطمر الكوستبرافا بل الحكومة هي التي تتحمّل هذه المسؤولية»، وشدّد حمادة على أن «أرسلان لا يزال على موقفه الرافض لإقامة المطمر في المنطقة ولن يعطيه أي شرعية، لكنه فُرض على أهل الشويفات والقرى المحيطة».
وأشار إلى أن «أرسلان أعلن في الاجتماع الذي حصل في خلدة منذ يومين ويعلن في كل الاجتماعات أننا سنواجه هذا المطمر بجميع الأساليب القانونية والشرعية لكن ليس عبر الشارع، بل بتحرّكات بعيدة عن الاستعراض ومن خلال خطوات قانونية معينة لا سيما عبر الاتحاد الأوروبي ومجلس شورى الدولة والقضاء اللبناني».
واستنكر حمادة تحميل بعض الإعلام أرسلان منفرداً مسؤولية إقامة المطمر، جازماً بأن ذلك لن «يدفعنا إلى تحريك الشارع تجنّباً لمرحلة شبيهة بما حصل في 7 أيار عام 2008، لأن البلد لا يحتمل خضات أمنية تؤدي إلى تهديد الاستقرار الأمني والسلم الأهلي».
انتخاب الرئيس دونه عراقيل
رئاسياً، لن يطرأ أي جديد على صعيد جلسة انتخاب الرئيس الأربعاء في 23 الشهر الجاري التي ستكون على غرار الجلسة السابقة لجهة النصاب والحضور، والتي سيحضرها الرئيس سعد الحريري وسيتكرر النصاب ليقارب 72 نائباً.
ونقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه لـ«البناء» «أنه يبذل جهوداً كبيرة في مستويات عدة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس قبل الجلسة المقبلة». كما نقلوا عنه أنه «لا يزال هناك عوائق محلية وإقليمية ودولية تحول دون انتخاب الرئيس لكنه مستمر في الدعوة إلى جلسات إلى أن يتأمن النصاب السياسي والقانوني والميثاقي للانتخاب كما سيستمر نواب كتلته النيابية بالحضور في المجلس».
خليل إلى واشنطن
على صعيد آخر، وبعيد زيارة الوفد النيابي اللبناني إلى واشنطن، يتوجه وزير المال علي حسن خليل اليوم إلى الولايات المتحدة الأميركية، يرافقه وفد من كبار موظفي الوزارة والمستشارين. وقبل سفره التقى خليل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في إطار تنسيق برنامج عمل الزيارة.
وقالت مصادر الوزير خليل لـ«البناء» إن «زيارته إلى الولايات المتحدة تأتي استكمالاً لزيارة الوفد النيابي اللبناني إلى واشنطن منذ أسبوعين، حيث سيشرح خليل للمسؤولين الأميركيين لا سيما المعنيين بالشأن المالي ووزارة الخزانة الأميركية، طبيعة التركيبة اللبنانية والخلافات السياسية الموجودة وسيؤكد لهم أن المؤسسات المالية والمصرفية اللبنانية ملتزمة بكل المعايير الموضوعة ولا يوجد أي مؤسسة خارجة عن القوانين والضوابط العالمية».
وأضافت المصادر أن «خليل سيوضح أيضاً للمسؤولين الأميركيين حساسية ودقة موقف الحكومة وانعكاس أي عقوبات مالية أميركية على المصارف وعلى الاستقرار المالي الذي يتمتع به لبنان، وبالتالي على الاستقرار الأمني والسلم الأهلي لا سيما أن لبنان يخوض مواجهة مع الإرهاب».
وشددت المصادر على أن «العقوبات الأميركية المالية محصورة بأشخاص محددين وشركات تعتبرهم الولايات المتحدة مقربين من حزب الله أو يقدّمون له الدعم المالي ولن تطال أي مؤسسة مالية أو مصرفية لبنانية».
إجراء كويتي جديد لا تجديد إقامات
في جديد الإجراءات الخليجية بحق لبنان، كشفت صحيفة «القبس» الكويتية عن «قائمة ممنوعين من تجديد الإقامات في البلاد تضم ١١٠٠ مقيم لبناني وسوري بسبب علاقتهم المباشرة مع حزب الله تعاطفاً وتنظيماً». ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني تأكيده أنه «تمّ إبلاغ عدد منهم بضرورة مغادرة البلاد في غضون شهر كي يتسنّى لهم ترتيب أوضاعهم، فيما «الخطرون» سيتم إبعادهم فوراً».
وقالت مصادر مطلعة في وزارة المالية لـ«البناء» إن «هذه الإجراءات الخليجية المتتالية بحق لبنان لا سيما بعض اللبنانيين العاملين في دول الخليج، لن تؤثر على الاقتصاد اللبناني لأسباب عدة، أولها أن حجم الودائع خليجية في المصارف اللبنانية مضخّم إلى حد كبير، لأن هذه الدول سحبت ودائعها منذ وقت طويل، كما تمّ سحب معظم الودائع الخليجية من المصرف المركزي، بينما السياح الخليجيون توقفوا عن السفر إلى لبنان منذ اندلاع الأزمة السورية».
قاسم: نشجّع السعودية على حلّ سياسي في اليمن
وشجّع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم السعودية على «الحل السياسي في اليمن والخروج من الوحل الذي دخلت إليه، لأنها لو بقيت كذلك أشهرًا وسنوات، فإنها لن تنجح في اليمن»، مؤكداً أن «خروج السعودية من اليمن اليوم أقلّ خسارة لها من خروجها غدًا أو بعد غد، والحل السياسي في اليمن هو لمصلحة الجميع لأن الجميع يمكن أن يقدموا لبعضهم إذا ما سلكوا طريق الحل السياسي، أما العدوان الهمجي الذي تقوده السعودية في اليمن، فهذا لن يثمر إلا المزيد من التصميم على المواجهة وعلى رفض هذه النتائج التي يعمل لها السعوديون».
وفد الهيئات الاقتصادية إلى الخليج
وفي غضون ذلك، يتوجه وفد من الهيئات الاقتصادية إلى الخليج للقيام بجولة على دول مجلس التعاون لتوضيح الموقف اللبناني، وتحديداً موقف رجال الأعمال اللبنانيين، مما آلت إليه العلاقة بين لبنان وأشقائه الخليجيين.
وكان رئيس الحكومة تمام سلام قد استقبل أمس، رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق عدنان القصار على رأس وفد في السراي الكبير، حيث تمّ البحث في التحديات التي يواجهها لبنان، خصوصاً في ضوء الأزمة القائمة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي.
30 إرهابياً من عين الحلوة إلى الرقة
أمنياً، عاد مخيم عين الحلوة إلى الواجهة وسط معلومات عن انتقال مجموعة كبيرة من الإرهابيين من الفلسطينيين من المخيم إلى الرقة السورية للقتال إلى جانب تنظيم «داعش».
وفي السياق، أكدت مصادر في اللجنة الأمنية العليا في المخيم لـ«البناء» أن «ما بين 25 و30 شخصاً انتقلوا إلى الرقة السورية والتحقوا بتنظيم داعش، جميعهم من الفلسطينيين».
وكشفت المصادر أن «هؤلاء الأشخاص خرجوا من المخيم من خلال عملية تهريب منظمة وليس عبر المرفأ أو مطار بيروت ولا عبر المصنع، بل عن طريق خط عسكري يُستعمل للتهريب عبر الحدود مع سورية وخط آخر عبر البحر المتوسط إلى تركيا ومنها إلى الرقة».
كما كشفت المصادر أن «اللجنة الأمنية العليا في المخيم سلّمت الأجهزة الأمنية اللبنانية أسماء 8 متورطين بعملية التهريب وأن اللجنة في المخيم تعمل لإلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى الأجهزة اللبنانية»، مشيرة إلى أن «التواصل بين قيادة داعش في الرقة والتنظيمات المتطرفة في المخيم يتمّ عبر هؤلاء الوسطاء الذين ينتمون إلى منظمات تدور في فلك الفكر الداعشي المتطرف كجند الشام وفتح الإسلام ومنظمة بلال بدر وكتائب عبدالله عزام الذين يتبعون أجندات خارجية».
ونفت المصادر «أي توسع لهذه الحالة المتطرفة داخل المخيم، بل تخضع للرقابة الدائمة من الأجهزة الأمنية في المخيم التي هي على تنسيق مستمر مع الأجهزة الأمنية اللبنانية».