ذكّر إن تنفع الذكرى
في قلب الحرب التي شُنّت عام 2012 على غزّة، توقّعت أن يُحقّق النصر على الاحتلال والعدوان، لكنني خشيت أن يُجيّر النصر لحساب الهوية الأخوانية لحركة حماس، بدلاً من هويتها المقاومة. وتطلعت صوب معنى أن تتقدم حركة الجهاد الإسلامي التي لم تخطئ بوصلتها الفلسطينية نحو موقعها في صراعات المنطقة، خصوصاً موقفها العقلاني من الأزمة السورية، لكنني أبديت الخشية الأكبر من أن يترتّب على نصر غزّة أو هزيمتها المفترضة في عقول «الإسرائيليين» نتيجة واحدة، تتمثل في أن تدقّ ساعة الأردن كوطن بديل. وأعيد اليوم نشر المقالين لقناعتي بضرورة إعادة التحذير وإعادة القراءة.
غزّة والأردن وحماس؟
ليس صدفة انفجار الأردن داخلياً بعد قطع إمداد الوقود المصري ورفع الأسعار، وما قالت «واشنطن بوست» إنه دعم إخوان مصر لإخوان الأردن لتفجير انتفاضة توصلهم إلى السلطة. ولا صدفة التصعيد العدواني على غزّة لاستغلال ما يجري في سورية وخروج حماس وأخذ النصيب «الاسرائيلي» وهو الاستفراد بغزّة.
غزّة ومصر تحت سلطة المرشد العام للاخوان، ومشروع السيطرة على الأردن وسورية تحت قيادته وأمامه خياران:
ـ أولوية فلسطين وما يستدعيه من توظيف لقدرات مصر لنصرة غزّة وما يرتّبه من تصاعد في التوتر مع كل من «إسرائيل» والخليج وأميركا والغرب وتركيا حلفاء الحرب على سورية.
ـ أولوية السلطة الاخوانية في الأردن وسورية على مستقبل غزّة والتذرّع بالظروف القاسية لمصر وعمر الثورة الطري لمواقف رفع عتب مثل مواقف مبارك، سحب سفير، وبيان قوي واجتماعات جامعة ومجلس أمن. الفارق أن «إسرائيل» تعرف الاخوان أكثر مما يعرفونها. «إسرائيل» تقول غزّة ثمرة ناضجة ووقت قطافها قد حان، والاردن وطن بديل بقيادة الاخوان سيُسكت حماس، وخروجها من سورية إلى الخليج دليل طاعتها الاخوانية.
حماس أمام امتحان خيارها المقاوم أو انتمائها الاخواني
في 15/11/2012
غزّة والجهاد وسورية
بقي الناس يعتبرون أنّ غزّة هي حماس حتى وقعت الحرب، فظهر أن منظومة الصواريخ التي توجع تل أبيب هي التي بقيت بيد الجهاد بعدما دمر الاحتلال غالبية ما لدى حماس.
الجهاد انكفأت عن الأزمة في سورية، واكتفت بالقول إنها تدعو إلى حفظ مقدرات سورية وشعبها وجيشها عبر الحل السياسي، وأنها لن تنسى ما قدّمته سورية للمقاومة وفلسطين.
استعدت الجهاد لحرب كانت تراها آتية لتوظيف الفوضى العربية لحساب «إسرائيل»، واستغلال انشغال سورية ومحور المقاومة بما يجري فيها.
الجهاد تسأل حماس دائماً لماذا يميّز الغرب والعرب بينكم وبين اشقائكم الأخوان المسلمين في سورية. فالمال والسلاح لهم حلال وعليكم حرام؟ والذين يحبون اخوان سورية يكرهون الدولة السورية ويحبون «إسرائيل»، والذي يؤيدون قتلكم على يد «إسرائيل» يعتبرون القتال ضد اخوانكم السوريين جريمة حرب ويدعون إلى تسليحهم على رغم دعوة الدولة السورية إلى الحوار معهم ووقف القتال؟
حماس لا تجيب، وترى أنّ مصر ستغيّر معادلة غزّة.
الجهاد تقاتل وتنتصر، وغزةّ معها وحماس أيضاً، لكن مصر تتكلم كما كان يتكلم مبارك؟
غزّة جديدة ستولد من رحم الحرب.
في 16/11/2012