«إسرائيل» إنْ إنسحب الروس أم لم ينسحبوا؟
علي جانبين
إذا كان التسليم باعتبار الحديث عن انسحاب روسيا من سورية نوعاً من ترتيب الأوراق لامتلاك المزيد من القوة في الحرب والمفاوضات لروسيا وسورية وحلفائهما يعني المزيد من القلق لكلّ من خصوم هذا التحالف، وخصوصاً لـ إسرائيل التي لا تريد أن ترى الرئيس السوري بشار الأسد منتصراً، ولا تتقبّل فكرة أن يخرج حزب الله رافعاً شارة النصر، فلماذا نواصل مناقشة هذه الفرضية معهم ولنشاركهم فرضية أنّ الانسحاب حقيقي وفعلي، كما يبدو أنّ الأمر يفرحهم، وكي نعرف ماذا يعني هذا الإنسحاب يكفي أن نعرف كيف تقرأه إسرائيل .
فكيف قرأت إسرائيل سحب روسيا لبعض قواتها الحربية من سورية؟
القدر المتيقّن في إسرائيل أنها فوجئت وآخرين بالقرار الروسي. لكن ما يقلقها أنها لا تدرك حتى الآن مفاعيل هذا القرار وأثره على المعادلة في الساحة السورية، وفي مقابل إسرائيل . على هذه الخلفية، تأتي دعوة رئيس أركان جيشها الجنرال غادي ايزنكوت للتواضع والحذر في تقدير المآلات، وعلى الاساس نفسه، تتعدّد تقديرات المعلقين الذين يجمعون على القلق من سيناريو أن يؤدّي الانسحاب الروسي الى فراغ تملأه إيران وحلفاؤها في المنطقة، وهم هنا جميعاً يتحدثون بلغة المخاوف.
لكن ما هي مخاوف إسرائيل الحقيقية من هذا الانسحاب وماذا تركت في المواقع الاسرائيلية من تحليلات حول هذا الموضوع؟
المخاوف الإسرائيلية التي انتشرت قابلها عدد من التحليلات في المواقع الاسرائيلية الشهيرة كـ التايمز أوف إسرائيل وإذاعة i24news ، رأت أنّ إيران وحزب الله يشعران بضغط أكبر لدعم الحكومة السورية بعد الانسحاب الروسي، وأنّ هذه الخطوة الروسية أثارت تساؤلات حول درجة الدعم الذي سيواصل الكرملين تقديمه للأسد، وأنّ هناك أيضاََأسئلة حول ما إذا كانت إيران وحزب الله يمكن أن يتحمّلا عبئاً إضافياً في غياب روسيا، ما سيجعل سورية تعتمد مرة أخرى على إيران بشكل كبير جداً بعد أن أنفقت روسيا نحو 800 مليون دولار خلال حملتها العسكرية الأخيرة، ويزيد بالتالي الضغط على الحزب الذي سيعود ليلعب الدور الأكبر في المعارك.
إذاً… يمكن القول إنّ الخشية الحقيقية في تل أبيب الآن بعد الانسحاب الروسي الجزئي من الأجواء السورية هي أن يدخل الإيرانيون مكانهم بكلّ قوة ويصبحون أصحاب التأثير الأكبر على الساحة السورية والجوار ودون أيّة كوابح، فالإيرانيون هم الذين قاموا بخطوات محدّدة بهدف تشتيت الانتباه الإسرائيلي ، وقد يعيدون المناوشات إلى شمال هضبة الجولان.
من جهته اعتبر الخبير العسكري الإستراتيجي في معهد السياسات في هرتزليا الجنرال موشي مارزوك أنّ عودة قوات حزب الله إلى لبنان كفيلة بإحداث حراك على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وهو ما سيدفع بالجيش الإسرائيلي لإعادة التفكير مجددا تجاه الجبهة الشمالية .
انّ كلّ هذه الوقائع والتغيّرات التي بدأت في انسحاب بعض القوات الروسية من سورية وصولاً إلى الحضور الإيراني الكبير وحزب الله على الساحه السورية لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل أو تغفل عن كلّ هذه التطورات التي تسبّب لها المزيد من القلق الذي يجعلها تعيد الحسابات من جديد في ما يخصّ جبهة الجولان السوري وجنوب لبنان كما يقول الخبير العسكري في موقع ويلا الإخباري الإسرائيلي .
هذا إذا كان انسحاباً فكيف إنْ لم يكن؟