صحافة عبرية
كشف مناحيم ناحيك نفوت، الشخصية الأمنية الأسطورية في «إسرائيل»، وهو الذي تبوّأ مناصب رفيعة في جهاز «الموساد»: نائب رئيس الجهاز، ورئيس شعبة «تفيل»، ومعناها بالعربية العالم ، للعلاقات غير الرسمية مع الدول العربية والأجنبية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع «إسرائيل». الموقف «الإسرائيلي»، بحسبه، في ما يتعلق بالدول الخليجية، يعود إلى عقودٍ مضت، فالسعودية ليست عدواً، وهو ما تبلور في «إسرائيل» في ستينات القرن الماضي، على حدّ قوله للقناة الثانية في «التلفزيون الإسرائيلي».
نفوت لم يكتفِ بالإشارة إلى الموقف «الإسرائيلي» من السعودية، بل إلى موقف الرياض نفسها من «إسرائيل»، وقال: في السعودية أصدقاء وشركاء كثيرون، وهم لا ينظرون إلينا النظرة إلى العدو.
كشف نفوت أنه انضم إلى شعبة «تفيل» عام 1959، الأمر الذي مكّنه من التجوّل في عدد كبير من الدول العربية، حيث وجد فيها عدداً غير قليل من الشركاء والأصدقاء، وتحديداً في شبه الجزيرة العربية والدول الخليجية، وأيضاً في شمال أفريقيا. وفي معرض ردّه على سؤال إن كان السعوديون أعداء لـ«إسرائيل»، أكد نفوت أنهم أصدقاء، وهم يقدّرون جيداً العلاقة معنا، وها هم اليوم يعانون القلق إزاء الصراعات الدينية داخل العالم الإسلامي.
وساق قائلاً: الصورة الموجودة لدينا أن الدول العربية تريد تدمير «إسرائيل»، هي صورة غير صحيحة، وبالتأكيد غير موجودة اليوم، مشيراً إلى أن أصل العلاقة «الإسرائيلية» مع العالم العربي كانت محلاً للصراع لدى العرب، فـ«إسرائيل» دولة منظمة وثقافية وعلى علاقة قوية جداً بأميركا وهي تساهم في استقرار الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، كشف نفوت عن أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق، مناحيم بيغن، هو الذي سمح لحزب «الكتائب» اللبناني بالدخول إلى مخيمي صبرا وشاتيلا، ومكّنه من ارتكاب المجازر بالفلسطينيين.
وسُئل نفوت عن أقسى الاتهامات الموجّهة إليه «إسرائيلياً»، بأنه أعطى الإذن شخصياً وبصفته رئيساً لـ«تفيل»، لحزب «الكتائب» بالدخول إلى صبرا وشاتيلا، وارتكاب المجازر بحق مئات الفلسطينيين المدنيين، لكنه ردّ هذه الاتهامات إلى الحكومة «الإسرائيلية» نفسها، وقال إن «الموساد» توقع ارتكاب المجازر، لكن رأي الجهاز لم يكن يعني الحكومة كثيراً، لأن الجيش أفهمها بأن «الموساد» لا يفهم الساحة اللبنانية وغير قادر على فهمها، وبعدما قضى بشير نحبه، كان يتعين القيام بأمر ما، إذ مثل مقتله فرصة جيدة للدخول إلى بيروت واحتلالها، كانت هناك نية لدى القيادة «الإسرائيلية» لاجتياح بيروت، وما حدث مجرّد إلصاق التهمة بي، قال نفوت.
وكشف النقاب عن أن «إسرائيل» أعدت لغزو لبنان قبل عام 1982 بسنوات، لكنها انتظرت فقط الذريعة، وقال: أتذكر أنه بعدما اكتملت الاستعدادات للحرب، وقف بيغن وإلى جانبه وزير خارجيته إسحق شامير، ليقول إننا سنتوجه إلى بيروت، وسندمر ونحطم وسيحيى شعب «إسرائيل»، بحسب تعبيره. وشدّد على أنه عارض «حرب لبنان الأولى»، لكنه تساءل في المقابلة: ماذا كان يمكنني أن أفعل، هل أقفز من المبنى إلى الشارع؟ وهل كان ذلك سيمنع الحرب؟
وأضاف: لقد عارضنا، لكن لم يكن لمعارضتنا أثر، الجميع يتهم «الموساد» بحرب لبنان عام 1982، لكن ماذا كان بالإمكان فعله؟ وكيف أتحدث مع الأرامل والأيتام وأقنعهم بأننا كنا ضد الحرب؟ هل سيصدقني أحد؟ بالنسبة إليهم وبالنسبة إلى الجميع، «الموساد» هو المسؤول عن كل شيء، قال نفوت.
الجدير ذكره أن نفوت عمل أيضاً في منصب أمين سرّ لجنة المصالح السرية في «الموساد»، ومساعداً شخصياً لرئيس الجهاز مائير عاميت، ومن بين المهمات التي أوكلت إليه مهمة إقامة تحالف ثلاثي بين المصالح السرية لكل من «إسرائيل» وإيران الشاه وتركيا. وكشف نفوت أنه في 1958، اتصل رئيس الاستخبارات الإيرانية بالسفير «الإسرائيلي» في روما، للبدء بعلاقات سرّية بينية، إذ شعر الشاه بأن العلاقات السرّية مع «إسرائيل» ستُعزّز استقرار نظامه، وأن التعاون معها أكثر أهمية من التعاون مع أي دولة شرق أوسطية.
ولفت نفوت إلى أنه في 1969، بعدما عيّن ممثلاً لـ«الموساد» في إيران، تأكد من أن الشاه يعوّل على التعاون مع الأذرع الأمنية والشركات التجارية في «إسرائيل»، وقد ازدهرت بالفعل أعمالهم هناك، وقال للتلفزيون إنه من إحدى مهماتي في إيران كان إخراج اليهود من العراق سراً إلى هذا البلد، عبر كردستان، بمساعدة من الجماعات الكردية.
بعد ذلك، تغيّر الوضع في 1979، بعدما نجحت ثورة الإمام الخميني في إسقاط الشاه، فتبدل الموقف، وفي هذا السياق شدّد نفوت على أنه كان من الشخصيات «الإسرائيلية» التي هربت من إيران بمساعدة من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA ، مع عملية إجلاء الأميركيين في أعقاب الثورة.
في مطلع السبعينات، كشف نفوت، بحث الرئيس المصري أنور السادات، عن وسيلة للبدء بمفاوضات مع «إسرائيل»، لكن «تل أبيب» تجاهلت محاولاته بتكبر، ونتيجة ليأس السادات من ردّ الفعل «الإسرائيلي»، بدأ يبلور عملية عسكرية ضد الدولة العبرية.
وقال نفوت إن السادات لم ينوِ شنّ حرب، بل مجرد عملية عسكرية من شأنها جرّ «إسرائيل» للتحادث معه، وقد نقل لي رئيس الاستخبارات الإيرانية «سافاك» رسالة من السادات، تؤكد أنه يريد التحدث معنا عن السلام، وقد نقلت الرسالة مباشرة إلى المعنيين في «تل أبيب»، ولكن الردّ جاء سلبياً، بحسب تعبيره.
شاؤول قُتل برصاصة في رأسه
ذكر تقرير طبي أعدّه كبير جراحي الدماغ في «إسرائيل»، إلى تعرّض الجندي المفقود في قطاع غزة أورون شاؤول لإصابة مباشرة بطلق ناري في الرأس ما تسبب بمقتله على الفور.
وجاء هذا التقرير خلافاً لجميع تقارير الجيش «الإسرائيلي» السابقة وفق الجنود الذين كانوا يرافقون آرون، حول ظروف إصابته ومقتله، إذ أشارت إلى تعرّض ناقلة الجند التي كان يستقلها لصاروخ فقتل على الفور.
وبيّن التقرير الذي أعدّه البروفسور تسفي رام، وهو من كبار جرّاحي الدماغ والأعصاب في «إسرائيل»، والذي استُدعي لإعداد تقرير في هذا الخصوص على يد الجيش بعد إلحاح من عائلته، إلى أن شاؤول تعرض لإصابة مباشرة بطلق ناري خلال الاشتباكات التي دارت شرق غزة بداية الحرب الأخيرة ما تسبب بمقتله.
وقال رام وفقاً لما أوردته القناة العبرية العاشرة ان الوقائع تثبت دخول طلق ناري من جانب الخوذة التي كان يرتديها شاؤول وخروجها من الجانب الآخر ما يعني تعرضه لإصابة مباشرة بدماغه وبالتالي استحالة بقائه على قيد الحياة.