السيد نصرالله يوجّه رسائل حازمة تمّ تلقفها مباشرة…
مصطفى حكمت العراقي
في كلّ مرة يطلّ فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من خلال لقاء متلفز أو كلمة في مهرجان ما أو أي وسيلة أخرى للتواصل بين قائد المقاومة وجمهورها وعلى مختلف المناسبات والصعد، يكون الجزء المخصّص للملف «الإسرائيلي» هو الأهم والأبرز، باعتبار أنّ كلّ ما يحصل وسيحصل مستقبلاً في منطقتنا من سوء وتدمير ممنهج، يكون الكيان الصهيوني هو من يقف وراءه، باعتباره المستفيد الأول، لذلك نجد أنّ المتابعة «الإسرائيلية» لكلام السيد نصر الله هي الأبرز وأنّ التقارير المسربة من داخل غرف صناعة القرار «الإسرائيلي» تؤكد أنّ ما يقوله السيد يحلل ويناقش ويؤخذ جدياً من الحرف إلى الجملة، وخير دليل على ذلك كيفية تعاطي كيان العدو مع تهديدات السيد في ما يخصّ حاويات الأمونيا وكان تفاعلاً جدياً وعلى أعلى المستويات لجهة معرفتهم بأنّ نصر الله لا يكذب وأنه إذا قال فعل وإذا هدّد نفذ وإذا وعد أوفى والتجارب السابقة تؤكد هذا. لذلك كان التلقف «الإسرائيلي» لما هدّد به السيد نصر الله في لقائه مع «الميادين» سريعاً وغير مسبوق لدرجة التفاعل المباشر وعلى الهواء، بالرغم من أنّ كلام السيد قد لا يحمل شيئاً جديداً بالنسبة إلى تل أبيب لجهة استعداد حزب الله وجاهزيته للدخول في أي حرب مقبلة قد تُفرض عليه، خصوصاً أنّ تل أبيب تعرف جيداً أنّ المقاومة التي تحدّت «إسرائيل» سابقاً بفرض الردع المشترك قادرة وستقدرعلى ردّ أي عدوان صهيوني وهي تمتلك كلّ ما يلزم للانتصار في أي حرب مقبلة. لكن وعلى الرغم من كلّ هذا وصفت وسائل الإعلام «الإسرائيلية» مستوى الكلام بالقفزة الكاملة، وبأنه ليس تهديداً اعتيادياً. فبعد أن رسم السيد نصرالله معادلة ردع جديدة مع العدو «الإسرائيلي» من خلال تأكيده أنّ المصانع البيولوجية والمفاعلات النووية ومستودعات الرؤوس النووية الموجودة داخل المدن أو الملاصقة لها ستكون أهدافاً محقة للمقاومة مستقبلاً في حال تغابى صانع القرار «الإسرائيلي» وخاض الحرب على لبنان، أشار السيد إلى أنّ لدى المقاومة لائحة كاملة بالمصانع والمخازن والمراكز وإحداثياتها الدقيقة، مؤكداً أنّ كلفة الحرب ستكون باهظة على «إسرائيل «وأنّ المقاومة ستخوضها بلا سقف ولا حدود ولا خطوط حمراء، لافتاً إلى أنّ للمقاومة القدرة على أن تضرب أي هدف داخل فلسطين المحتلة.
كلّ هذه الرسائل اهتمت بها وسائل الإعلام «الإسرائيلية» ومراكز الأبحاث كعادتها، ولكن هذه المرة كان التلقي بشكل أسرع مما كان سابقاً، إذ نقلت غالبية المواقع الصحافية «الإسرائيلية» المواقف التي أدلى بها السيد خلال المقابلة، كما اعتبرت أنّ تهديدات السيد لـ«إسرائيل» هي قفزة كبيرة وليست مجرد ارتقاء درجة في مستوى التهديدات. وقال محلل الشؤون العربية في القناة الثانية «الإسرائيلية» إيهود يعري إنّ نصرالله في هذا الوقت لا يرتقي درجة في مستوى التهديدات تجاه «إسرائيل»، إنما قام بقفزة كاملة. وأضاف: في هذه اللحظات بالذات قال نصرالله إنه في «إسرائيل» لا توجد فقط خزانات أمونيا قرب حيفا في المصانع البتروكيماوية التي تستخدم الأمونيا بل توجد عدة مفاعلات نووية ولدينا مخازن أسلحة نووية ومنشآت تخزن نفايات نووية ومخازن رؤوس حربية نووية وما إلى ذلك .
وعلق يعري على كلام السيد عن المنشآت «الإسرائيلية» التي يملك حزب الله لائحة كاملة بها وبمواقعها، بأنه في حال اندلاع حرب «سوف نضرب هذه الأهداف بالصواريخ الدقيقة الموجودة لدينا»، وقال يعري إنّ هذا يعني أنه لا يتحدث عن خزانات الأمونيا بل عن محاولة لضرب مواد نووية موجودة أو غير موجودة في «إسرائيل». وأضاف أنّ لبنان سيدفع ثمناً للحرب لكنّ «إسرائيل» ستدفع ثمناً أكبر.
وختم يعري بالقول: «نصرالله قال لنا إنّ إمكانية الحرب لا تبدو قريبة لكنه ترك لنا التهديد لنفكر به». وقال موقع القناة الثانية «الإسرائيلية»، من جهته، إنّ نصرالله هدّد «إسرائيل» بأنه لن تكون لدى حزب الله خطوط حمراء في أي حرب مقبلة مع «إسرائيل». كما تناول عدد من المحللين «الإسرائيليين» إجابات السيد نصر الله التي وصفوها بأنها كانت واثقة جداً، كما أنّ عباراته تميزت بالصرامة في الردّ على مختلف الأسئلة وهو ما يمثل خطراً متزايداً ومتدحرجاً على «إسرائيل»، بحسب وصفهم. كما تمّ تناول كلام السيد بخصوص وجود مجموعة خاصة بالملف «الإسرائيلي» في حزب الله، وهو ما يمثل فشلاً لمشروع صرف أنظار المقاومة عن جبهة «إسرائيل» بإشغال حزب الله بالقتال في العراق وسورية، وكذلك شيطنة الحزب عربياً وداخلياً وعالمياً، وهذا ما وصفه بعض المختصّين بأنه خسارة للمال والجهد والوقت الذي صرفته «إسرائيل» في دعم مشاريع الربيع، وصولاً إلى هذا الهدف وهو ما سقط بالضربة القاضية، ما يؤكد أنّ حزب الله قادر على خوض أكثر من معركة في آن.
في المجمل، إنّ السيد نصرالله أكد حجم الحرج الذي تعيشه إدارة نتنياهو لجهة عدم امتلاكها الأوراق الكافية لردع المقاومة كما أنه يستمر بشكل مباشر بإرسال ما يريده، برسالة ممتلئة بالكثير من الإشارات مفادها أنّ الحزب يعتقد أنّ «إسرائيل» ليست بوارد خوض الحرب ولكن إن أقدمت عليها فالحزب جاهز لها رغم عدم رغبته فيها كما أنه سينتصر فيها كما انتصر سابقاً، وكلّ ما حدث في السنوات العشر الماضية بعد انتصار تموز لم يثنِ المقاومة عن التهيئة لحرب أشمل وأوسع.