حال العراق الجريح بعد 13 سنة من الغزو الأميركي ـ الصهيوني
هشام الهبيشان
ما زال العراق الجريح منذ 13 سنة من غزو التحالف الأميركي – الصهيوني وبشراكة من بعض العرب، غارقاً بالفوضى والفساد والاحتراب الداخلي المدعوم بأجندة خارجية، ولم نر إلى الآن تلك الوعود الأميركية تتحقق والتي وعدت العراقيين بالديمقراطية والرفاهية والاستقرار والامن إلخ… واليوم بعد 13 سنة نرى ببساطة تلك الوعود الأميركية تتحقق من خلال تقدّم تنظيم «داعش» الإرهابي، في مناطق واسعة بغرب العراق وشماله، ونرى حالة رهيبة من الفساد والظلم والقهر والفقر والجوع والتشريد تجتاح العراق، هذه الأحداث والتداعيات بمجملها ووفق نتائجها الخطرة المنتظرة ألقت بظلالها في شكل واسع بتساؤلات وتكهّنات عدة على الساحة السياسية والعسكرية وفي الشارع العراقي بخاصة، وعلى معظم المتابعين للشأن الداخلي العراقي وخصوصاً بشقيه الأمني والإنساني، فاليوم شكل تمدّد تنظيم «داعش» في شكل دراماتيكي متسارع على أجزاء واسعة من غرب العراق وشماله وسط انهيارات شاملة بصفوف الأجهزة الأمنية هناك، شكل بمجموعة واقعاً جديداً لمجمل الشكل العام للخريطة الأمنية والعسكرية والسياسية العراقية، وأعاد تشكيل واقع جديد لمجمل نتائج وأهداف ما جرى في العراق بعد الغزو الأميركي الصهيوني قبل 13 عاماً.
فاليوم، لا يمكن الحديث أبداً عن حلول تجميلية لنتائج وتداعيات الغزو، ولا يمكن كذلك إلقاء اللوم على أميركا وبعض حلفائها الذين شاركوا في مؤامرة إسقاط العراق، فواشنطن تعترف دائماً بشكل مباشر أو غير مباشر أنّ استراتيجيتها للحرب على العراق هدفها تقسيم العراق، وإنْ أخفت وأنكرت ونفت هذا الحديث، والسؤال أين كان العراقيون من هذا المشروع الذي يستهدف وطنهم؟ وهنا طبعاً لأميركا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتية التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو ـ أميركي في المنطقة العربية.
واليوم، بالعودة الى الشق الإنساني بالداخل العراقي وهو الأهمّ في محور الحديث هنا، فما زال مسار المعارك على الأرض العراقية منذ 13 عاماً يلقي بظلاله المأساوية والمؤلمة بكلّ تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر في شكل مباشر من نتائج الغزو ومساراته الملتوية، فما زالت نار الحرب وإعدامات الميدان والتصفية بالمقار الأمنية ودويّ المدافع وهدير الطائرات تضرب بقوة بمجموعها كلّ مقومات العيش بحدّه الأدنى للمواطن العراقي وبخاصة بمناطق غرب العراق، والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق، يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي، فاليوم في العراق هناك مدن بأكملها لا يوجد فيها لا ماء ولا كهرباء ولا حتى طحين، وإنْ وجد الطحين يوجد في شكل مقنن ويستفيد منه في شكل واسع ما يسمّى بـ«تجار الأزمة أو بتجار الحرب العراقيين» لا فرق بذلك كما يقول العراقيون، فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب في العراق، ولكن بوجوه وصور مختلفة، ومن هنا، فالواضح من حجم الدمار الهائل والخراب والدماء التي دفعها العراقيون كنتيجة لما يجري في العراق منذ 13 عاماً، إنّ الخاسر الوحيد منه ومن كلّ ما يجري في العراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط.
وهنا يمكن القول من الواضح إنه وبعد 13 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني للعراق، وبشراكة من بعض العرب، إنّ مؤامراة الحرب على العراق قد حققت الكثير من أهدافها للأسف، وهذه الأهداف تعكس بشكل أو بآخر حجم المخططات التي كان من المطلوب تحقيقها في العراق من قبل بعض القوى الإقليمية والدولية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للأحداث الميدانية على الأرض مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيو ـ سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الإقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمّياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن «إسرائيل» والطاقة وجملة مواضيع أخرى، وهذا ما يوحي بمسار تعقيد شائك دخله الداخل العراقي.
ختاماً، إنّ تطوّر الأحداث في العراق منذ 13 عاماً، يؤكد بما لا يقبل الشك أنّ مسار وتداعيات مؤامراة إسقاط العراق قد انعكس بشكل مباشر على العراقيين وعلى المنطقة العربية والإقليم بمجموعه، والرابح الوحيد هو الكيان الصهيوني «إسرائيل»، وهنا أودّ أن أطرح سؤالاً ليترك برسم الإجابة عند العراقيين، ومضمون السؤال هنا موجه لكلّ مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا، وهو، العراق الى أين يتجه بعد 13 عاماً من الغزو الأميركي الصهيوني؟ وأين هي وعود الحرية والديمقراطية والرفاهية والأمان والاستقرار التي وعدتكم بها أميركا؟