العراق: هل تنجح مساعي إبعاد المالكي عن رئاسة الحكومة؟
حميدي العبدالله
لا تزال جميع الأطراف التي تعترض على عودة نوري المالكي إلى رئاسة الحكومة العراقية الجديدة متمسكة بمواقفها، ولم يتراجع أي طرف سواء كان عراقياً أو إقليمياً أو دولياً عن اعتراضاته.
هذا الوضع طرح سؤالاً جوهرياً: هل تنجح جهود استبدال المالكي بشخص آخر حتى من داخل تكتله تكتل دولة القانون أم يعود المالكي آجلاً أو عاجلاً إلى رئاسة الحكومة؟
لا شك في أنّ عودة المالكي إلى رئاسة الحكومة هو الاحتمال المرجح للأسباب الآتية:
ـ السبب الأول، كتلته النيابية والتحالفات التي تؤيده ومكنته من جمع عدد من النواب يتجاوز عدد نواب الأكراد وتكتل «متحدون»، والتكتلات الصغيرة الأخرى المعارضة لـه، مثل التكتل الذي يقوده إياد علاوي. كما أن عدد النواب المؤيدين لعودته إلى رئاسة الحكومة، سواء أعضاء تكتل «دولة القانون» أو الكتل الصغيرة المؤيدة له، تفوق أعداد نواب حلفائه في التحالف الوطني من الصدريين أو المجلس الإسلامي الأعلى، وبالتالي فإن هذا الواقع يصعب تجاوزه على الإطلاق، ولعلّه ما يفسر المواقف الحازمة التي أطلقها المالكي في وقت سابق حيال الاعتراضات على عودته وتأكيده أنه سيعود إلى رئاسة الحكومة وليست هناك أيّ قوة تمنعه من ذلك.
ـ السبب الثاني، دعم إيران القوي للمالكي، فحتى هذه اللحظة لا يبدو أن إيران تثق بأي شخصية أخرى من داخل التحالف الوطني ليحل مكان نوري المالكي في رئاسة الحكومة، وبديهي القول إن استمرار الدعم الإيراني لعودة المالكي من شأنه أن يحبط محاولات إقصائه، لا سيما من قبل حلفائه في التحالف الوطني، وإذا تم إقناع أطراف التحالف بدعم عودة المالكي، لا تستطيع الأطراف الأخرى، العراقية والإقليمية والدولية، الحؤول دون ذلك. أما إيران فإنها لا تزال تبذل المزيد من الجهود لإقناع أطراف التحالف بالتخلي عن اعتراضاتهم لتقوية موقعهم التفاوضي مع الكتل الأخرى حول رئاسة الحكومة، والأرجح أن إيران سوف تنجح في مساعيها.
ـ السبب الثالث، أن حجج إبعاد المالكي عن رئاسة الحكومة غير منطقية، فهي تتعارض أولاً مع قواعد اللعبة الديمقراطية البرلمانية، طالما أن المالكي وكتلته هما الكتلة الأكبر في البرلمان مقارنة بجميع الكتل الأخرى.
كما أنّ تحميل المالكي وحده مسؤولية الانهيار الحاصل في العراق على امتداد السنوات الأربع الماضية هو تقدير غير مسؤول ولا يستند إلى وقائع يمكن تبريرها، فجميع الأطراف مسؤولة عن الوضع المأسوي الذي يعيشه العراق وليس المالكي وحده.
هذه الأسباب مجتمعة تؤكد أنّ مساعي إبعاد المالكي عن رئاسة الحكومة العراقية الجديدة لن تتكلل بالنجاح.