هجمات بروكسل: خروج الإرهاب عن السيطرة
حميدي العبدالله
الهجمات التي شنّتها التنظيمات الإرهابية في مدينة بروكسل والتي استهدفت المطار والميترو تؤكد بشكل قاطع ونهائي أنّ الإرهاب شبّ عن الطوق وخرج عن نطاق سيطرة مشغّليه وداعميه.
قد تكون الهجمات الإرهابية التي تستهدف مصر والجزائر وتونس تأتي في سياق مماثل لسياق الهجمات الإرهابية في سورية والعراق واليمن، لجهة التعاون القائم بين هذه التنظيمات الإرهابية وبين الدول التي اعتمدت على الإرهاب لابتزاز الحكومات والدول التي ترفض الانصياع للإملاءات الأميركية والغربية. ولكن هجمات التنظيمات الإرهابية في فرنسا وبلجيكا وهجوم اسطنبول الأخير، تأتي في سياق مختلف، أيّ أنها تستهدف دولاً وحكومات هي جزء لا يتجزأ من السياسة الغربية، ولم يعرف عن هذه الدول اعتراضها على السياسات الأميركية، بما في ذلك سياسة «النوم مع الشيطان» أي التعاون مع الإرهابيين لابتزاز حكومات مستقلة.
حجم عمليات باريس، والآن حجم عمليات بروكسل، تؤكد أن الإرهاب بات يمتلك عدداً من المجنّدين والبيئات الحاضنة، والخبرات القتالية ما يجعله قادراً على الضرب في أيّ مكان يختار.
من المعروف أنّ ثمة حالة من الاستنفار أعلنت في بلجيكا منذ فترة طويلة وتحديداً بعد هجمات باريس، وكانت التقارير الاستخبارية الغربية تؤكد أنّ الكثير من الإرهابيين يتواجدون في بروكسل ومدن بلجيكية أخرى. ولكن حالة الاستنفار لم تحل دون نجاح الإرهابيين في تنفيذ التفجيرات التي استهدفت مطار ومترو بروكسل. ماذا يعني ذلك؟
يعني أنّ اختراق الاستخبارات الغربية للإرهابيين لم يحل دون قدرتهم على العمل والتحرك المستقلّ هذا أولاً، وثانياً أنّ الإرهابيين يمتلكون القدرات اللوجستية وحرية الحركة التي تمكنهم من تنفيذ هجماتهم رغم حالة الاستنفار القصوى.
لا شك أنه في ضوء هذا الواقع فإنّ الحرب على الإرهاب لم تعد مجدية في إطار التكتيكات المعتمدة من قبل الحكومات الغربية، أيّ عبر الإجراءات الوقائية، مثل رفع مستوى الإنذار وحال الاستنفار، لأنّ ذلك لم يقد إلى إحباط الهجمات التي نفذت في بروكسل.
الحرب على الإرهاب كي تكون حرباً جدية، لا بدّ أن ترتكز على مسلمتين أساسيتين: الأولى وقف الحكومات الغربية وحكومات المنطقة تعاونها ودعمها للإرهاب أو التوظيف السياسي للإرهاب. الثانية، التعاون مع الحكومات والجهات التي تحارب الإرهاب في معاقله الأساسية، وتحديداً في سورية والعراق.