يوم القدس وصفعة السيّد لـ«إسرائيل» وحُلفائها…
جمال العفلق
لم تكن «إسرائيل» مستعدة لصفعة جديدة أثناء حربها وعدوانها على الشعب الفلسطيني ولم يتوقع الحلفاء المخلصون للكيان الصهيوني ان تكون إطلالة السيّد حسن نصرالله علنية.
فخطابات السيّد كما اعتدنا عليها، لا تسويف فيها ولا تعويم للمسائل ثوابتها واضحة وخط المقاومة كما نعرفة لا يحيد عن القضية المركزية، حتى في أكثر العواصف السياسية التي تهبّ عليه من شركاء الوطن او من الخارج.
يعتقد كثيرون أنّ المقاومة في لبنان منشغلة وبعيدة من الواقع في فلسطين، كما يعتقدون أنّ سورية وشعبها أصبحوا اليوم غير مهتمّين بما يحدث في فلسطين. هو ليس مجرّد اعتقاد، بل هم يجزمون بذلك وينشرون مقالاتهم ليشعِروا الناس بأنّ الفكر المقاوم ابتعد من أهدافه وأصبح في عالم آخر، منشغلاً بالعدوان الصهيو-اميركي العربي على سورية وشعبها.
والظهور العلني لسماحة السيد كان في حدّ ذاته صدمة للمراقبين العسكريين والأمنيين، وخصوصاً في «إسرائيل» فهذا الظهور العلني وهو ليس الأول ولكنة الأطول منذ حرب تموز 2006، أوصل رسالة إلى «الإسرائيليين» كم هم ضعفاء وعاجزون.
وان سيد المقاومة يختار المكان والزمان عندما يجد انّ الأمر يحتاج إلى ذلك، فالسيد هنا لا يحتاج الى استعراضات تلفزيونية او فلاشات للتسويق لنفسه، فاختيار الظهور العلني في يوم القدس، وفي هذا الظرف الأمني الدقيق، يعني إرسال رسالة إلى «الاسرائيليين» الذين ما زالوا يصدقون ويثقون بكلام السيد انّ المقاومة موجودة، وأنّ آلة حربهم فاشلة وغير قادرة على المواجهة او فتح جبهة جديدة أطلق عليها السيد اسم «انتحار إسرائيل».
فالغطاء السياسي والمعنوي الذي أعطاه السيد للمقاومة في فلسطين لم يكن فقط ضربة موجعه «للإسرائيليين»، بل كان ضربة للأبواق المذهبية التي تسوّق للحرب المذهبية وتدفع المليارات عليها. خطاب السيد لم يكن فقط دعماً معنوياً للمقاومة الصامدة في وجة آلة القتل والدمار، بل كان صفعة على وجه من قال إنّ الحرب في الشرق هي بين سنّة وشيعة، وأخرس في خطابه من يتباهى في إطلاق الفتاوي الظالمة التي تدفع نحو الحرب وقتل الأخ لأخيه. خطاب السيد تزامن مع إعلان كنائس فلسطين ان يؤذن للصلاة فيها اذا ما دمّرت مساجد المسلمين، أعاد سماحة السيد البوصلة الى مكانها الصحيح في وجدان وضمير المقاومين، وقال من خلال خطابه ودعمه العلني للمقاومة في فلسطين وتسمية حماس والفصائل الاسلامية والإشادة بدورها وصمودها قيادة وشعباً، انّ عدونا هو الكيان الغاصب، ولا يمكن لنا ان نتخلى عن الشعب الفلسطيني ولا نتردّد بدعمه، حتى وإنْ كان هناك بعض الخلافات التي أجّجها الإعلام ودعمها تجار الدم.
فالسيد اليوم لم يخرج لإلقاء خطاب يتباهى فيه او يتحدث كما يتحدث الشامتون اليوم عبر وسائل الإعلام ويهاجمون المقاومة الفلسطينية، بل ألقى خطابه الجامع والموحد للإخوة، ولم يتردّد في وصف واقع بعض الدول العربية ويقصد من حاول وضع حماس على غير خطها هم أنفسهم من يطالبون «الاسرائيلي» بمسح المقاومة وبإنهاء وجودها.
اليوم لا يمكن أيّ إنسان يحمل الحدّ الأدنى من الإنسانية والكرامة أن يوافق على ما تفعله العصابات الصهيونية في فلسطين المحتلة، والدماء التي تلوّن شوارع غزة اليوم هي في ذمة المال والحكام العرب، وهي في ذمة كلّ من يحاول إعطاء غطاء سياسي «لإسرائيل».
الشعب الفلسطيني لا يستحقّ ان نقتله أو نلتزم الصمت تجاه ما يتعرّض له، فهو صاحب الحق وصاحب الأرض الى يوم الدين.
فلسطين اليوم تقاتل كما هي عادتها وكما المقاومة في 2006 باسم كلّ وطني شريف، فالوطنية والإباء والكرامة لا تتجزأ لا يمكن اليوم لمدّعي الوطنية ان يكون ضيّق الأفق مغلقاً على نفسه وفي الجوار وعلى بعد مرمى حجر من يستباح دمه ويظلم.