كيف ساهمت «الروايات» في قتل الشعب السوري؟

ترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق

كتبت شارمين نارواني في موقع «RT»:

قبل خمس سنوات، فرضت أربع روايات رئيسة نفسها على الأحداث في سورية. هذه العبارات التي صيغت بشكل متقن للغاية، ونُسِجت عبر وسائل الإعلام العالمية لتأمين أهداف السياسة الخارجية للدول الغربية، تُعتبر مسؤولةٌ بشكل مباشر عن مقتل ما يزيد على 250.000 سوريّ:

ـ «الديكتاتور يقتل شعبه».

ـ «الاحتجاجات سلمية».

ـ «المعارضة غير مسلّحة».

ـ «ثورةٌ شعبية».

وفي ما يلي تحليل لكيفية بلوغ كلّ ذلك.

في 23 آذار 2011، ومع انطلاق شرارة الصراع الذي بات يُعرف بِاسم «الصراع السوري»، قُتل شابان سوريان يُدعيان يحيى مرهج وهابيل أنيس ديّوب في مدينة درعا السورية الجنوبية.

لم يكن مرهج وديّوب مدنيان ولا «معارضان» لحكومة بشار الأسد السورية، بل اثنين من الجنود النظاميين في صفوف الجيش العربي السوري.

اغتيل هذان الشابان من قبل مسلّحين مجهولين، وكانا الأوّلَين بين ثمانية وثمانين جندياً قتلوا في أنحاء سورية في الشهر الأول من الصراع ـ في درعا، اللاذقية، حرستا، السويداء، المعظّمية، تلكلخ وضواحي دمشق.

ووفقاً للجنة الدولية المستقلّة التابعة للأمم المتحدة والمكلّفة التحقيق في سورية، فقد بلغ عدد القتلى المدنيين والعسكريين 2569 قتيلاً مع انتهاء السنة الأولى من الصراع، أي بحلول آذار عام 2012. فيما تخطّى العدد الإجمالي لضحايا العنف السياسي بحسب الأمم المتحدة في ذلك الوقت خمسة آلاف قتيل.

ترسم هذه الأرقام صورةً مختلفة تماماً للأحداث في سورية. وليس هذا النزاع هو عينه الذي نقرأ عنه في عناوين الصحف لدينا والواردة إلينا ـ حيث يتساوى كلا الطرفين في تحميل النظام المسؤولية الكاملة عن أعمال العنف واستخدام القوة «النسبية» في إحباط الأعمال الوحشية.

واللافت، حدوث تجاهل تام لمقتل كلّ من مرهج وديّوب. فلم يرد خبر مصرعهما في العناوين العريضة لأيّ وسيلة إعلامية غربية ـ أو حتى أخبار مقتل غيرهم من الجنود النظاميين. لم ترتقِ أخبار هذه الوفيات ـ وبكلّ بساطة ـ إلى مستوى الروايات الغربية، فهي لا تتوافق مع الأهداف السياسية للحكومات الغربية.

أما بالنسبة إلى صنّاع القرار الأميركيين، فقد أتاح «الربيع العربي» فرصة فريدةً من نوعها للإطاحة بحكومات الدول المعادية في الشرق الأوسط. حيث شكلت سورية الهدف الرقم واحد في هذا المجال من بين دول العالم العربي، باعتبارها العضو الأهم في «محور المقاومة» بقيادة إيران.

ولخلق تغيير في بنية النظام في سورية، نحن بحاجة إلى توظيف من نوعٍ انتهازي لأهداف «الربيع العربي»، وبالتالي إزهاق عدد من الأوراح السورية. وكي يتحقق ذلك كلّه، فعلى «الديكتاتور» ـ بكلّ بساطة ـ أن يعمد إلى قتل شعبه ومواطنيه!

كيف تقتل الكلمات؟

نُسجت أربع روايات رئيسة ـ مثيرةً للغثيان ـ في كافة وسائل الإعلام الغربية، ابتداءً من آذار 2011 ليبدأ البخار بالظهور والتصاعد في الأشهر القليلة التي تلت: «الديكتاتور يقتل شعبه»، «الاحتجاجات سلمية»، «المعارضة غير مسلّحة»، وإنها «ثورةٌ شعبية».

وكانت الحكومات في تونس ومصر قد انهارت قبل شهرين بشكل دراماتيكي، وهكذا، وجد «الربيع العربي» القواعد الشعبية التي باتت تعمل بكامل طاقتها لتغيير الأنظمة في هذه المنطقة المريضة نفسياً. وهذه الروايات الأربع التي انتقى القيّمون عليها مفرداتها بعناية تامة، اكتسبت معناها العملي في تونس ومصر، وقد تهيأوا الآن لتحمّل المسؤولية عن نزع الشرعية عن الحكومات التي يستعدّون لتقويضها والإطاحة بها.

لكن، ولتوظيف كامل إمكانياتهم في سورية، كان على السوريين أن ينزلوا إلى الشارع بأعداد كبيرة، وأن «يموتوا بوحشية على أيدي القوات النظامية»، ثمّ القيام بنسج البقية الباقية تحت ستارة «الثورة» من خلال وسائل الإعلام الأجنبية والإقليمية التي افتعلت هذه الجريمة في خطاب «الربيع العربي».

ومع ذلك، فإن الاحتجاجات لم تنطلق في سورية بالطريقة نفسها التي حصلت في تونس ومصر. ففي تلك الأشهر القليلة الأولى طالعتنا مجموعات مرقمة معظمها بالمئات وبالآلاف للتعبير عن أقصى درجات السخط لديها. وما لبث أن تبع هذه التجمّعات وجود أنماط تحريضية في عدد من المساجد وتحديداً الوهابية منها خلال صلاة الجمعة، أو بعد عمليات القتل التي من شأنها تحريك الحشود الشعبية الغاضبة المجتمعة في الجنازات الجماعية.

وأوضح لي أحد الأشخاص البارزين في مدينة درعا أن هناك التباساً كبيراً حول هوية قتلة المدنيين في مدينته ـ هل هي الحكومة أم «الأحزاب المختبئة»؟ وقد أكد وجهة نظره قائلاً أنه: «في وقت انقسم أهالي درعا إلى قسمين، أحدهما يؤكد أن النظام هو من يقوم بذلك بهدف إسكات المحتجّين وتحذيرهم ومنعهم من الاجتماع، يصرّ الرأي الآخر على أن بعض الميليشيات الخفية هي التي تريد لهذا الصراع أن يستمرّ… فإذا انتفت إقامة الجنازات، تنتفي الأسباب الداعية إلى تجمّع الناس».

ومع الاستفادة من تجاربنا السابقة، دعونا نلقي نظرة على بعض الروايات التي خيّمت على أشكال النزاع في سورية:

نحن نعلم يقيناً أن آلافاً من قوات الأمن السورية قُتلوا خلال السنة الأولى، التي بدأت في 23 آذار 2011. وندرك أيضاً أن «المعارضة» كانت «مسلّحة» منذ بداية الصراع. كما أننا نمتلك أدلّة حسيّة على دخول كثيرين من الرجال المسلّحين إلى سورية عبر الحدود اللبنانية خلال نيسان وأيار 2011. ونعلم كذلك، بالاستناد إلى شهادات المراقبين المحايدين أن هؤلاء المسلّحين كانوا يستهدفون المدنيين وأن «الاحتجاجات» لم تكن في معظمها «سلمية».

وكانت بعثة الجامعة العربية قد أجرت تحقيقاً لمدّة شهر داخل سورية أواخر عام 2011 وخلصت إلى نشر التقرير التالي: «عاينت بعثة المراقبة في كلّ من حمص، إدلب وحماه عدداً من الأعمال العنفية المرتكبة بحق القوات الحكومية والمدنيين، والتي أسفرت عن مقتل وجرح عدد كبير منهم. ومن الأمثلة على هذه الأفعال، تفجير حافلة تقلّ مدنيين، ما أدّى إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح آخرين، من بينهم نساء وأطفال، فضلاً عن تفجير قطار محمّل بزيت الديزل. وفي حادثة مشابهة في حمص، أدّى تفجير حافلة للشرطة إلى مقتل اثنين من رجال الشرطة. فضلاً عن تفجير خط أنابيب الوقود وبعض الجسور الصغيرة أيضاً».

كتب الكاهن الهولندي الأب فرانس فان دير لوت، الذي قُتل في حمص في نيسان 2014، في كانون الثاني من عام 2012: «منذ البداية، لم تكن الحركات الاحتجاجية سلمية كلّياً. رأيتُ منذ ذلك الحين متظاهرين مسلّحين يسيرون في التظاهرات، مطلقين النار على رجال الشرطة. وفي كثير من الأحيان، جاء العنف من قبل قوات الأمن السورية كردّ فعل على الأعمال الوحشية التي كانت تصدر عن المتظاهرين المسلّحين».

وقبل مرور بضعة أشهر، أي في أيلول 2011، كان الأب فرانس قد لاحظ: «منذ البداية، تفاقمت المشكلة مع الجماعات المسلّحة، التي كانت تشكل جزءاً من المعارضة… فالمعارضة المتغلغلة في الشوراع كانت أقوى بما لا يُقاس، من أي معارضة أخرى. فهي معارضة مسلّحة، وكثيراً ما تستخدم العنف والوحشية، فقط من أجل إلقاء اللوم على الحكومة حيال كلّ ما يجري في البلاد».

وعلاوةً على ذلك، فنحن نعلم جيداً أنه مهما كان ذلك الذي يحدث في سورية، فإنه لم يشكل يوماً «ثورة شعبية». فالجيش السوري بقي على حاله، حتى بعد نقل الوسائل الإعلامية لعدد من الانشقاقات الواسعة. فقد واصل مئات الآلاف من السوريين تنظيم مسيرات وتظاهرات لدعم الرئيس السوري، لكن أيّاً من هذه، لم يتمّ التبليغ عنها أو نقلها عبر الوسائل الإعلامية. كما بقيت مؤسسات الدولة والحكومة ونخبة رجال الأعمال مواليةً للأسد بشكل يفوق الوصف. أما الأقليات ـ كالعلويين، المسيحيين، الأكراد، الدروز، الشيعة، وأعضاء حزب البعث، الذين يشكلون غالبية سنيّة ـ فلم ينضمّوا إلى صفوف «المعارضة» ضدّ الحكومة. كذلك، ظلّت المناطق الحضرية والمراكز المكتظة بالسكان تحت مظلّة الدولة، مع وجود استثناءات قليلة.

هي ليست «ثورة» حقيقية، ثورةٌ لم تتمكن ـ بعد كلّ شيء ـ من إيجاد غرفة عمليات لها في الأردن وتركيا. كما أن هذه الثورة التي تُموّل وتُسلّح من قطر، السعودية، الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا، لا يمكن اعتبارها ثورة «شعبية».

زرع «الروايات» لتحقيق مكاسب جيوسياسية

نشر مركز القوات الخاصة في الجيش الأميركي للحروب غير التقليدية بين الدول، تقريراً عام 2010، ورد فيه: تهدف جهود الولايات المتحدة من «الحروب غير التقليدية» إلى استغلال القوات المعادية سياسياً، اقتصادياً، عسكرياً ونفسياً، من خلال دعم القوى المقاوِمة وتطويرها لتحقيق أهداف الولايات المتحدة الاستراتيجية في تلك المناطق… وبالنسبة إلى المستقبل القريب، فإن القوات الأميركية، ستنخرط في الغالب في حرب عمليات غير نظامية.

كما كشف تسريب تقرير سرّي لوزارة الخارجية الأميركية عام 2006، أن حكومة الأسد استطاعت تطوير موقعها محلياً وإقليمياً في السنوات الأخيرة، واقترح هذا التقرير العمل على إضعاف هذا الموقع: «سنورد في ما يلي قائمة بنقاط الضعف الرئيسة في نظام الأسد سياسياً، اقتصادياً، عرقياً، طائفياً، عسكرياً ونفسياً، كما سنقدّم توصيات واقتراحات بكيفية العمل على استغلالها…».

هنا يكمن بيت القصيد. فعقيدة الولايات المتحدة القتالية، هي عقيدة غير تقليدية، تفترض أن سكان الدول المعادية، وعادةً ما يكونون تلك الأقليات النشطة، التي تعادي حكوماتها وترفض دعمها، تفترض وجود «حركات مقاوِمة» لتحقيق النجاح، وبالتالي التأثير في التصوّرات الكبيرة «للطبقات الوسطى غير الملتزمة سياسياً وعقائدياً من السكان»، بهدف إثارة اهتمام قادتهم وحماستهم. ومن الواضح أن كلّ هذا يتطلّب تحويل «سكان الطبقات الوسطى غير الملتزمين» إلى جماعات متمرّدة داعمة، توصي بـ«خلق جوّ من الاستياء في صفوف السكان على أوسع نطاق، من خلال الدعاية وبذل المزيد من الجهود السياسية والنفسية لتشويه سمعة الحكومة».

ومع تصاعد حدّة الصراع، يُفترض «تكثيف الدعاية، وتهيئة السكان نفسياً للتمرّد».

أولاً: يجب أن نعمل على تأمين «التحريض» المحلي والوطني، تنظيم المقاطعة، الإضرابات، وغيرها من الجهود الرامية إلى تصعيد استياء الرأي العام. ثمّ «العمل على تسهيل تسلّل المنظّمين والاستشاريين الأجانب لتحقيق أفضل دعاية خارجية، والحصول على الدعم المالي، الأسلحة والمعدّات».

أمّا على المستوى التالي من العمليات، فسيتحتّم عليهم دعم قيام «منظمات الجبهة الوطنية» أي المجلس الوطني السوري وحركات التحرّر الجيش السوري الحرّ ، «التي من شأنها تحريك قطاعات كبيرة من السكان نحو قبول العنف السياسي المتزايد ـ وتشجيع التوجيه من الأفراد أو الجماعات التي تأخذ على عاتقها مهمة التخريب في المناطق الحضرية».

وكان قد سبق لي أن كتبت عن استراتيجيات الحرب غير النظامية المدعومة من الخارج والمستخدمة في سورية، قبل سنة على بداية الأزمة هناك ـ وتحديداً عندما بدأت الروايات المسيطرة على وسائل الإعلام العالمية تنسج الحكايات حول حتميّة أن «الديكتاتور يقتل شعبه»، مصرّةً على اعتبار الاحتجاجات «سلمية»، وأن «المعارضة» بغالبيتها «غير مسلّحة»، وأنّ «الثورة شعبية وواسعة»، وأن الآلاف من «المدنيين» يتمّ استهدافهم ـ عن عمد ـ من قبل قوات الأمن النظامية.

هل يمكننا اعتبار مثل هذه الروايات مفبركة وممنهجة؟ هل أن الصور المنشورة شواهد حقيقيّة على جميع المراحل؟ أم أنها كانت ضرورية فقط لفبركة بعض الأمور ـ لأن تصوّرات «الطبقة الوسطى للسكان» واسعة للغاية، ما من شأنه أن يخلق زخماً طبيعياً نحو حتمية تغيير النظام؟

ولكن، ماذا فعلنا نحن في المنطقة، أمام هذه المعلومات الجديدة المذهلة حول كيفية تخطيط وتنفيذ الحروب ضدّنا، وحول استخدام السكان كأدوات ودمى وأحذية تصبّ في خدمة الأجندات الأجنبية؟

خلق «لعبتنا» الخاصة

درسان فقط يمكننا استخلاصهما في لعبة الروايات هذه.

فالدرس الأول الذي تعلّمناه يكمن في أن المستفيد الأول من هذه الأفكار والأهداف، يمكن له أن يعيد صوغها وتأطيرها في سياق استخدامها بفعالية أكبر. أما الثاني فينحصر في حاجتنا إلى إنشاء وسائل إعلامية أكثر استقلالية، إلى جانب تجهيز قنوات توزيع إعلامية لنشر المقترحات القيّمة والخاصة بنا، للقاصي والداني.

بإمكان الحكومات الغربية الاعتماد على جمهرة من الصحافيين التافهين والمتزلّفين الغربيين والإقليميين، لتفجير دعاياتهم المغرضة وتصديرها إلينا ليلاً ونهاراً. لكننا غير محتاجين إلى مضاهاتهم في الأرقام على نطاق واسع ـ إنما نستطيع استخدام استراتيجيات تساهم في ردع حملات التضليل الخاصة بهم. فالصحافيون الغربيون المصرّون دوماً على نشر معلومات خاطئة ومشوّهة، يجب أن يخضعوا للتهديد وأن يُمنعوا من دخول المنطقة.

هؤلاء ليسوا بصحافيين ـ بل أفضل تسميتهم بـ«المقاتلين الإعلاميين» ـ ولا يستحقون تلك الحريات الممنوحة للصحافيين الحقيقيين. ولو لم يصرّ هؤلاء الصحافيين الغربيين، من خلال أماكن تواجدهم في سورية في السنة الأولى من تاريخ الصراع، على تعميم وترويج تلك الروايات ونشرها عالمياً، هل كان لهؤلاء السوريين الـ 250.000، أن يلقوا حتفهم اليوم؟ هل كان لسورية أن تُدمّر وأن يترك 12 مليوناً من أهاليها بيوتهم وأراضيهم؟ هل كان «داعش» ليولد ويتواجد؟

حرّية تعبير؟ لا شكراً ـ أعذروني، لسنا مع هذه الحرّية الهادفة للذهاب إلى الموت في سبيل تحقيق غايات الأمن القومي الخاصة بشخص ما!

سورية غيّرت العالم. سورية ساهمت في جلب الروس والصينيين البريكس إلى صميم المعركة الانتخابية، ولعبت دوراً في تغيير النظام العالمي من واحد أحاديّ القطب إلى آخر متعدّد الأقطاب ـ هكذا، بين عشيّة وضحاها. كما خلقت الحرب على سورية مجموعة من الدول الرئيسة في المنطقة، التي باتت تشكل العمود الفقري لارتفاع «قوس الأمن»، من بلاد الشام إلى الخليج الفارسي. في متناول أيدينا حالياً، فرصاً هائلة لإعادة صوغ العالم والشرق الأوسط وفقاً للرؤية الخاصة بنا.

حدودٌ جديدة؟ سوف نرسمها نحن داخل المنطقة. الإرهابيون؟ سنلحق بهم هزيمة نكراء. المنظمات غير الحكومية؟ سوف نعمل على خلق المنظمات الخاصة بنا، تلك المتوائمة مع مصالح مواطنينا وأجنداتنا الخاصة. خطوط الأنابيب؟ سوف نقرّر أين سنبنيها وأين سنضعها؟ لكن، دعونا نسبق «غيرنا» في بناء رواياتنا التي يروونها هم لملء الفراغ الذي نتركه نحن.

كلمة تحذيرية يتوجّب عليّ قولها، إن أسوأ ما يمكننا فعله إضاعة وقتنا في رفض الروايات الأجنبية، ما يجعلنا زمرةً من «الرافضين» دخول لعبتهم تلك، نساهم ـ من دون قصدّ منّا ـ في ولادة أهداف لعبتهم الدنيئة وتحقيقها. جلّ ما علينا القيام به خلق لعبتنا الجديدة ـ المليئة بمفردات غنيّة من رواياتنا المحلية ـ التي نستطيع من خلالها التعريف عن أنفسنا، وعن تاريخنا وتطلعاتنا وآمالنا، المبنيّة على أساس واقعنا السياسي، الاقتصادي والاجتماعي. فما بالنا لا نقدّم فرصة للآخر، لكي «يرفض» النسخة الخاصة من رواياتنا ولعبتنا… فنمنحها بالتالي الحياة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى