حالة مجتمع… «وينو المجتمع»!

فدى دبوس

كيفما تصفّحت تعليقات الناشطين تجدهم يربطون مختلف الصور الواعظة بهاشتاغ «حالة مجتمع»، فمثلاً تلك التي تصف الانحطاط الاجتماعي الذي وصلنا إليه من خلال تعليقها على بعض تصرّفات الفتيات على مواقع التواصل، وأخرى تصف حال المطالعة المتردية في أيامنا هذه وتربطها بحالة المجتمع، وآخر يعلّق على نوبات وكوارث مجتمعنا هذا لافتاً إلى ما يكتب بأنه حالة المجتمع اليوم، وبعد الاطلاع على كمّ النقد هذا نجد أنفسنا أمام سؤال واضح لا بدّ لنا من الإجابة عليه: هل هناك مجتمع حقيقي اليوم لتكون لديه حالة؟

ربما يعتقد البعض أن في ما نكتبه نوعاً من التفلسف المبالغ فيه، وربما يجد البعض ألاّ فائدة مما نكتب كونه ليس سوى تنظير أو تعقيب فارغ لا أهمية له في زمن التكنولوجيا، لكن إذا تعمقنا كثيراً في هذه الأسئلة لربما وجدنا أننا في مأزق كبير لا نهاية له…

فإذا نظرنا قليلاً الى غالبية التعليقات والتغريدات نجدها تحاول إيجاد أجوبة لما يحصل اليوم في مجتمعنا، فالحبّ تغيّر والقيم تبدّلت والزمان بات يعود بنا إلى الوراء لا إلى الأمام، كلّما كثرت الوسائل التكنولوجية بات عقل الإنسان فارغاً معتمداً على تقنيات لم ينتجها نفسها ولم نعد سوى مستهلكين لإنتاجات غيرنا لا نملك حتى القدرة على حفظ رقم هاتف أو قراءة بضع كلمات في إحد الكتب، إذا ما عاد للورق أهمية في عصرنا اليوم.

وهذا ما يفسّر ما يحصل أخيراً في أزمة انحدار أهمية الجريدة الورقية التي باتت أهميتها تضمحّل اليوم لتصل إلى العدم، فكيف ندافع عن جريدة ورقية لدى أمّة باتت غالبية اهتماماتها محصورة بالـ»سيلفي»؟ كيف ندافع عن قيمنا ونسعى إلى حثّ الجيل الجديد على فهم مصطلح المقاومة والعزّة والكرامة والشهادة في زمن النرجيلة وصور إظهار المفاتن النسائية والرجالية على حدّ سواء؟

أين مجتمعنا اليوم من مختلف المجتمعات إذا كانت واحدة مثل أحلام تلك التي وبضربة حظّ باتت مطربة مليونيرة تطاول على شعب لم يعرف في حياته إلا الصمود أمام ضربات دول أرادت اللعب بمصيره والعبث بأمنه واستقراره؟

وللأسف مختلف الناشطين في هذا الموضوع لم يردّوا على أحلام بطريقة واعية متحضّرة بل ردّوا عليها بطريقتها الجاهلة المستفزّة التي لم تتعدّ كونها طريقة عامة الشعب والسوقيين، ولعلّ هذه القضية كانت من أبرز القضايا مؤخراً التي سيطرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت الشغل الشاغل لمختلف الناشطين الذين ساروا على خطى أحلام في اعتماد السوقية في حديثهم وأسلوبهم ورسائلهم.

لكن مهما يكن الردّ فلربما باتت حالة المجتمع التي نعاني منها اليوم هي السبب الرئيس في بلوغ البعض هذا المستوى المتدنّي من التعليقات والاعتقادات المختلفة عن مجتمعنا بشكل أو بآخر.

لذا وردّاً على هاشتاغ «حالة مجتمع» نكتشف أننا اليوم في صدد مواجهة اللامجتمع الذي لا يمكن أن تكون له حالة أصلاً. فهاشتاغ حالة مجتمع يوثّق فعلاً حالة اللامجتمع الذي وصلنا إليها اليوم. فيحيا اللامجتمع!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى