تقرير أوّلي عن الأضرار التي لحقت بمدينة تدمر الأثرية
كشف تقرير أوّلي أعدّته بعثة المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى مدينة تدمر الأثرية، عن تعرّض آثار المدينة لأضرار كبيرة، لا سيما المتحف الوطني وقوس النصر وتمثال «أسد اللات» والقلعة، من جرّاء أعمال التدمير والتخريب التي ارتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي.
وذكر رئيس البعثة ومدير شؤون المتاحف في المديرية الدكتور أحمد ديب أن جولة الآثاريين المشاركين في البعثة إلى مدينة تدمر شملت أماكن محدّدة بسبب عدم إمكانية الوصول إلى مناطق عدّة من المدينة الـثرية المدرجة على لائحة «يونيسكو» للتراث العالمي، وذلك بسبب قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بزرع أعداد كبيرة من الألغام فيها، قبل اندحار إرهابييه أمام وحدات الجيش والقوات المسلحة والقوى المؤازرة.
ولفت ديب إلى أنّ أعضاء البعثة التقطوا عدداً من الصور للمواقع والأوابد الأثرية ولمدينة تدمر بشكل عام، وقاموا بإعداد تقرير أوّلي حول الأضرار التي لحقت بالمدينة، ووضع تصوّرات مبدئية حول حجم التخريب الذي تعرّضت له الأوابد التاريخية في المدينة على يد الإرهابيين، وإمكانية ترميمها.
وأوضح ديب أن المتحف الوطني تعرّض لتخريب كبير على يد تنظيم «داعش» الإرهابي الذي قام بتكسير بعض التماثيل الجنائزية الضخمة التي لم تتمكّن المديرية من نقلها لكبر حجمها.
وقامت المديرية العامة للآثار قبل أسابيع من تسلّل تنظيم «داعش» الإرهابي إلى المدينة في أيار الماضي، بنقل مئات القطع الأثرية من المتحف تضمّ تماثيل نصفية جنائزية ورؤوس تماثيل حجرية ومجموعة كبيرة من الفخاريات إلى مكان آمن.
ولفت رئيس البعثة إلى أنّ تمثال «أسد اللات» تعرّض للتدمير، إنّما يمكن إعادة ترميمه بالخبرات لدى مديرية الآثار من مهندسين وآثاريين.
وتمثال «أسد اللات» فريد من نوعه، ارتفاعه 5.3 أمتار ويزن نحو 15 طناً، وكان موجوداً في حديقة متحف مدينة تدمر، وقام تنظيم «داعش» الإرهابي بتدميره في تموز الماضي، ما ألحق به أضراراً كبيرة.
وعن الحالة الراهنة لقوس النصر الذي دمّره تنظيم «داعش» الإرهابي في تشرين الأول الماضي، أوضح ديب أنه تعرّض لتخريب كبير، إنّما يمكن إعادة
ترميمه. في حين تعرّض بناء معبد «بل» لدمار كامل، «إلا أننا لم نوثق الأضرار فيه بدقّة بسبب وجود ألغام زرعها إرهابيو داعش في محيطه، ولذلك قمنا بتصوير الركام الناجم عن التدمير وتوثيقه، ويمكن إعادة تأهيله من جديد».
وعن قلعة تدمر الأثرية، أوضح ديب أنها تعرّضت في جهتها الشرقية المقابلة للمدينة الأثرية لأضرار كبيرة، إضافة إلى دمار جزئيّ في بعض الجدران. مشيراً إلى أنّ الفريق لم يستطع الوصول إلى القلعة، لكن بحسب الصور، يمكن إعادة ترميمها.
وفي خصوص المدافن البرجية التي تعرّضت للتفجير من قبل تنظيم «داعش» الإرهابي في أيلول الماضي، أوضح ديب أنّ البعثة لم تتمكن من الوصول إليها ولذلك قامت بتصويرها عن بعد.
وحول الشارع المستقيم، أوضح ديب أنّ الأضرار فيه قليلة نسبياً، وتركزت في مدخله حيث يوجد قوس النصر. لافتاً إلى أنّ الفريق لم يستطع الوصول إلى مسرح تدمر ومعبد «بعل شمين» بسبب العبوات والألغام التي زرعها الإرهابيون، إذ يقوم الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة بتفكيكها حالياً.
وأعرب رئيس البعثة عن مخاوفه في خصوص المنطقة الشرقية الجنوبية، حيث توجد المدافن الأرضية والتي لم يتمكن الفريق من معاينتها. مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المعلومات لدى مديرية الآثار تؤكد أن تنظيم «داعش» الإرهابي قام بعمليات تنقيب سرّية وسرقة المدافن غير المكتشفة.
وأشار ديب إلى أنه فور عودة البعثة، قامت مديرية الآثار بتشكيل لجان من أجل توثيق الأضرار في المتحف والمدينة الأثرية. مؤكداً أنّ فريق عمل من الخبراء الآثاريين العاملين في المديرية جاهز للقيام بجولات أخرى في تدمر فور قيام الجهات المعنية بإزالة الألغام منها.
ولفت رئيس البعثة إلى أن الفريق سيبدأ بتنفيذ مشروع إسعافيّ للقلعة والمتحف ومشاريع طويلة الأمد لترميم قوس النصر ومعبد «بل» ومعبد «بعل شمين»، وذلك بالاستفادة من خبراء مديرية الآثار والتواصل مع منظمة «يونيسكو» للاستفادة من خبراتهم، كون تدمر مسجّلة على لائحة التراث العالمي، لإعادة المدينة إلى حلتها البهية.
وأوضح ديب أن المديرية العامة للآثار من خلال تواصلها مع الإنتربول الدولي، تقوم بمتابعة موضوع سرقة تنظيم «داعش» الإرهابي للآثار من سورية بشكل عام، وتدمر بشكل خاص، من أجل استعادة الآثار المسروقة. لافتاً إلى أن الفن التدمري يحمل طابعاً خاصاً يميّزه، ومن السهل معرفة القطع الأثرية التدمرية.
تجدر الإشارة إلى أنّ البعثة إلى مدينة تدمر ضمّت كلّاً من مدير آثار حمص المهندس حسام حاميش، ومحمد خالد الأسعد، وعمر خالد الأسعد وهما من أبناء عالم الآثار الشهيد خالد الأسعد الذي قتله تنظيم «داعش» الإرهابي في آب الماضي في ساحة تدمر.