القمّة الروحية في بكركي: لإعطاء الأولوية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية
شدّد بطاركة الكنائس الشرقية على أولويّة انتخاب رئيس للجمهورية والشراكة في إدارة شؤون البلد إلى جانب الاهتمام بالبيئة. وأكّدوا ضرورة العمل على الخروج من الإرباك الحاصل على مستوى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية.
اجتمع في بكركي أول من أمس وبدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، بطاركة الكنائس الشرقية: كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا آرام الأول، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكيمار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، كاثوليكوس كيليكيا للأرمن الكاثوليك غريغوار بطرس العشرين غبرويان، السفير البابوي المطران غابريال كاتشيا، رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسورية القسّ سليم صهيوني، المطارنة: رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان ميشال قصارجي، النائب الرسولي للاتين بولس دحدح، الأرشمندريت رويس الأورشليمي ممثّلاً الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والخورسقف يترون كوليانا ممثّلاً الكنيسة الآشورية، واعتذر عن الحضور لأسباب قاهرة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي.
استهلّ الراعي القمّة بكلمة ترحيبية، اعتبر فيها أنّ «مجتمعنا يقضي علينا اللقاء، لأنّ شعبنا يتطلّع وينتظر من الكنيسة كلمة وفاء، فالاستحقاقات والتحدّيات تزيد على مستوى المنطقة، والحروب لا تلاقي طريقها إلى الحل، والشعب يهاجر خصوصاً المسيحيين والشرق يفرغ من حضورهم، وعلى المستوى اللبناني أزمة الفراغ الرئاسي، وهذا ما يقتضي منّا أن نقول كلمتنا للكنيسة»
بيان
وبعدما تباحث المجتمعون في شؤون كنسيّة ووطنية، أصدروا بياناً عبّروا فيه «عن فرحهم في هذا اليوم بالاحتفال بالعيد الوطني عيد بشارة العذراء مريم، العيد الوطني الذي يجمع المسيحيين والمسلمين».
وأكّد «المجتمعون ضرورة إعطاء أولوية قصوى لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، بموجب الدستور، بعد شغور هذا المنصب منذ اثنين وعشرين شهراً، وما نتج عنه من تبعات خطيرة على كل مؤسسات الدولة اللبنانية، وعلى أمنها بالذات».
وناشدوا المسؤولين «إيلاء سلامة البيئة، بكل مكوّناتها،أهميّة كبرى، إذ يشكّل إهمالها خطراً داهماً على صحة جميع المواطنين» كما طالبوا «جميع المعنيّين في الشأن العام أن يعملوا بجد ونزاهة على مجابهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، والتي تطول بسلبياتها معظم المواطنين، ولا سيّما الشباب منهم الذين لا يجدون سبيلاً إلى العيش الكريم سوى الهجرة»، مؤكّدين «إصرارهم على ضرورة تحقيق الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة، والتي توحي بالاطمئنان لجميع المواطنين».
وذكّر المجتمعون «بضرورة العمل على الخروج من الإرباك الحاصل على مستوى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية، وتأثير ذلك على شريحة كبيرة من المواطنين في لقمة عيشهم».
وأعربوا عن رفضهم للحروب التي فُرضت على بلدان عدّة في المنطقة منذ سنوات، مستنكرين التدخّل الإقليمي والدولي في هذه الحروب، ولا سيّما في سورية والعراق، وذلك بتغذية الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والتغطية السياسية والإعلامية. وأعربوا عن خشيتهم «ارتدادات هذه الصراعات المخيفة على سائر بلدان المنطقة، بما فيها لبنان»، رافضين «الكلام على إعادة ترسيم الحدود في بعض هذه البلدان». كما استهجنوا «استخدام الخطاب الديني المتطرّف لإذكاء الصراعات وتبرير القتل وتكفير المواطنين، إلى أي دين انتموا، وفي أي بلد وقع ذلك، في الشرق أو الغرب». وناشدوا المسؤولين «العمل الجدّي على درء موجات التطرّف والإرهاب، وعلى دعم الجيش الوطني في لبنان والبلدان المعنيّة، للتصدّي لها ومعالجتها بكل الوسائل المتاحة»، مندّدين بشدّة «بجريمة اقتلاع المسيحيين وغيرهم من المكوّنات المستضعفة من أرضهم في العراق وسورية، وبما سبق ولحق ذلك من قتل وتهجير وتشريد لهؤلاء الأبرياء، ممّا يرقى إلى درجة «الإبادة» للشعوب والحضارات العريقة في الشرق الأوسط، على غرار ما حصل منذ مئة عام في الإمبراطورية العثمانية».
ودعوا المجتمع الدولي إلى العمل جديّاً على حل القضية الفلسطينية، وعلى إيجاد حل سلمي للحروب الدائرة في المنطقة، ولا سيّما في سورية والعراق، والتي تسبّبت بنزوح أكثر من مليون ونصف مليون سوري إلى لبنان، بالإضافة إلى النازحين العراقيين، واللاجئين الفلسطينيين الموجودين فيه منذ سنة 1948. وهذا ما يزيد الأزمة اللبنانية خطورة. وشدّدوا على «أنّ الحل السياسي للصراعات القائمة في المنطقة هو الوحيد المتوخّى، كي يعود جميع النازحين إلى ديارهم. وبانتظار ذلك يحتاج لبنان إلى الدعم القوي من قِبَل الدول والمنظمات الدولية، كي يتمكّن من مواجهة هذه المعضلة المصيرية».
وأكّدوا بذل الجهد «من أجل المحافظة على العيش معاً، مسيحيّين ومسلمين، بالاحترام المتبادل لحقوق جميع المواطنين وواجباتهم».
وإذ شكر المجتمعون للبطريرك الراعي ضيافته، عبّروا له عن تهانيهم بالذكرى الخامسة لاعتلائه الكرسي البطريركي.