ليستر سيتي فريق شجاع يستعدّ للصعود إلى منصّة التتويج

لا أحد يصدّق ماذا يحصل في الدوري الانكليزي. هناك في بلاد الضباب، يواصل الفريق المغمور ليستر سيتي تأسس في العام 1884 بوضوح تام إمساكه بصدارة الترتيب وهو الذي لا يوجد في سجّله أي فوز ببطولة رسمية أو كأس، ملحقاً الخسائر بالفرق ذات الأمجاد العريقة والموزانات الخيالية، وآخر ضحاياه كان فريق إيفرتون، فعالى ملعبه وأمام جماهيره هزمه بنتيجة 3-2 بعد مباراة معقدة للغاية. قصة ليستر سيتي حتى الآن هي أغرب قصة في موسم 2015-2016 لكرة القدم في انكلترا، ولا نبالغ اذا قلنا إنها من أغرب قصص «البريميرليج» منذ 20 عاماً، فالفريق دخل الموسم بأسماء غير مشهورة فمدربه ايطالي محدود النجاح اسمه كلاوديو رانييري، لينفجروا معاً ويبهروا العالم بما حققوه من أهداف وجمعوه من نقاط 69 مع انتهاء المرحلة 32 وما عزفوه من جمل تكتيكية، مع الاشارة إلى أن الفريق في المرحلة نفسها من الموسم الماضي كان يقبع في ذيل الترتيب.

حقّاً إن كرة القدم لعبة مجنونة، ولعل أجمل شيء في جنون ليستر سيتي، أنه لا يمكن إعطاء تفسير منطقي يعتبر بمثابة تفسير مقنع لظاهرة وجود ليستر سيتي متصدراً الترتيب بفارق 7 نقاط عن أقرب منافسيه توتنهام، فلا التكتيك الثوري ولا الروح القتالية يكفيان لوحدهما لتصدّر فريق بهذه الأسماء المتواضعة قمة الدوري الأكثر إثارة وتنافسية في العالم.

ليس هناك مسّوغ منطقي يمكن أن نقول من خلاله بأن ليستر سيتي أصبح في الصدارة، لكن يمكننا القول إنها قصة جميلة، وأجمل ما فيها أنها غير قابلة للتفسير، وليس مطلوباً منا إلا الجلوس والاستمتاع فيها وبمفرداتها، فبعض الأمور تزيد جمالاً بغموضها. وهنا لا بدّ من التوضيح بأن الثلاثي جيمي فاردي ونغولو كانتي والجزائري رياض محرز كانوا قد قدموا إلى الفريق من أندية مغمورة في فرنسا وانكلترا، وبلغت كلفة عقودهم مجتمعة أقل من مليون يورو، فيما اليوم وصلت صفقة كل واحد منهم على حدة من 30 الى 40 مليون يورو.

ست مراحل بقيت من عمر الدوري الانكليزي وحلم البطولة يدغدغ عقول الجميع في النادي الذي وجد نفسه فجأة في المقدّمة ليواصل طريقه بثقة واندفاع ورغبة جامحة لتحقيق أوّل بطولة في تاريخه، وكان رانييري قد لمح مراراً وبعد كل فوز للاعبيه: «إن كان من أمل لفوز ناديكم ببطولة فهذا هو الموسم السانح»، وللتذكير، مع انطلاق الموسم الجاري كانت قد تهكّمت الصحافة البريطانية الرياضية كثيراً على استقدام رانييري للإمساك بدفّة ليستر سيتي، ولطالما كانت عبارة «أوّل المقالين» صفة ملازمة له.

وحالياً يستفيد الفريق بانهماك الأندية ذات الصيت الذائع من خلال مشاركاتهم في البطولات الاوروبية، فيما يركّز لاعبوه تماماً على اللقب الثمين والذي بات بالمتناول، ولسان حالهم يردد أمام الجميع وفي الصحف: «سنقاتل على اللقب ولن يفلت منا». واللافت في عقد رانييري مع الفريق ان إدارة النادي المملوك من شركة «كنغ باور» ألزمته في أحد بنود العقد بالبقاء مع الفريق في حال سقط الى الدرجة الثانية. في كرة القدم لا اعتراف بكلمة مستحيل، فكما الكرة تدور كذلك الايام والبطولات وأحوال الفرق، ولو باكراً نستطيع القول مبروك لكم البطولة يا رجال رانييري، تستحقونها وأكثر، على امل أن تقدّموا العروض عينها مع ضمان تأهلكم للمشاركة في البطولات الأوروبية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى