المنار والنايل سات
ناصر قنديل
– ليس ذا قيمة ما قد يُقال عن أسباب عقدية لوقف بث قناة المنار الناطقة بلسان المقاومة وحزبها الأبرز على القمر نايل سات، ولا عن مواكبة القرار بنوع من الرسائل التحذيرية لقنوات لبنانية صديقة للمقاومة وحزبها بمسافات مختلفة عن إمكانية تعرّضها للتوقف لأسباب تسديد رسوم وسواها. فالأمر له تاريخ وله حاضر وسيكون له مستقبل، والماضي يتصل بما سبق وقرره الأميركيون بتصنيف حزب الله مالك قناة المنار تنظيماً إرهابياً، ضمن حملة تستهدف حزب الله على المستويات الإعلامية والمالية، اتفق عليها ضمن خطة المرحلة الراهنة الرئيس الأميركي باراك اوباما مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، كتعويض استباقي عن الخسائر التي ستنتجها التسويات والانخراط فيها، وتلقفتها السعودية ومنحتها زخماً إضافياً من بوابات الجامعة العربية وتوصيف حزب الله بالإرهاب ومن بوابة عربسات وحظر المنار. والحاضر هو توظيف المال السعودي في ملكية نايل سات ومناسبة زيارة الملك السعودي إلى مصر لخطوة الحظر ومواكبتها برسائل التحذير للقنوات الصديقة. ومستقبلها تحويل رسائل التحذير إلى دفتر شروط ضمني يطال على الأقل حظر النقل المباشر لكلمات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تفادياً للعقوبة المتمثلة بالحظر.
– هي حرب بديلة بدأت ولن تتوقف، وهي واحدة من صمامات أمان الانخراط الأميركي والسعودي في مرحلة التسويات. فلن تزول ببلوغ حروب سوريا واليمن والعراق نهاياتها، ولا بتسوية قد يصل إليها السعوديون مع إيران، لأن هذه الحرب تتيح للسعوديين والإسرائيليين والأميركيين من ورائهما اللعب على حرب نفسية يحرَّم فيها حزب الله، كقيمة مضافة في انتصار الحلفاء من الظهور بمظهر المنتصر، وهو يجرجر خيبة حظر قناته الفضائية، وهي لسان حاله وصوته الصادح، وقوة مقاومته في الساحة الإعلامية، ومنبر زعيمه الذي يخشى كل خصومه من خروجه يرفع شارة النصر بعد هذه الحروب وهو يقول: كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً.
– لا يمكن مواجهة هذه الحرب، كما جرت مواجهة حلقاتها السابقة بمؤتمرات التنديد وبيانات الاستنكار، وقد كان واجباً من اليوم الذي حظرت فيه فضائيات أخرى بسبب موقفها في خندق المقاومة، أن تجري المبادرة للانسحاب الوقائي الاستباقي من القمرين عرب سات ونايل سات والانتقال إلى القمر الروسي، بانتظار أقمار أشد يسراً وسهولة في التلقي، وحجز باقة تضم كل القنوات التي تريد حرية التعبير، وتلتزم خيار المقاومة وتخشى من التعرّض للحظر والتقييد وإملاء الشروط. وسيكون للجمهور الخيار، بين صحون ولواقط تزوّده ببث قنوات يحملها النايل سات والعربسات من نوع الجزيرة والعربية وأخواتهما، أو صحون ولواقط تزوّده ببث قنوات يحملها القمر الروسي من نوع المنار والفضائية السورية وقناة الميادين وقناة العالم وسواها العشرات من القنوات العراقية واليمنية والبحرينية، أو أن يختار التزوّد بالاثنين.
– لم يفت أوان القرار للمستقبل، وهذا يعني راهناً حجز مكان حزمة يتولاها ثنائي المنار والفضائية السورية وتُعرض على القنوات الصديقة بتسهيلات مالية وتقنية يتم التفاهم عليها مع الشركة المشغّلة للقمر الروسي. وهذا سيعني أنه خلال شهور قليلة سيصير للقمر الروسي متابعون يمثلون نصف جمهور الناطقين باللغة العربية، وسيعني تحصين القنوات التي تبث على نايل سات والقمر الروسي معاً، فلا تكون عرضة للابتزاز وتملك ما يحمي حريتها وقدرتها عندما تتعرّض للضغط بقوة التهديد بالحظر، بديلاً يتيح لها أن ترفض إذعاناً دون أن تشعر بالخسارة.
– هي حرب أرادوها حتى النهاية، فلتكن حرباً حتى النهاية.