مقتل ضباط أتراك ضمن صفوف «النصرة»… والطيران الروسي في معركة حلب زاسيبكن: الرئيس التوافقي هو القوي وبالعكس… ووضع فرنجيه دليل التعقيد
كتب المحرر السياسي
تتقدّم مساعي الهدنة في اليمن بعدما تمّ إقرار مسودّة الهدنة بنسبة تسعين بالمئة، كما قالت مصادر متابعة لـ«البناء» بينما يجري الإعداد لمسودّة جدول أعمال الحوار الذي تستضيفه الكويت، وتقول المصادر إنّ المفاجأة قد تكون بسرعة وانسيابية نجاح مساعي التسوية اليمينة وتقدّمها عن المسار السوري، رغم بدئها متأخرة عنه بشهور.
على إيقاع المسارين السياسيين لإنهاء الحرب في كلّ من سورية واليمن يفتتح الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز زيارة طال انتظارها للقاهرة بعدما تأجلت مراراً، وفيما افتتحتها مصر بحظر قناة «المنار» عن البث على قمر «نايل سات»، افتتحها الملك سلمان بافتتاح مشروعات تموّلها السعودية يقدّر أن يصل إجمالها عشرين مليار دولار. ومن المتوقع وفقاً لمصادر مصرية وسعودية إعلامية أن يكون ملف العلاقات التركية المصرية هو الملف الأكثر تعقيداً الذي ينتظر القمة في ظلّ مساعٍ سعودية لقيادة مصالحة تجمع الرئيسين المصري والتركي، برعاية الملك السعودي على هامش القمة الإسلامية في الشهور المقبلة، تحت عنوان إقامة حلف التوازن الثلاثي في وجه إيران.
على المسار السوري الذي تتضح معالمه سياسياً، بحصر البحث في لقاء جنيف المقبل بآليات الانتقال الدستورية، بين الدستور الحالي ودستور جديد يفترض أن تضعه حكومة الوحدة التي ينتظر أن تخرج بها المحادثات، سجل الأميركيون انسحابهم من مطلب جماعة الرياض بجعل بحث الرئاسة واحداً من بنود جدول الأعمال بالقول إنّ شأن الرئاسة ومناقشتها يخصّ السوريين وحدهم، بينما كان تفجير جبهة حلب وأريافها من قبل «جبهة النصرة»، بعدما نجح الجيش السوري بحسم معارك تدمر، خشية تقدم استحقاق الحرب على معاقلها في إدلب وأريافها بعدما ارتضت وضع مواقع سيطرتها في حلب وأريافها تحت راية جماعة الرياض لتفادي المواجهة فيها، لتجد أنّ استئخار معركة إدلب غير ممكن إلا باستحضار معركة حلب، بعد فشل الرهان على صمود «داعش» في تدمر واستنزافها لقوات الجيش السوري هناك.
ردّ الجيش السوري بقرار الحسم في حلب وأريافها، بدا مدعوماً بقوة من الحلفاء وفي طليعتهم روسيا، باعتبار الحرب هناك ضدّ «جبهة النصرة» بصفتها جزءاً من مكوّنات الهدنة، مثلها مثل الحرب على «داعش»، وما جرى في تدمر، على قاعدة أنّ الهدنة استثنت من أحكامها كلا التنظيمين.
جبهات حلب المشتعلة، كان أبرزها حي الشيخ مقصود، الذي اتهمت مصادر روسية «جبهة النصرة» باستخدام غاز الخردل في معاركه،
بينما سجلت مصادر عسكرية سقوط ضباط أتراك في صفوف «النصرة» في المواجهات، التي قالت وزارة الدفاع الروسية، إنّ طائراتها أغارت خلالها على مواقع لـ«النصرة»، وتصدّت وحداتها لإحباط هجمات تستهدف أحياء يسكنها المدنيون الأكراد.
لبنانياً، شكل كلام السفير الروسي عن الرئاسة اللبنانية وتعقيداتها مؤشراً واضحاً على أنّ الاستحقاق لم ينضج بعد، وقد أخرج السفير زاسيبكين التقييم من مواصفات الرئيس بقوله إنّ الرئيس القوي عندما يصير رئيساً سيصير توافقياً، والرئيس التوافقي الذي يصير رئيساً سيصير قوياً، متخذاً من وضع النائب سليمان فرنجيه مثالاً لدرجة صعوبة وتعقيد المسألة الرئاسية، حيث يقف النائب فرنجيه بين ضفتي كونه مرشحاً من تيار المستقبل كمرشح توافقي، وكونه جزءاً من حلف سياسي والتزامات هذا الحلف.
على ضفة موازية للهمّ الرئاسي المستمرّ، حظ الحكومة المتعثرة زاد تعثراً عندما حط على طاولتها ملف جهاز أمن الدولة والخلافات المحيطة باعتماداته المتوقفة على خلفية خلاف المدير العام مع نائبه، ليتحوّل النقاش الوزاري إلى متاريس طائفية هدّدت تماسك الحكومة الهشة أصلاً، لترفع الجلسة ويرحّل الخلاف حتى الثلاثاء.
أمن الدولة يرفع الجلسة
طيّرت السجالات التي حصلت في ملف أمن الدولة خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، «تجهيزات المطار» ومعها الإنترنت غير الشرعي والاتجار بالبشر والدعارة من البحث في الجلسة وبات الانقسام في الآراء والمواقف يهدد جلسة الثلاثاء المقبل، فرئيس الحكومة لم يحسم موقفه من الدعوة حتى تتوضح المواقف السياسية من قضية أمن الدولة.
طغت الأجواء السلبية على الجلسة إثر الخلاف على موضوع أمن الدولة بين الوزراء بعد نقاش ساخن لم يؤد إلى نتيجة، وبالتالي أرجئ هذا الملف إلى جلسة أخرى تعقد يوم الثلاثاء المقبل، كما أعلن رئيس الحكومة تمام سلام لاستكمال بحث الملفات.
واستغرق بحث موضوع أمن الدولة نحو ساعتين قبل أن ترفع الجلسة بعد تعذّر التوصل إلى اتفاق، حيث أبلغ سلام الوزراء في بداية الجلسة أنه سيرفعها عند الساعة الواحدة والنصف وأنه سيدعو إلى جلسة ثانية الثلاثاء لاستكمال بحث هذا الملف وغيره.
سجالات ساخنة بين الوزراء
وعلمت «البناء» أن سجالات عدة حصلت أثناء الجلسة أبرزها دار بين وزيري الاقتصاد آلان حكيم والمالية علي حسن خليل حول وضع بند نقل الاعتمادات المخصصة لأمن الدولة على جدول أعمال الجلسة وسجالاً آخر بين وزيرَي العمل سجعان قزي والشباب والرياضة عبد المطلب الحناوي وبين وزيرَي الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والخارجية جبران باسيل حول فضائح قوى الأمن الداخلي. واتخذت بعض هذه السجالات منحىً طائفياً. كما علمت «البناء» أن «آراء الوزراء المسيحيين كانت منقسمة ومتفاوتة حيال أمن الدولة خلال الجلسة، فوزراء التيار الوطني الحر والكتائب والوزير ميشال فرعون في موقع ووزراء الرئيس ميشال سليمان في موقع آخر».
تصلُّب في المواقف
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «أجواء الجلسة لم تكن إيجابية، حيث بدأت الجلسة بتمرير بعض بنود جدول الأعمال كقبول هبات ونقل اعتمادات إلى بعض الوزارات قبل فتح ملف أمن الدولة الذي أثير النقاش حوله بين الوزراء الذين أبدى كل واحد منهم وجهة نظره للحل، وحصل اعتراض من وزراء التيار الوطني الحر والكتائب وميشال فرعون على تهميش جهاز أمن الدولة وعدم إدراج نقل اعتمادات مالية إلى هذا الجهاز على جدول الأعمال»، مشددة على أن «نقاشاً ساخناً حصل بين الوزراء لم يصل إلى نتيجة بسبب تحجّر وتصلّب مواقف جميع الأطراف».
وأضافت المصادر أن «وزير الاتصالات بطرس حرب لم يكن بعيداً عن رؤية وزراء التيار والكتائب وفرعون، بينما لم يُدلِ وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج بأي مداخلة حول هذا الأمر».
.. وسلام ينتظر تبريد الأجواء
وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن «رئيس الحكومة دعا في ختام الجلسة إلى جلسة ثانية يوم الثلاثاء مبدئياً، لكنه سينتظر الاتصالات على هذا الصعيد وتبريد الأجواء ليدعو إلى جلسة لبحث هذا الملف وغيره من المواضيع الساخنة»، ولفت إلى أنه «لم يتمّ بحث ملفي الانترنت وتجهيز المطار لضيق الوقت».
لا حلّ ولا تعطيل…
وقالت مصادر وزارية أخرى لـ«البناء» إن أي حل لم يُطرح خلال الجلسة في ما خصّ أمن الدولة، «كما لم يحصل أي تعطيل للحل، بل إن ما حصل هو خلاف حول إدراج بند نقل الاعتمادات المتعلقة بجهاز أمن الدولة على جدول الأعمال كباقي اعتمادات المؤسسات الأمنية، ما لاقى رفضاً من بعض الوزراء».
وعن سبب السجال بين الوزيرين خليل وحكيم، قالت المصادر: «إن السجال حصل بين الوزيرين حول قانونية نقل الاعتمادات، فقال خليل إنه حصل على توقيع واحد من مدير جهاز أمن الدولة ولم يحصل على توقيع نائب المدير، لأن قرار نقل الاعتمادات يحتاج إلى توقيعين، فردّ حكيم سائلاً خليل: نقل الاعتمادات يحتاج إلى توقيعين أم إلى توقيع واحد؟». فردّ خليل بالقول «السفر والمشاركة في دورات والنفقات السرية تتطلب قراراً من مجلس القيادة أي توقيعين ». وتدخل وزير الخارجية جبران باسيل سائلاً خليل ما إذا كان ذلك صحيحاً فلماذا المطالب المتعلقة بأمورعادية وتعني الضباط غير مدفوعة منذ سنة؟». ورداً على وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اكد ان البعض يعتبر طائفة الجهاز أهم من الدولة كلها، توجه باسيل الى المشنوق بسؤال «كيف يصبح مَن يطالب بتطبيق الدستور والقوانين طائفياً في حين أن الرئيس سعد الحريري خلال زيارته على رأس وفد الى موسكو ضمّك معالي الوزير، طالب بحقوق السنة في سورية؟ أنا لا أفهم كيف تكونون علمانيين ونحن الطائفيون؟».
حكيم لـ«البناء»: الحلّ باحترام القانون
وأكد الوزير حكيم لـ«البناء» أن «لا حل لهذا الملف إلا باحترام القانون والالتزام بصلاحيات المدير واحترام التراتبية والهرمية والمناصب وتطبيق القانون».
كما شدّد على «تطبيق قانون المساواة بين اللواء والعميد أي بين المدير ونائبه وأن التوقيع الأساسي لنقل الاعتمادات هو للمدير العام أما التوقيع الثاني فهو مبتكر ولا داعي للدخول في اجتهادات قانونية».
وأشار حكيم إلى اختلاف في الرؤى بين الوزراء حيال هذا الملف، مثنياً على موقف حزب الله في الجلسة قائلاً: «موقف وزراء حزب الله كان صحياً وسليماً وإيجابياً جداً في هذا الملف، كما في المواضيع والملفات السابقة خلال السنة وأربعة أشهر الماضية».
هولاند يزور لبنان منتصف الشهر الحالي
وفي ما بات معلوماً، كما تؤكد مصادر مطلعة لـ«البناء»، أن لا انتخابات رئاسية في المدى المنظور وأن الحكومة الحالية باقية ومستمرة إلى أجل غير مسمّى رغم ما يعتريها من عقبات وعقد في بعض الملفات، لن تغير زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى لبنان والمنطقة في السادس عشر من نيسان في المشهد الرئاسي، إنما ستكون زيارة عمل للتعبير عن تضامن فرنسا والتعبئة الكاملة إلى جانب هذا البلد الصديق. كما أعلن المكتب الصحافي في قصر الاليزيه.
وتحضيراً لهذه الزيارة، واصل السفير الفرنسي إيمانويل بونز زياراته على الكتل النيابية، حيث التقى أمس رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وتطرقا إلى أهداف الزيارة ودلالاتها الواضحة.
زاسيبكين: ملف الرئاسة ليس سهلاً
وأكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين أن «الرئيس القوي هو التوافقي والعكس صحيح»، مشيراً في حديث لإذاعة «صوت الحرية» الى «أنه يحترم موقف حزب الله المبدئي من دعم الجنرال ميشال عون والتزام الحزب بخياره»، ولفت الى أن «رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيه المرشح من قبل تيار المستقبل لا يزال منضبطاً في التزاماته وهذا يدل على أن ملف الرئاسة ليس سهلاً».
وشدد زاسيبكين على أن «روسيا لا تتدخل في هذا الملف الرئاسي، لكنها تؤكد ضرورة أن يكون هناك تشاور بين الدول المعنية من أجل إبداء النصائح للبنانيين لا لفرض الإرادة عليهم للاستعجال في ملء الفراغ»، مشدداً على أن «لا اتفاق وراء الكواليس أو خارج إرادة الأطراف اللبنانية حول شخص الرئيس وهذا غير وارد، وإن صحّ هذا الأمر في الماضي غير أني لا أرى أنه سيتكرر اليوم».
وأكد السفير الروسي في لبنان أن «المشاركة الروسية في الحرب السورية أدت الى تغيير جذري في الميدان وفتحت الطريق لاستكمال المهمة في مكافحة الارهاب وساهمت في إعلان التهدئة أما الانسحاب الجزئي اليوم من سورية فساعد على تثبيت هذه التهدئة».
ورداً على سؤال عن اتهامات المعارضة السورية موسكو بإفشال مفاوضات جنيف لرفضها إجراء مشاورات حول مصير الرئيس بشار الأسد، أكد زاسيبكين «أنه ليس من صلاحية الولايات المتحدة وروسيا الحديث حول مصير الرئيس الأسد، فهذا شأن سوري يتفق عليه السوريون أنفسهم»، مشدداً على أنه «لا يجوز الاستسلام أمام الضغوط والشروط التعجيزية قبل التفاوض والتي تعرقل الجهود السلمية للحل السياسي، وإن محاولات هؤلاء تأتي في إطار التخويف والتهديد بفشل المفاوضات، وهذا اسلوب غير سليم لن ينفع. فالمفاوضات يجب أن تحصل وفق خارطة الطريق».
التمييز ختمت محاكمة سماحة
على صعيد آخر، ختمت محكمة التمييز العسكرية، محاكمة الوزير السابق ميشال سماحة في جرم نقل متفجرات من سورية إلى لبنان بهدف القيام بأعمال إرهابية، بعدما أبدى القاضي ابو سمرا مطالعته واستمعت المحكمة إلى مرافعات وكلاء الدفاع والكلام الأخير لسماحة، وأرجأت الجلسة إلى اليومين المقبلين لإعطاء الحكم.
هل يصدر حكم جديد ضدّ سماحة؟
ونفت مصادر مطلعة على الملف أن يكون سماحة قد نقل إلى سجن رومية، مؤكدة أنه ما زال في سجن الريحانية. وكشفت أن «محامي الدفاع قدموا معطياتهم ودفاعهم الذي تركز على جهتين: الأولى عدم وقوع الجرم والثانية نظرية الاستدراج من العميل ميلاد كفوري ومَن يقف خلفه الذي لم يتم استدعاؤه في سابقة لم تحصل في تاريخ القضاء، رغم أنه الركن الأساسي في القضية والمحرّض والمفبرك».
ورجحت المصادر أن تصدر محكمة التمييز حكماً إضافياً ضد سماحة الأمر الذي يشكل مخرجاً للجميع لا سيما لعودة العلاقة بين الرئيس سعد الحريري ووزير العدل أشرف ريفي وباباً لعودة الأخير عن الاستقالة من الحكومة».
واضافت المصادر أن «جهات سياسية وضعت القاضي طوني لطوف في مأزق كبير لفرض حكم ضد سماحة بعد الحملة الإعلامية والتشهير الذي مورس ضد القضاء بعد تخلية سبيل سماحة وبعد تجرؤ وزير العدل على القضاء والتدخل المباشر بعمله وإحالة بعض القضاة إلى المجلس التأديبي من بينهم القاضية المدنية في المحكمة العسكرية ليلى رعيدي».
وأشارت إلى أن «الأجواء القضائية وأداء رئيس المحكمة والمرافعات كانت أكثر من ممتازة، لكن العقدة هي في تمنّع القضاء عن استدعاء كفوري ومن وراءه للتحقيق معهم».
توقيف سماحة قانوني
وقالت مصادر قانونية لـ«البناء» إن «توقيف سماحة إجراء طبيعي ما بين فترة المرافعة وإصدار الحكم ولكون هذا الملف طويلاً وشائكاً يحتاج إلى بعض الوقت لإصدار الحكم وخلال يومين كحد أقصى، بحسب ما قال رئيس المحكمة، وبالتالي يمكن إصداره اليوم».
وأضافت: «يجب أن لا يتم فسخ حكم المحكمة العسكرية العادية على سماحة، بل يجب تخفيض العقوبة التي كانت عالية نظراً لحجم الجرم الذي لم يقع بالأصل، وبالتالي يجب أن تردّ محكمة التمييز دعوى التمييز».