اغتيال مسؤول فتحاوي في صيدا بتفجير سيارته وردود فعل حذّرت من الفتنة في المخيمات ودعت إلى كشف الجناة
في حادث أمني جديد على الساحة الفلسطينية اغتيل أمس مسؤول حركة «فتح» في مخيم المية ومية العميد فتحي زيدان الملقّب بـ«الزورو» ومرافقه، بانفجار عبوة ناسفة كانت موضوعة تحت مقعد سيارته أثناء مروره عند مستديرة الأميركان بالقرب من مخيم عين الحلوة. وتمّت الجريمة بعد وقت قصير من حضور زيدان اجتماعاً أمنيّاً في مخيم المية ومية وكان في طريقه لاستكمال اجتماع آخر في مقرّ «فتح» داخل مخيّم عين الحلوة.
وعلى الفور ضرب الجيش اللبناني والقوى الأمنية طوقاً أمنياً في المكان، ومنع الدخول والخروج من المنطقة، وحضرت الأدلّة الجنائية التي أخذت عيّنات من المكان لمتابعة التحقيقات تحت إشراف القضاء المختص، فيما عملت سيارات الإسعاف على نقل جثّة زيدان أشلاءً وأربعة جرحى إلى مستشفيي صيدا الحكومي والهمشري، وقد تسبّب الانفجار باحتراق سيارة زيدان بالكامل وأضراراً مادية في المكان.
وأوضح بيان لقيادة الجيش أنّ الخبير العسكري عاين موقع الانفجار، وحدّد زنة العبوة بنحو كيلوغرام واحد من المواد المتفجرة. وبوشر التحقيق في الحادث لكشف ملابساته.
وفي سياق ردود الفعل على الجريمة، وصف مسؤول قيادة الساحة اللبنانية في حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية فتحي أبو العردات استهداف زيدان بـ«الخطير»، معلناً عن تشكيل لجنة تحقيق فلسطينية بالتنسيق مع التحقيقات التي تُجريها الدولة اللبنانية لكشف ملابسات الانفجار ومن يقف وراءه.
وقال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، اللواء صبحي أبو عرب: «لا نتخوّف من توتير الوضع الأمني في المخيّمات، وهؤلاء الجبناء وضعوا العبوة في سيارة الشهيد زيدان الذي ليس له أعداء، وكان له دور فاعل وهامّ في حل أيّة مشاكل، وكان موضع احترام من قِبَل الجميع، ونحن سنتابع تحقيقاتنا بالتنسيق مع الجهات الأمنية اللبنانية، حتى نصل إلى الحقيقة».
من جهته، كشف قائد القوة الأمنية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح أنّ زيدان كان يطالب في الاجتماع الذي حضره بتعزيز الإجراءات الأمنية في مخيم المية ومية.
واعتبر المقدح أنّ «الحملة كبيرة على مخيم عين الحلوة، واليوم كان هناك اجتماع في مخيم المية ومية طالب بتشديد الأمن في المخيمات، مشدّداً على أنّ «استهداف زيدان، المعروف بـ«زورو»، هو استهداف للمخيمات الفلسطينية». وشدّد على أنّ «من غير المسموح أن يأخذ أيّ فريق المخيمات رهينة»، موضحاً أنّ «التنسيق مع الجهة اللبنانية يجري على أعلى المستويات، ولا سيّما مع الجيش اللبناني».
من جانبه، أكّد قائد القوة المشتركة في مخيم عين الحلوة العميد خالد الشايب لـ«المركزية» أنّ «فتحي زيدان حضر اجتماعاً في مخيم المية ومية لتنسيق الإجراءات الأمنيّة قبل اغتياله، وما حصل استهداف لحركة فتح والمخيمات»
هاشم
ودانَ عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم الجريمة معتبراً أنّ «ما حصل هو استهداف للاستقرار والأمن الوطني ومحاولة واضحة لزعزعة الاستقرار، لأنّ الأمن والاستقرار هو واحد، وأمن المخيّمات ومحيطها هو جزء لا يتجزّأ من الأمن الوطني العام في لبنان».
أضاف: «على الجميع تحمّل المسؤولية لتحصين الوضع الأمني، ورفع منسوب التنسيق والتعاون مع الأجهزة والقوى الأمنية اللبنانية من قِبل القوى والفصائل الفلسطينية لوضع حدّ لأيّة محاولات لهزّ الاستقرار ولسدّ كل الثغرات التي يحاول الإرهاب وأدواته النفاذ من خلالها، وهذه مسؤولية جامعة، وعلى عاتق الأخوة في الفصائل والقوى الفلسطينية بشكل أساسي».
وختم: «المطلوب وحدة الموقف والانتباه والحذر لتجنيب لبنان أي أخطار في ظل التطوّرات والتحدّيات التي تمرّ بها المنطقة».
واستنكرت كتلة المستقبل والنائبة بهية الحريري اغتيال زيدان.
مواقف مستنكرة
وعقدت القيادة السياسية لـ«القوى الوطنية والإسلامية» في منطقة صيدا اجتماعاً طارئاً في مسجد «النور» وأصدرت بياناً، دانتْ فيه «الجريمة المروّعة» معتبرة أنّ «هذه الجريمة هي استهداف للوضع الفلسطيني في لبنان، وخصوصاً في منطقة صيدا، من قِبَل أياد تريد زرع الفتنة والعبث بأمن المخيمات الفلسطينية في صيدا وجوارها واستقرارها».
وأكّدت «وحدة الموقف الفلسطيني بوجه استهداف قضيّتنا الفلسطينية»، داعيةًً الجميع إلى «عدم الانجرار وراء الشائعات»، وتقدّمت من حركة «فتح» وعائلة الشهيد بأحرّ التّعازي.
واستنكر لقاء الأحزاب اللبنانية في الجنوب التفجير، معتبراً أنّه «يستهدف الأمن الوطني اللبناني والفلسطيني ووحدة الشعبين اللبناني والفلسطيني» محمّلاً المسؤولية «للقوى التي تحاول العبث بأمن المخيمات الفلسطينية، والتي لا تخدم إلّا العدو الصهيوني».
كما ندّد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد بالجريمة، معتبراً أنّ «جريمة التفجير والاغتيال في صيدا تشكّل تصعيداً خطيراً في الأعمال التخريبية الإرهابية، فبعد الاشتباكات المتكرّرة داخل مخيم عين الحلوة، انتقل النشاط الإرهابي ليضرب في أحد شوارع مدينة صيدا، مستخدماً أسلوب الاغتيال الإجرامي بواسطة التفجير».
وطالب الفصائل الفلسطينية بـ«الوقوف بحزم وصلابة لمواجهة كل الحالات الشاذّة التي تعبث بأمن المخيم وبأمن صيدا والأمن الوطني اللبناني عموماً»، داعيا إيّاها إلى «توحيد جهودها وتوثيق التعاون مع القوى العسكرية والأمنية اللبنانية من أجل وضع حدّ نهائي للظواهر الشاذّة ولمسلسل العبث بالأمن والاستقرار».
ونعتَ اللجان الشعبيه لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في مخيمات منطقة صيدا في بيان زيدان، ودعت «اللجان الفلسطينية المشتركة المختصة إلى أخذ الإجراءات اللازمة، بما فيه تشكيل لجان تحقيق مهنيّة ذات اختصاص للكشف عن حيثيّات الاغتيال وكشف وتعرية كل من يقف خلفه، ومحاكمة المجرمين القتلة».
وأكّدت «بذل الغالي والرخيص للحفاظ على مخيّماتنا وحمايتها وحماية العيش المشترك الفلسطيني ـ اللبناني، مهما بلغت التضحيات».
وشدّد ممثّل حركة «الجهاد الإسلامي» في لبنان أبو عماد الرفاعي على أنّ اغتيال زيدان «يأتي في إطار استهداف أمن المخيمات واستقرارها، وتوتير الأجواء بهدف إثارة الفتنة، في إطار استهداف قضيّة اللاجئين»، داعياً إلى «وحدة الموقف الفلسطيني لتفويت الفرصة على مشاريع الفتنة» وشدّد «على ضرورة حماية المخيمات وقضية اللاجئين من مشاريع التصفية التي تستهدفها».
واعتبرت «الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين» أنّ «أفضل ردّ على هذه الجريمة هو الارتقاء بالعمل الوحدوي، وضرب كل من يسعى إلى العبث بمصلحة شعبنا واستقرار مخيماته».
ورأى نائب الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية ناظم اليوسف، أن المستفيد من الجريمة «هو العدو الصهيوني، وأنّ الردّ عليها يكون بتعزيز الوحدة الوطنية بين جميع الفصائل الفلسطينية في مواجهة الجريمة وأهدافها، ما يتطلّب تحقيقاً جديّاً للتعرّف على الجناة ومحاسبتهم».
وأشار «تجمع العلماء المسلمين» إلى أنه حذّر «أكثر من مرة من مؤامرة على مخيم عين الحلوة تستهدف تدميره وهي تأتي في سياق تدمير المخيمات على طريق إنهاء القضية الفلسطينية وجعل الشعب الفلسطيني جزءاً من الدول التي لجأ إليها»، لذلك فإننا في تجمع العلماء المسلمين إذ نستنكر الأعمال الإرهابية في المخيم وآخرها اغتيال فتحي زيدان ندعو الفصائل الفلسطينية للتوحد في عمل عسكري مشترك للقضاء على الزمر التكفيرية داخل المخيم لأن البديل سيكون القضاء على كامل المخيم».
وأكّد الأمين العام لاتحاد علماء المقاومة الشيخ ماهر حمود، أنّ «هذا العمل الجبان يطرح تساؤلات خطيرة حول أمن المخيمات والمؤامرات المستمرة لتفجير الوضع الأمني فيها»، مؤكّداً «ضرورة تثبيت وحدة الموقف الفلسطيني اتجاه أي محاولة لزعزعة الاستقرار».
واعتبرت «جبهة العمل الإسلامي» الجريمة «»خدمة مجانية تصبّ في مصلحة العدو الصهيوني الغادر، الذي يعمل على إجهاض القضية الفلسطينية وإشعال نار الاقتتال الفلسطيني الداخلي كي ينسى الجميع القضية المركزية».
ودعا «تيار الفجر» إلى «ممارسة أعلى درجات ضبط النفس، وإلى الحزم في الموقف الأمني والسياسي المتضامن داخل ساحة المخيمات، وبالتعاون الكامل مع الأجهزة الأمنيّة اللبنانية».
وطالب «لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية» الأجهزة الأمنية اللبنانية والفلسطينية «بالكشف عن ملابسات الجريمة وملاحقة الفاعلين، حفاظاً على الأمن والاستقرار في المخيم والجوار».
ورأى الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد، أنّ الاغتيال «هو حلقة من مسلسل جهنّمي يستهدف تفجير الأوضاع في لبنان، ويؤشّر إلى سعي الإرهابيين إلى إقامة إمارات سلفيّة في غير منطقة لبنانية، وتحويلها إلى أمر واقع في الشمال والبقاع وعرسال وصيدا».
وسأل الأسعد كيف يدخل الإرهابيون إلى مخيم عين الحلوة، وكيف يخرجون منه ويتوجّهون إلى سورية ثمّ يعودون من دون حسيب أو رقيب؟ ومن يسهِّل لهم كل ذلك ومن يؤمّن لهم الملاذ الآمن، متّهماً بعض السياسيين «بحماية هؤلاء الإرهابيين لاستعمالهم غبّ الطلب».
واعتبرت «حركة الأمة» «أنّ هذا العمل الإجرامي يهدف إلى تعكير الأمن في لبنان».
استنكرت «حركة أنصار الله – المقاومة الإسلامية – لبنان» في بيان «الجريمة النكراء»، ودعت إلى «الضرب بيد من حديد على أيدي كل العابثين بأمن شعبنا».
لقاء تشاوري
على صعيدٍ آخر، عُقد لقاء تشاوريّ وتنسيقيّ في مخيم البداوي بين قيادتي «حركة فتح الانتفاضة» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة»، حضره مسؤول الحركة في الشمال خليل ديب، ومسؤول الجبهة في الشمال أبو عدنان عودة، وأعضاء في قيادتي الطرفين.
وتركّز البحث، على «تطوير العمل المشترك وتفعيل كل الأُطُر الوطنية من أجل صون المخيمات الفلسطينية في لبنان وحماية أمنها، والحفاظ على تمسّك الشعب الفلسطيني بالأهداف والقِيَم التي انطلقت الثورة الفلسطينة من أجلها».