شكرًا جوليا … شكرًا «الميادين»

الياس عشي

« شكرًا جوليا»

التوقيع: «الميادين».

بات صباحي أجمل وأنا أبدأه، من خلال «الميادين»، مع جوليا، وأضيف إلى ذاكرتي يوماً آخر من أيام غزّة المقاومة.

وأنا باسم الذين ما زالوا يؤمنون بأنّ الحياة وقفة عز واحدة فحسب، أقول لـ«الميادين»: شكرًا… شكرًا… شكرًا… لأنك تعيدين الاعتبار إلى الإعلام العربي الذي تجرأ وتواطأ وباع سورية والعراق ، وهو يستعدّ الآن لقبض ثمن فلسطين.

شكراً لجوليا المتماهية مع ثقافة المقاومة، الصارخة في وجه العدو أنْ سنقاوم، المعطّرة بصوتها السماوي أكفان الأطفال، الصافعة بنبرتها الحادّة حفنة من «المتعلّمين» الذين ما كفّوا عن الثرثرة يوم كانت سورية تبكي وتتوجّع، وقد غابوا اليوم، وغزّة تُذبح من الوريد إلى الوريد، عن السمع والبصر، وفي مقدّم هؤلاء عزمي بشارة الذي نسي أنه من فلسطين، وسكت وسيبقى ساكتاً إلى أن يؤمر بالكلام. أليس هو رمزاً من رموز حرب المحاور التي تقامر على غزّة؟

منذ أن ترمّد تراب الجنوب اللبناني بنار المقاومة، ومنذ أن سطعت نجمة تدعى سناء تحمل في جعبتها السنين الضوئيّة كلّها، ومنذ أن دشّن عاطف الدنف ، المعروف بثائر، أوّل نفق بين المعتقل والحرية، ومنذ أن أطلق خالد علوان الرصاصات الأولى في مقهى الويمبي مردياً ثلاثة من جنود الاحتلال، ومنذ أن هرب اليهود من الجبل، من بيروت، من صيدا، ومن الجنوب كلّه، ومنذ أن انتصرت المقاومة الوطنية اللبنانية في حرب تموز، أقول: منذ تلك الأيام النقيّة الشبيهة بقامات النخيل، وصوت جوليا يسكن ضمائر الأحرار أينما وجدوا.

أعود إلى الوراء… في الخمسينات وعدتنا فيروز بالعودة إلى أحياء فلسطين القديمة عندما غنّت «سنرجع يوماً إلى حيّنا»، وفي الستينات سقطت القدس في أيدي التتر، لكنّ فيروز الرائعة لم تقفل أبواب المدينة المقدّسة ، فشدا صوتها «سأدقّ على الأبواب / وسأفتحها الأبواب»، واليوم تصرخ جوليا عبر «الميادين»:

«سأقاوم .. سأقاوم

يرحلون ونبقى

نحن أقوى»

وبقيت دمعتي، وأنا أنصت إليك ، عصيّة يا جوليا، حبستها بين بياض العين وسوادها، إلى أن حيّيتِ الشعب الفلسطيني والشعبين السوري والعراقي، فكانت تحيتك أشبه ببيان يؤكد أنّ لأميركا و«إسرائيل» والتكفيريين همّاً واحداً، هو القضاء على طموحات الوطنيين في «أن يكونوا أحراراً، من أمّة حرّة، كي لا تكون حريات الأمم عاراً عليهم».

«الميادين» وجوليا هما كلّ الفرق في الأداء الإعلامي عندما يبدأ الحديث عن غزّة الصامدة، وهما القيمة المضافة لنزار القائل في الشهداء الأطفال الذين تصطادهم إسرائيل:

كلّ ليمونة ستنجب طفلاً

ومحالٌ أن ينتهي الليمون.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى