دار الأوبرا ـ دمشق تكرم الموسيقار زهير منيني

سامر إسماعيل

كرّمت دار الأوبرا السورية الموسيقار زهير منيني، فأقامت برنامجاً حافلاً قدّمته فرقة «عبد الرحمن عبد المولى» بقيادة المايسترو زياد قاضي أمين، واستهلّت الفرقة الدمشقية أمسيتها اللافتة بمقطوعة «سماعي» ووصلة موشحات من مقام «راست»، وضع لها الألحان الفنان منيني مكرّساً عراقة القالب الموسيقي الشرقي الذي لطالما عمل عليه لسنوات عدّة ليطوّر هذا النمط الصعب من الموسيقى ذات الطابع الصوفي الطربي في آن.

وأتت مبادرة تكريم الفنان منيني أمس على مسرح الدراما من وزارة الثقافة ضمن إطار الاحتفاء بأساطين الطرب السوري الذي يأتي الموسيقار منيني كأبرزهم في النصف الثاني من القرن الفائت، إذ امتاز هذا الفنان بإنشاده الموشحات وتعلّمها منذ نعومة أظفاره على يد كبار أساتذة الطرب الأصيل في دمشق. فمنذ ولادته في حي الميدان الدمشقي عام 1929 تلقى المنيني علمه الموسيقي الرفيع على يد الأستاذين سعيد فرحات وعبد الرزاق غزال لينتسب بعد ذلك إلى المعهد الموسيقي الذي أسسه فخري البارودي عام 1947، والذي درّس فيه عدداً من الأسماء المهمة في عالم الطرب السوري من أمثال عمر البطش وعبد الوهاب السيفي ويحيى السعودي.

الفنان عبد الرحمن عبد المولى مطرب الموشحات السوري قام بأداء عدد من الموشحات والمقطوعات التي وضع ألحانها أستاذه الكبير منيني ليؤدي ببراعة في أمسية دار الأسد للثقافة والفنون موشحاً بعنوان «ربيع السرور»، وموشحاً بعنوان «رفعت يدي»، إضافة إلى موشح «الله أرجو» ليعيد بذلك جمهور دار الأوبرا إلى أجواء حلقات الطرب والذكر التي لطالما اشتهر بها حي الميدان الدمشقي كفنّ من فنون المدينة السورية التي ظلت شاهد عصر على عراقة الذائقة عند المستمع السوري.

موشح «يا غزال الرمل» من مقام «الكورد» أيضاً قام الفنان عبد المولى وفرقته الموسيقية بأدائه مقدّماً بعد ذلك موشح «عطفت بعد النفار» من مقام «زنجران» وهو من أجمل الموشحات التي وضع الموسيقار منيني ألحانها متخذاً من المقامات الفرعية مبنى لقوالبه النغمية المحكمة، إذ كتبت هذه الأعمال للتخت الشرقي بكامل تنويعاته ولآلات العود والناي والكمان والرق والقانون، إضافة إلى آلة التشيللو التي ساندت في الأمسية كمرافق في جوقة الآلات الشرقية لتكون حساسية الموشح هنا بقدرته على تحقيق جمالية الشعر العربي وقدرته على إنتاج الجمل اللحنية الأصلية في المخيلة الموسيقية العربية.

كما ساند الفنان عبد الرحمن عبد المولى جوقة الكورال التي أضفت بقدراتها الصوتية أكثر تلويناً في تقديم المقامات الشرقية العربية بقيادة الفنان قاضي أمين والذي استطاع بدوره أن يجعل من موشحات الفنان منيني مادة موسيقية رشيقة في تنويعاتها المقامية، لا سيما في أداء قصيدة «نظري إلى وجه الحبيب» وموشح «كؤوس حبك» من مقام «الصبا».

الأمسية الدمشقية تابعت برنامجها الحافل بأيقونات الموسيقى السورية مقدّمةً موشحاتها الرقيقة على نحو «تأنس بذكر الله» من مقام «جهار كاه» وموشح «يا رب الفلق» وموشح «أحسن ببارئك الظنون» من مقام «النهاوند»، وجميعها من ألحان الفنان منيني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى