نصيحةٌ بجمل!

عزيزتي، قد تظنين أنّك بلغتِ من الألم منتهاه ومن الحزن حضيضه. رمادٌ باردٌ يكسو دنياك ويحجب عنك ألوان الحياة. تملّين المقاومة وتدركين أنّ النهاية على بعد يومٍ أو بعض يوم. يتحوّل الزمن كله إلى ماضٍ والأرض كلّها إلى جحيم. تستعدّين للاستسلام لنزعة موتٍ أخيرة.

مفاجأة! لم تموتي بعد. تلك التجربة لم تقتلك. تفكرين بحلٍّ بديل بما أن ملاك الموت مشغولٌ حالياً عن سماع أنينك ودعواتك الساذجة.

الاعتياد. أمرٌ واقعٌ لا بدّ من التعايش معه. مصيرك الألم. هذا قدرك.

أصدّقتني؟ بالله عليكِ كفاك غباءً. أيعقل أن يعتاد أحدٌ على الألم؟ أيعقل أن يختار أحدهم وأد عمره؟

فإذاً؟ الاقتراح الغبي الثالث هو الانتظار. انتظار فرجٍ يأتيك على هيئة شخصٍ أو هبةٍ إلهيةٍ أو فانوسٍ سحري. انتظري ريثما يشيب شعرك وتخفي التجاعيد ملامحك وتصبحين عاجزةً عن إيجاد نظاراتك التي ستكونين على الأرجح تضعينها مباشرةً قبالة عينيك، فوق أنفك، في منتصف وجهك. انتظري ما لن يأتي وما لن يحدث وما لن يتغيّر.

نعم! إنّني أسخر منكِ ومنها ومنّي حين كنت مثلكما.

أنتِ أذكى من أن تنتظري، أجمل من أن تُهملي، وأقوى من أن تنكسري. لا تؤجّلي حياتك إلى الغد الذي لن يأتي. لا تستسلمي لأمرٍ واقعٍ سخيفٍ أو لقدرٍ تافهٍ أو لـ«قسمة ونصيب» غبيّين.

أخطأت؟ وإن يكن. تجربة ما عشتها بشخصيةٍ ما تعلّمت منها شيئاً ما.الحياة تحوّلٌ وتبدّلٌ وتغيير. فحوّلي وبدّلي وغيّري من نفسك لأنّك أنتِ الحياة. جرّبي وحاولي واخسري شرط أن تتعلّمي. قرّري ونفّذي ودافعي إلى أن تصلي.

وسط السواد الذي ترينه هناك ضوءٌ خافت، سيري نحوه بحذائك الجديد ذي الكعب العالي.

خلف جدار غرفتك الهادئة حفلةُ حياةٍ تضج موسيقى وألواناً وضحكات، اقبلي دعوة الأمل إليها واحضريها بفستانك الأحمر القصير أو الطويل إن كان هناك حارسٌ ما عند عتبة منزلك .

أما الرماد الذي كان يغطي أيامك، فمرّري أصابعك فيه شرط أن تتأكّدي أولاً أن طلاء أظافرك قد جفّ تماماً ، وأنا على يقين أنّك ستجدين هنا أو هناك جمرةً ما زالت روح النار فيها لتمدّكِ طاقةً وتبثّك أملاً وتشعلك حياةً.

آلاء ترشيشي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى