وليد جنبلاط ساعة توقيت لبنان الإقليمية والدولية فهل يكون ساعته الوطنية؟
روزانا رمّال
يختلف الفرقاء السياسيين في الثامن من آذار والرابع عشر منه على كيفية التعاطي او النظر الى أي موقف يصدر عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وهو زعيم سياسي لطائفة بأكملها بأي حال من الاحوال ورئيس كتلة ذات حيثية شاءت الظروف ان تكون في موقع من يأخذ لبنان من ضفة الى ضفة او يصنع توازناته السياسية.
قد تختلف معه لكن لا تختلف على حضوره القوي ودوره المحوري، شكلاً ومضموناً، في الاستحقاقات كما حضر أمس في الازمة التي لحقت بعرسال وهي الازمة التي كان قد حذر منها اي من «الخطر التكفيري» منذ ايام، فقال: «داعش يكاد يصبح على الحدود مع لبنان، كما يتضح لكل من يتابع خريطة توسّعه، وهذا يتطلب أقصى درجات اليقظة»، محذراً من أنه «يكفي ان يكون فكر «داعش» على حدودنا حتى نشعر بالخطر، فكيف إذا تعدّدت أشكال التهديد المترتب على تمدد هذا التنظيم».
أما وقد أصبح «داعش» في لبنان جهاراً في بلدة لبنانية اصيلة بعد ايام من تحذير جنبلاط من هذا الخطر، فإن موقف ومشهد وخطاب من يمكن ان يحملهم التاريخ يوماً ما مسؤولية في أي سقطة أو سهوة وطنية يجب ان يخرج الى الواجهة اليوم بوضوح.
حضر «داعش» وحضر الجيش في مواجهته… اما وليد جنبلاط… فحضر وحضر معه وضوح كبير بتصريح مفصلي وضع من خلاله الاصبع على الجرح ظهر فيه من موقع وطني مسؤول… فقد دعا الى التعاون والتواصل بين الفرقاء اللبنانيين خصوصاً بين سعد الحريري ونبيه بري كاشفاً انه هو من طلب لقاء السيد نصر الله وأنها مبادرة قام بها بنفسه غامزاً من توضيحه هذا الى باقي المسؤولين ليحذو حذوه من دون اي حسابات لأن ما يجري اهم بكثير مما يتداولونه.
يقول جنبلاط… أجلّوا حساباتكم
فالخطر كبير على لبنان من دون استثناء ولا فرق بين مسيحي او مسلم، وأضاف: «القول ان دخول «داعش» الى لبنان هو رد فعل على قتال حزب الله في سورية غير صحيح فأبطال مارون الراس استشهدوا في العراق… ويتابع المطلوب اليوم ان نستشهد لحماية لبنان ودعم الجيش اللبناني».
كل جملة وكل كلمة خرج بها النائب وليد جنبلاط مدروسة ومقصودة ومحورية، فبين دعوته الى التعاون السياسي والتواصل واللقاءات على أهميتها، دعوة أهم وأدق تنطلق من اعتبار تضحيات حزب الله استشهاد عناصره مصلحة وطنية و«عربية» بسبب وقوفه بوجه خطر التكفير الساحق الذي يعمل على سلب هويات دول عربية عريقة ومصلحة الكل النظر بهذه العين نحوه – اي نحو حزب الله – اليوم من دون الوقوف عند حسابات و تجاذبات… كما هي مصلحة الكل في دعم الجيش اللبناني بعد كل التشكيك بأهداف الجيش ووطنيته التي لحق بها ما يكفي من تصويب.
مساعي جنبلاط للوساطة والتقريب بين بري الحريري ولقائه بالسيد نصر الله يعني دوراً محورياً لجنبلاط له أفق وابعاد عدة وهو يوضع في خانة تطور الوضع لمصلحة منطقه وليس لمصلحة منطق بعض المتشنجين. بالتالي من اين تأتي التغطية لدور جنبلاط «المسؤول» في هذه الظروف بالتحديد؟
الأكيد ان السعوديين لم يعطوا حتى الساعة أي ضوء أخضر لانطلاق عجلة المصالحات او حتى اللقاءات بين المسؤولين اللبنانيين، وعند الكلام على السعودية في لبنان يعني تيار المستقبل في شكل خاص وهذا الاستبعاد تؤكده تصريحات بعض نواب المستقبل المستفزة من لوم ورمي الاتهامات وتوزيع المسؤوليات او تحميل ما يجري لحزب الله بمحاولة تصب في ايجاد تبريرات للارهابيين، وهي لهجة تختلف عن لهجة جنبلاط ودعواته الى ضرورة اللقاء ورمي التهم جانباً في أخطر الظروف التي يمر بها لبنان.
وعليه فقد اتت الاشارة الاولى لمواكبة مواقف جنبلاط من الولايات المتحدة الاميركية والتي تجسدت بالزيارة المفاجأة للسفير الاميريكي في لبنان الى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ما يشير الى موقف اميركي رسمي داعم لأي خطوة يقوم بها الجيش اللبناني ورسالة اميركية قوية في هذا الاطار بمشهد يؤكد ان الاميركيين مواكبون لحركة جنبلاط «مستقوين به ومستقوٍ بهم» حتى لو لم تكن ثمة صلة بين موقفه وموقفهم!
فهل هذا استدراك في توقيت واحد لخطورة الوضع؟
هل يفتح كلام جنبلاط والحركة الاميركية المتسارعة باباً لانفتاح كل منهما على سورية من باب وجوب محاربة الارهاب؟
وللذين يقولون إن جنبلاط يتموضع لملاقاة المتغيرات التي قد يحملها انفتاح الغرب على سورية، يكون الجواب الطبيعي أن جنبلاط الذي قال ما قاله في الماضي عن تبني «الثورة السورية» بما فيها «داعش» و«النصرة» وكان سيخصص ليالي القدر للدعاء بنصرهما هو جنبلاط ذاته الذي قال ما قال اليوم مستشعراً الخطر ولو كان مستشعراً أيضاً اتجاه الريح، فالعتب هو على الذين لا يستشعرون لا هذا ولا تلك.
لا شك في انه سيقال الكثير في موقف جنبلاط، لكن يبقى أن شجاعة وليد جنبلاط منفذ وصمام أمان ينقذ البلاد اليوم… بغض النظر عن اي تقاطع في تحركه مع أي طرف دولي أو أقليمي يصب في مصلحة اللبنانين والجيش وربما قائد الجيش و«معه الرئاسة»!