استشهاد 10 عسكريين وجرح 35 وخطف 13 قهوجي: الهجمة الإرهابية محضّرة وجاهزون للمواجهة

تحولت عرسال في اليومين الماضيين إلى ساحة حرب ضارية بين الجيش اللبناني وآلاف المسلحين من جنسيات عربية مختلفة على خلفية توقيف الجيش مسؤول «جبهة النصرة» في القلمون السوري عماد أحمد جمعة. وسقط خلال المواجهات أكثر من 35 شهيداً وجريحاً من الجيش، فضلاً عن خطف 13 عسكرياً من منازلهم.

وفي التفاصيل أنه وإثر توقيف الجيش جمعة أول من أمس في أحد جرود عرسال خلال نقله إلى المستشفى بعدما كان أصيب في المعارك الأخيرة في المنطقة، ساد التوتر البلدة وسط انتشار مسلح. وإزاء ذلك تحركت طوافتان تابعتان للجيش من قاعدة رياق باتجاه جرود عرسال بحثاً عن المسلحين في ظل انتشار كثيف للجيش.

وأوضحت قيادة الجيش في بيان، ان جمعة اعترف عند التحقيق معه بإنتمائه إلى «جبهة النصرة.» وقد سلم إلى المراجع المختصة لاستكمال التحقيق.

وفي موازاة الانتشار المسلح، أطلق أهالي عرسال دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى طرد المسلحين وعدم الإصطدام مع الجيش، وذلك إثر استهداف المسلحين مراكز الجيش في المنطقة، حيث شنوا هجوماً على حاجزي الجيش في المصيدة ووادي حميد على السلسلة الشرقية، فيما رد الجيش على مصادر النيران بمختلف الأسلحة ومنها المدفعية.

كما دارت اشتباكات بين المسلحين والجيش وقوى الأمن الداخلي – فصيلة عرسال في محاولة لصد هجوم المسلحين على مراكز الجيش والقوى الأمنية في عرسال، كما دخل المسلحون إلى فصيلة قوى الأمن الداخلي في عرسال، واستُشهد عسكريان والمواطن كمال عز الدين وآخر من آل نوح أثناء تصديهما للمسلحين.

وصدر عن قيادة الجيش بيان حول العمليات العسكرية جاء فيه: «لم تكد تمضي ساعات على احتفال لبنان واللبنانيين بعيد الجيش حتى هاجمت مجموعة من المسلحين الغرباء من جنسيات مختلفة مواقع الجيش ومراكزه في منطقة عرسال ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين شهيد وجريح في صفوف العسكريين والمدنيين من أبناء البلدة الذين تضامنوا مع القوى العسكرية والأمنية ضد العناصر المسلحة التي تواجدت في البلدة».

ولفت البيان إلى «أن ما جرى ويجري اليوم، يعد أخطر ما تعرض له لبنان واللبنانيون، لأنه أظهر بكل وضوح أن هناك من يعد ويحضر لاستهداف لبنان ويخطط منذ مدة للنيل من الجيش اللبناني ومن عرسال، فالمجموعات المسلحة شنت هجوماً مركزاً على منازل اللبنانيين من أهالي عرسال والمنطقة التي يدافع عنها الجيش ويحمي أبناءها، وخطف المسلحون عدداً من جنود الجيش وقوى الأمن الداخلي، وهم عزل في منازلهم يمضون إجازاتهم بين أهلهم، وأخذوهم رهائن مطالبين بإطلاق أحد أخطر الموقوفين لدى الجيش».

واكد أن «الجيش لن يسمح بأن يكون أبناؤه رهائن، ولن يسكت عن أي استهداف يطاول الجيش وأبناء عرسال الذين وفر لهم الجيش الحماية وعزز وجوده في المنطقة، بناء على قرار مجلس الوزراء، لكن المسلحين الغرباء أمعنوا في التعديات وأعمال الخطف والقتل والنيل من كرامة أبناء المنطقة، وأن الجيش لن يسمح لأي طرف أن ينقل المعركة من سورية إلى أرضه، ولن يسمح لأي مسلح غريب عن بيئتنا ومجتمعنا بأن يعبث بأمن لبنان وأن يمسَّ بسلامة العناصر من جيش وقوى أمن» واعتبر أن «الجميع اليوم مدعوون لوعي خطورة ما يجري وما يحضر للبنان وللبنانيين وللجيش، بعدما ظهر أن الأعمال المسلحة ليست وليدة الصدفة بل هي مخططة ومدروسة، والجيش سيكون حاسماً وحازماً في رده، ولن يسكت عن محاولات الغرباء عن أرضنا تحويل بلدنا ساحة للاجرام وعمليات الإرهاب والقتل والخطف».

وفي بيان آخر، أوضحت القيادة أنه إثر توقيف جمعة على أحد حواجز الجيش في منطقة جرود عرسال، توتر الوضع الأمني في المنطقة ومحيطها «نتيجة انتشار مسلحين ومطالبتهم بالإفراج عنه، وأثناء مرور صهريج مياه تابع للجيش عمد هؤلاء المسلحون إلى خطف جنديين من الجيش، كما أقدمت هذه المجموعات المسلحة الغريبة عن لبنان وعن منطقة عرسال تحديداً والتابعة لجنسيات متعددة، على الإعتداء على عسكريين من الجيش والقوى الأمنية الأخرى داخل البلدة وقامت بخطف عدد منهم».

وأشار البيان إلى ان وحدات الجيش اتخذت التدابير الفورية لمواجة الوضع القائم، فيما عمد عدد من هؤلاء المسلحين إلى الإعتداء على أحد مراكز الجيش وإطلاق النار باتجاهه، وتقوم وحدات الجيش بالرد على مصادر النيران باستخدام الأسلحة الثقيلة واستهداف أماكن تجمعهم، وبنتيجة الاشتباكات سقط للجيش عدد من الشهداء والجرحى كما استشهد عدد من سكان بلدة عرسال أثناء محاولتهم منع المسلحين من الدخول إلى فصيلة الأمن الداخلي، كما تمكن الجيش نتيجة عملياته من تحرير الجنديين المخطوفين.

واستعاد الجيش السيطرة على حاجز المصيدة في عرسال وتابع تقدمه باتجاه وادي حميد في جرود البلدة، تحت غطاء كثيف من النيران والقذائف المدفعية والصاروخية، لبسط سيطرته على كامل المنطقة.

ثم صدر عن قيادة الجيش البيان الآتي: «إلحاقاً لبياناتها السابقة، تواصل وحدات الجيش في منطقة عرسال وجرودها التصدي والإشتباك مع أعداد كبيرة من المسلحين، وتقوم هذه الوحدات بقصف مراكز تجمعاتهم وطرق تحركاتهم تمهيداً لعزلهم وتطويقهم، وقد تم استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة. كما استعاد الجيش سيطرته بالكامل على وادي حميد في جرود عرسال. ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمسلحين، لتطهير المنطقة بالكامل، وقامت مدفعية الجيش بدك بعض التلال التي كان المسلحون قد سيطروا عليها في وقت سابق لاستعادتها من جديد».

وعلى خلفية بث بعض وسائل الإعلام معلومات مغلوطة عن أعداد الشهداء العسكريين وأسمائهم خلال الاشتباكات، دعت قيادة الجيش وسائل الإعلام المعنية إلى التوقف عن بث هذه المعلومات أياً يكن مصدرها والإعتماد فقط على البيانات الصادرة عن هذه القيادة.

واستمرت الاشتباكات حتى ساعات متأخرة من ليل السبت الأحد، حيث تابع الجيش عملياته طوال الليل واستطاع طرد العصابات من عدد من المواقع التي احتلوها سابقاً حيث أوقع فيهم العديد من القتلى، فيما نقل الصليب الأحمر اللبناني صباح أمس جثث شهداء للجيش وجرحى. وأعلنت قيادة الجيش انه سقط للجيش خلال هذه الاشتباكات 8 شهداء وعدد من الجرحى.

وشهدت بلدة عرسال حركة نزوح كثيفة، سجل خلالها إطلاق نار على بعض السيارات النازحة.

قهوجي

وتعقيباً على الأحداث الأمنية التي طاولت عدداً من المناطق اللبنانية لا سيما في البقاع،عقد قائد الجيش العماد جان قهوجي مؤتمراً صحافياً في اليرزة «من أجل الشهداء الذين سقطوا من الجيش والمواطنين، والجرحى والمفقودين من أبناء الجيش والمخطوفين».

واستهل قهوجي المؤتمر بعرض للوضع الميداني كالآتي: قبض الجيش اللبناني صباح أمس السبت على أحد أخطر المطلوبين، وهو المدعو عماد أحمد جمعة، وفجأة بدأت تجمعات لأعداد كبيرة وضخمة من المسلحين الذين شنوا هجوماً واسعاً على كل المراكز الأمنية المتقدمة والأمامية. كان الهجوم محضراً بدقة لأن المسلحين حاولوا تطويق كل المراكز من كافة الجهات، وبأعداد كبيرة، لكن الجيش قام برد سريع ومباشر ونفذ عملية هجومية لفك الطوق عن المراكز، نجحنا بحماية موقع المصيدة ووادي حميد، وللأسف سقط لنا مركز تلة الحصن».وأشار إلى ان «العمليات مستمرة لاسترداد الموقع، ومحاربة الإرهابيين المنتشرين في المنطقة»، لافتاً إلى ان «الجيش يستخدم المدفعية والراجمات وسلاح الطيران».

وأعلن قهوجي عن «سقوط 10 شهداء للجيش و25 جريحاً بينهم أربعة ضباط، وفقد لنا في المعركة 13 جندياً هم في أعداد المفقودين، وقد يكونون أسرى لدى التنظيمات الإرهابية، نحن نقول هذا الكلام اليوم للتأكيد أن ما حصل أخطر بكثير مما يعتقده البعض، لأن الموقوف جمعة اعترف أنه كان يخطط لتنفيذ عملية واسعة على المراكز والمواقع التابعة للجيش، وأنه كان يقوم بجولة لوضع اللمسات الأخيرة على العملية، وليس صحيحاً أن العملية بدأت لأن الجيش أوقف هذا المطلوب». وكشف: «ان هذه الهجمة الإرهابية لم تكن مصادفة، أو بنت ساعتها، بل كانت محضرة سلفاً وعلى ما يبدو منذ وقت طويل، في انتظار التوقيت المناسب، وهذا ما ظهر من خلال سرعة تحرك الإرهابيين لتطويق المراكز والإنقضاض على المواقع واحتلالها وخطف العسكريين». وأشار إلى «أن العناصر المسلحة غريبة عن لبنان وتكفيرية تحت كل التسميات السائدة حالياً، وتضم جنسيات مختلفة وآتية من خارج الحدود اللبنانية، وبالتنسيق مع أناس مزروعين داخل مخيمات النازحين». وذكر الجميع بـ «أن الجيش كان أول من نادى منذ أكثر من ثلاث سنوات بضرورة معالجة الوضع الأمني للنازحين السوريين». وقال: «أمام هذا الخطر الكبير الذي يهدد الوطن بكيانه واستقلاله ووحدته ووجوده، والذي يحاول البعض أن يقلل من أهميته، يؤكد الجيش أننا جاهزون لمواجهة كل الحركات التكفيرية التي قد تستفيد مما يجري في منطقة عرسال، وتقوم بأمر مماثل بأي منطقة أخرى، لأن الخوف أن يحاول البعض نقل السيناريو الذي حصل على الحدود العراقية والسورية ويدخل لبنان في الحرب السورية في شكل مباشر، والجيش لن يسمح بأن تنتقل هذه الحالة إلى لبنان، فالخوف الكبير الذي لا ينتبه له الجميع اليوم، هو أن ينتقل عنصر المباغتة من مكان إلى آخر، وعندها ستكون تداعياته أكثر خطورة ومصير البلد سيكون حينها أكثر على المحك». وأضاف: «من الضرورة أيضاً أن نركز على معالجة وضع النازحين والمراكز التي ينتشرون فيها على كافة الأراضي اللبنانية كي لا تكون أيضاً بؤرة للإرهاب». ودعا «جميع المسؤولين السياسيين والروحيين إلى التنبه لما يرسم للبنان ومن الآتي علينا، لأن أي تفلت في أي منطقة والجميع يعرف كيف تتداخل المناطق والبلدات، ينذر بخطورة كبيرة لأن يصبح عرضة للانتشار، ولن تكون كل الجغرافيا اللبنانية بعيدة من هذا الخطر، فما حصل خلال الأربع والعشرين ساعة ولا يزال يحصل ضد الجيش بمنطقة عرسال، سيطاول جميع اللبنانيين وجميع المناطق». وجدد التأكيد «أن الجيش مستمر ببذل كل الجهود العسكرية للحفاظ على أمن جميع المواطنين وسلامتهم وعلى وحدة البلد واستقلاله وسيادته، وعرسال بلدة لبنانية عزيزة لا نتمنى لها إلا الخير ونريد أن نحافظ عليها».

ونعت قيادة الجيش العسكريين الذين استشهدوا في الإشتباكات وهم: العريف إيراهيم محمد العموري، العريف وليد نسيم المجدلاني، العريف نادر حسن يوسف، العريف عمر وليد النحيلي، العريف جعفر حسن ناصر الدين والجندي حسين علي حمية والمجندون خلدون رؤوف حمود، حسن وليد محي الدين ومحمد علي العجل.

استمرار الإشتباكات

وبالتزامن مع المؤتمر الصحافي لقائد الجيش كانت الاشتباكات العنيفة تتصاعد على التلال المشرفة على بلدة عرسال بين الجيش والمسلحين، فيما تراجعت وتيرة خروج المدنيين بواسطة السيارات منذ الساعة الرابعة عصر أمس بعد تعرض عدد من السيارات لإطلاق نار من المسلحين لمنعهم من مغادرة البلدة، كذلك توقفت حركة النزوج مشياً على الأقدام اعتباراً من الساعة الخامسة من عصر أمس بسبب حدة الاشتباكات، وطلب الجيش من الإعلاميين إخلاء مكان وجودهم على الطريق المؤدية إلى عرسال من جهة بلدة اللبوة حرصاً على سلامتهم.

كما طارد الجيش المسلحين في محيط ثكنة 83 التي استعادها بعد ظهر أمس بعدما أوقع العشرات منهم بين قتيل وجريح وفرار الآخرين.

واستحدث الصليب الأحمر اللبناني مركز إسعاف في بلدة اللبوة يضم عشر سيارات إسعاف وخمسين مسعفاً، فيما يواجه المسعفون صعوبات في الدخول إلى عرسال لإجلاء الجرحى والمصابين المدنيين في البلدة.

وأكد مرجع أمني لـ «البناء»: «أن العملية العسكرية في عرسال قاسية جداً نظراً الى الأعداد الكبيرة من الإرهابيين الذين يتوافدون من الداخل السوري».

وأوضح لـ«البناء» مصدر أمني آخر «أن عدد الإرهابيين يفوق الـ6 آلاف مقاتل غالبيتهم من جنسيات عربية وخليجية»، وأضاف: «أن أعداد المسلحين إلى تزايد وبالتالي فإن التكهن بمدة المعركة ونهايتها لا تزال غير واضحة»، وأشار إلى «أن المسلحين في جعبتهم أسلحة متطورة وثقيلة»، لافتاً إلى «ان محاولاتهم السيطرة على ثكنة 83 العسكرية للجيش تهدف إلى تأمين خط الإمداد إلى داخـل بلـدة عرسال ومحيطها».

وأكد المصدر «أن جميع المواقع العسكرية للجيش التي استهدفت وعددها ثلاثة إضافة إلى ثكنة 83 وبعد أن سقطت بيد المسلحين استعادها الجيش بما فيها الثكنة باستثناء موقع واحد على الطرف الشرقي لبلدة عرسال حيث الحدود اللبنانية ـ السورية، وأن لا مراكز للجيش داخل بلدة عرسال بل أصبحت جميعها أسيرة المسلحين الإرهابيين الذين اتخذوا من المدنيين دروعاً بشرية لهم».

وقال لـ«البناء» أحد أبناء بلدة عرسال «إن المسلحين اتخذوا منا ما تبقى من أهالي عرسال دروعاً بشرية»، متخوفاً من أن يجعلوا منهم «مذابح» على غرار ما يجري في العراق وسورية»، وعن الأوضاع داخل عرسال وصف الوضع «بالسيء جداً وكأننا في مدينة أشباح، حيث يجوب المسلحون الشوارع داخل أحياء البلدة مطلقين النار تخويفاً»، مشيراً الى «أن المسلحين يعيثون فساداً وخراباً وسرقةً في المحال التجارية كما أن الكثير من المنازل تعرض للسرقة والحرق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى