الجيش وقائده في قلب المعارك يسترد المبادرة… وجنبلاط يقرع الجرس
كتب المحرر السياسي
ما كان تحت الرماد صار فوقه، وما كان محتلاً بالسر صار محتلاً بالعلن، وما زرعناه طوال ثلاث سنوات حصدناه في ثلاث ساعات، فعرسال كانت أسيرة، والمسلحون الذين احتلوها أغلبهم كان بداخلها، وكما كان الربط بين تحويل عرسال إلى دفرسوار أمني للداخل السوري يجري تحت تبريرات متعددة، كان الرفض لوجود القاعدة والإنكار لخطرها خطاباً معمماً وبعناد تدعمه الحجج والذرائع، وها هي ساعة الحقيقة تدق أبواب الجميع، ولبنان في دائرة الخطر، داعش يبدأ هجومه اللبناني من عرسال.
خطة داعش بالصدمات الكهربائية كالعادة تختار الخاصرة الرخوة، الإبهار الإعلامي، دب الرعب، والأهم اللعب على العامل المذهبي للإيحاء بأنها الجيش الوحيد الذي يحمي طائفة مؤسسة في لبنان كما في العراق كما في سورية، فيما لا يوجد ما يمكن أن يقول أن هذه الطائفة تشعر أنها مستهدفة فهي في لبنان تمسك برئاسة الحكومة في غياب رئيس الجمهورية المسيحي، ورئيس الحكومة منتمٍ للتيار الذي يملك أوسع تمثيل لهذه الطائفة اللبنانية الكبرى، التي يقودها تيار المستقبل ويقود مكانتها في الدولة وخارجها، كما يقود حركة الرابع عشر من آذار، وعبر ممثليه وممثليها يضع يده على وزارات الداخلية والدفاع والعدل والإتصالات وهي الوزارات التي تمسك الملف الأمني في البلد.
السؤال الدائم هو هل تنجح داعش، والجواب هو هل يدرك تيار المستقبل خطرها ويتحرك وفقاً لمقتضيات مسؤولياته؟
نجاح داعش يتوقف على خطف الطائفة التي يقودها تيار المستقبل، والخطف مرهون بتوحيدها وراء خطاب العداء للجيش وحزب الله، وحتى الساعة كل من تحدث من تيار المستقبل في شأن ما تشهده عرسال يصب الماء في طاحونة داعش، بإطلاق خطاب عدائي ضد الجيش وحزب الله لم يصدر مثله عن داعش بالذات.
المستقبل حتى يحين أوان صدور قرار سعودي معاكس، يبدو خارج الزمن السياسي، والدليل في كيفية تعامله مع الملفات الأهم في الحياة السياسية اليومية للبنانيين، وخصوصاً ما جرى بصدد تسيير أمورهم اليومية التي تعقدت عند سلسلة الرتب والرواتب والمفاوضات التي رافقت محاولات النجاح بتذليلها كعقدة.
حاول النائب وليد جنبلاط كسر الجمود من قبل، قبل كلامه أمس عما جرى في عرسال بمحاولة كسر الجمود بلقائه السيد حسن نصرالله، الذي كشف أنه جاء بناء على طلبه، وحاول تأمين حوار مباشر بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، فلاقى ترحيباً من الرئيس نبيه بري، ورتب زيارة لباريس ليشجع الحريري على المبادرة بعدما فشل مسعاه بالحلحلة عبر حوار المستقبل ممثلاً برئيس كتلته النيابية فؤاد السنيورة مع الرئيس نبيه بري.
حصل على الموافقة من الحريري الذي قام بتسمية نادر الحريري مقابل الوزير علي حسن خليل ممثلاً لبري ومثّل جنبلاط في إطلاق الحوار الوزير وائل أبو فاعور، ودارت جولتان تبين بعدهما أنه من دون السنيورة لا يملك نادر الحريري قدرة القرار، فخرج السنيورة من الباب وعاد من الشباك، وانقلب مرتين على كل ما يتفق عليه، وافق على الدرجات الست في السلسلة وانقلب، وافق على تأمين موارد بديلة لإضافة الـ1 في المئة على الضريبة على القيمة المضافة من تعرفة الكهرباء على ما فوق استهلاك الخمسمئة كيلوات ساعة شهرياً وانقلب، ثم وافق الوزير علي حسن خليل بتوجيه من الرئيس نبيه بري على التقسيط لثلاث سنوات وعلى تخفيض بدلات السلسلة مقابل التراجع عن الـ1 في المئة فصار مطلب السنيورة الـ1 في المئة والتقسيط والتخفيض فتوضحت الصورة، السنيورة يدير دفة المستقبل والسنيورة يريد منع أي اجتماع تشريعي للمجلس ويريد التملص من تطبيق إقرار الضريبة على المصارف.
تبلغ السنيورة وفقاً لمعلومات «البناء» رفض الرئيس بري لعروضه المتقلبة كما تبلغ أنه لا فائدة من حوار ينقلب على ما يتم التوصل إليه فيه قبل صياح الديك، وأن عليه الاختيار بين ثنائية تقسيط وتخفيض من دون 1 في المئة أو 1 في المئة من دون تقسيط وتخفيض.
السنيورة والعقدة، كعقدة السنيورة مع السلسلة، فلا حوار من دون السنيورة ولا حوار مجدياً مع السنيورة، والحصيلة مزيد من التآكل والتوتر السياسي وإستطراداً التوتر المذهبي كأن الأمر ضمن خطة داعش.
جاءت مواقف قادة ونواب تيار المستقبل مما يجري في عرسال مخجلة ومهينة بتبنيها حجج داعش وتردادها مواقف معادية ومسيئة للجيش اللبناني، ومتمسكة بزرع خطاب الفتنة المذهبية.
مرة أخرى يطل النائب وليد جنبلاط وهذه المرة يقرع جرس الإنذار علناً، يدعو للوحدة والتضامن بوجه داعش وخطر الإرهاب، والعض على جراح الخلافات.
الرئيس الحريري لم يتكلم بعد، إذن لا يزال ثمة أمل بألا يكون لبنان قد خسر الفرصة الأخيرة وصار جاهزاً للانزلاق نحو الفتنة، والحل وفقاً لجنبلاط بالعودة للحوار بين بري والحريري وتالياً بين الحريري والسيد نصرالله، ولكن ماذا عن التجربة بعدما جرى؟ يجيب جنبلاط حدث هذا قبل عرسال، فتجيب المصادر المقربة من الرئيس بري، لولا عرسال لكان موقف الرئيس نبيه بري مستمداً من هذه الحصيلة الناتجة من تجربة لا تبشر بالخير ولا تدعو للتفاؤل، لكن الرئيس بري مستعد لفعل كل شيء يجنب البلد كارثة بعد الخطر الذي يستشعره من بوابة عرسال.
الرئيس بري يقيّم عالياً موقف النائب جنبلاط بعد عرسال ويعتبره دقاً لجرس إنذار وتحديداً للبوصلة في الزمان الصحيح، فيما الجيش يقاتل وقائده مستنفر في الميدان، ومساعي الحلول الأمنية تجري على قدم وساق يصر الجيش على ألا تتم إلا وفقاً لشروطه بتسليمه أسراه والتسليم بسيادة الدولة في عرسال، بينما عملياته العسكرية مستمرة وتضحياته بلا حدود.
عن عرسال وما يجري فيها ومترتباتها، قال الرئيس نبيه بري لـ «البناء»، أنه مستنفر لعرسال فهي خزان للمقاومة والجيش وقلعة لهما معاً كما يقول تاريخها وتقول الجغرافيا، وتستحق عرسال اللبنانية فعل أي شيء لإنقاذها.
يضيف بري، أن الأهم ليست العواطف بل الأفعال، فالمنطقة شاسعة ومعقدة، والجيش اللبناني يحتاج التجهيزات النوعية التي تساعده على تحقيق الإنجازات السريعة، وهي تجهيزات يفترض بعد تسليم الفرنسيين طائرات للجيش العراقي أن تكون صارت متاحة مما تتضمنه فرص الهبة السعودية للجيش اللبناني من التجهيزات الفرنسية.
بري الذي سيضع جهده على هذا الملف يبقى على رأيه «أن الأهم من السلاح والتجهيزات هو التضامن السياسي»، والعين هنا على موقف الرئيس سعد الحريري داخلياً، لكن في نهاية المطاف الأمر أبعد من لبنان، في المنطقة والعالم، «فلبنان هو الشرفة التي تكشف مواقف الغرب والعرب، الذين افترضوا إمكانية الجمع بين موقفي العداء للدولة السورية وحزب الله من جهة والعداء للقاعدة ومفرداتها من جهة أخرى، وما يجري يقول باستحالة هذا الجمع، وأن مواجهة الإرهاب تستدعي نقلة نوعية في الموقف وإستعداداً لتجاوز المواقف السابقة نحو تعاون بين كل الذين يقاتلونه أو يتضررون من تمدده وتجذره».
يختم الرئيس بري بالقول، «آمل أن يتحرك الداخل والمنطقة والعالم قبل فوات الأوان».
في هذا الوقت، تأكد من خلال العدوان الإرهابي الذي شنّته المجموعات التكفيرية ضد وحدات الجيش في عرسال وجرودها، وضد أبناء البلدة نفسها، أن ما كانت تحذّر منه قوى 8 آذار والنائب وليد جنبلاط قد وقع من خلال دخول لبنان في المحظور وذلك بعد استهداف تنظيم «داعش» وأخواته من التنظيمات الإرهابية الجيش والقوى الأمنية وأيضاً الاستقرار الداخلي سعياً لتمدّده باتجاه بعض المناطق اللبنانية ما يفرض على الحكومة أولاً وكل القوى السياسية اللبنانية أقصى أنواع الوحدة الوطنية والوقوف إلى جانب الجيش والمؤسسات الأمنية لرد خطر الإرهاب عن لبنان وأهله وقواه الأمنية.
وواصل الجيش اللبناني أمس عملية «السيف المسلط» التي أعلنها في مواجهة اعتداءات المجموعات الإرهابية على مراكزه في عرسال وتابعت وحداته عملياتها العسكرية، إذ قامت بملاحقة المجموعات المسلحة والاشتباك معها، واستقدمت تعزيزات إضافية. واستطاع الجيش طرد المسلحين من عدد من المواقع التي احتلوها سابقاً.
واستقدم الجيش قوة مؤللة من فوج المغاوير إضافة إلى تعزيزات مؤللة من المجوقل، واستعاد ثكنة المهنية من أيدي المسلحين بعد اشتباكات عنيفة مع المجموعة المسلحة التي اقتحمت الثكنة، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوفه.
وتواصلت الاشتباكات بين اللواء الثامن في الجيش وبدعم من المدفعية الثقيلة، وبين المسلحين لمحاولة استرجاع نقطة وادي الحصن في عرسال. وعمل الجيش على قصف التلة المطلة على حاجز عين الشعب حيث تختبئ مجموعات مسلحة في المنازل الكائنة هناك. وأوقع عدداً كبيراً من القتلى في صفوف المسلحين في جرود عرسال وأسر عدداً آخر، بعدما حرّر جندياً كان قد حوصر في منطقة المصيدة. وامتدت الاشتباكات لتصل إلى تخوم بلدة اللبوة بين الجيش والمسلحين.
وأعلن قائد الجيش العماد جان قهوجي في مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع عن سقوط 10 شهداء و25 جريحاً من الجيش بينهم أربعة ضباط وفقدان 13 جندياً، محذراً من أن أي تفلّت في أي منطقة ينذر بخطورة كبيرة لأنه يصبح عرضة للإنتشار.
وأشار إلى أن الموقوف السوري عماد أحمد جمعة اعترف أنه كان يخطط لعملية واسعة على الجيش «وغير صحيح أن العملية بدأت لأن الجيش أوقفه»، مؤكداً أن «الهجمة ليست مصادفة إنما كانت محضرة وبانتظار الوقت المناسب».
وكان الجيش أوقف مجموعة سورية من جبهة النصرة كانت تتسلل إلى الأراضي اللبنانية من نقطة وادي عنجر. وانفجرت في المجموعة ألغام أرضية قتل على أثرها 3 عناصر، في حين بترت رجل أحدهم وتم نقله الى مستشفى المنارة، وأوقف الجيش 3 آخرين وهم اياد حسن عمارة وعامر عدنان الشمال ومحمد عبدالله الدلالي.
ولا تزال عناصر قوى الامن الداخلي محتجزة لدى إمام بلدة عرسال الشيخ مصطفى الحجيري أبو طاقية والمعروف بانتمائه إلى المجموعات المتطرفة.
وفيما بدت الحركة معدومة في عرسال باستثناء حركة آليات المسلحين التي تجوب شوارعها، شهدت البلدة حركة نزوح بعض الأهالي من منازلهم التي دخلها المسلحون وسرقوا مقتنياتها وأفرغوا منازل أخرى وحولوها إلى مراكز لهم، وترافق ذلك مع تعرض عدد من السيارات النازحة لإطلاق نار من المسلحين.
وسعى رئيس الحكومة تمام سلام إلى وقف إطلاق النار في عرسال بدءاً من الساعة الرابعة، وتضمنت بنود التهدئة، الإفراج عن عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي المعتقلين والإنسحاب من المناطق اللبنانية في عرسال، كما وجه دعوة إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم في السراي مخصصة لبحث الوضع الأمني في عرسال.
وكان سلام ترأس اجتماعاً أمنياً استثنائياً في السراي للبحث في التطورات الأمنية في عرسال وطرابلس، وأكد بعده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل «أن العملية العسكرية مستمرة في عرسال وأن الجيش هو الوحيد الموجود وأن لا تسوية على حسابه»، مشدداً على «أن المسلحين لم يتمكنوا من الحصول على قاعدة أو مساندة لهم في عرسال».
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن أحداث عرسال التي بدأت عصر يوم السبت ليست مقطوعة عن الأحداث السابقة التي وقعت في البلدة والتهديدات المتكررة، فهناك اعتداءات بالجملة طاولت المؤسسة العسكرية على مدى السنوات الثلاث الماضية، حيث انضم شهداء الجيش اللبناني العشرة، إلى النقيب بيار بشعلاني والرقيب أول ابراهيم زهرمان اللذين قتلا على أيدي مسلحين ارهابيين في عرسال العام الماضي.
وربطت المصادر ما يجري في عرسال بالتهديد الذي أطلقته مجموعة ما يسمى «أحرار السنة في بعلبك» بتهجير المسيحيين من البقاع، معتبرة أن هذه المجموعات الإرهابية تلاقت مع بيئة متواطئة مشبعة بالأفكار التكفيرية والنفس الطائفي والمذهبي. وأشارت إلى أن فرار أحد الجنود الذي يدعى محمد عباس من الجيش اللبناني يقع ضمن التحضير التعبوي والحرب النفسية لهذه المعركة.
ورفضت المصادر بدعة أن الهجوم المسلح على عرسال بدأ مع توقيف جمعة، فالمسلحون اتخذوا من توقيفه ذريعة للمباشرة في تنفيذ الخطة الموضوعة منذ زمن، والتي لطالما حذرت منها الأجهزة الأمنية، وهي فتح جبهة البقاع الشمالي ونقل المعركة من القلمون إلى لبنان وإشغال الجيش وحزب الله بمعارك داخلية للتخفيف من وطأة الخسائر التي يمنى بها «داعش» في القلمون منذ أسبوعين، وفتح جبهة إمارة لبنان بعد العراق وسورية.
وأشارت المصادر إلى أن القوى الأمنية على علم بالتحركات والتحضيرات التي كانت المجموعات الإرهابية تنوي القيام بها في البقاعين الأوسط والغربي أواخر أيام شهر رمضان الفائت، والتحضيرات والاجتماعات التي كانت تجري في غرفة عمليات تابعة لجبهة النصرة في مناطق جردية.
وعلمت «البناء» أن حزب الله أبلغ عناصره والمعنيين في الدوائر العسكرية عن تحضيرات لهجوم موسع ستقوم به مجموعات تكفيرية إرهابية بعد الانتهاء من شهر رمضان وهدفه احتلال قرى شيعية قريبة من الحدود اللبنانية السورية بهدف ارتكاب المجازر وترويع الآمنين والضغط على بيئة حزب الله لدفعه باتجاه الانسحاب من سورية، حيث كانت المجموعات الارهابية تقوم بعمليات استطلاع تطاول اللبوة والنبي عثمان.
وأشارت المعلومات إلى أن حزب الله استعد للمواجهة على صعيد كل لبنان، ونشر مقاوميه في بيروت وصيدا والنبطية وبعلبك وصور وفي عدد من المناطق، في الوقت الذي استقدم فيه وحداته العسكرية ونقل بعضها الى جرود السلسلة الشرقية.
وتحدثت المعلومات عن أن المعركة في عرسال لا تقل خطورة على لبنان من أي حرب «إسرائيلية».
استعادة الطوق الذي خرقه «داعش»
وأكد مصدر أمني لـ«البناء» أن الجيش اللبناني سيستعيد عرسال ولن يسمح أن تبقى خارج إطار الدولة اللبنانية. وأشار إلى أن العملية الأمنية تقوم على استعادة الطوق الذي خرقه تنظيم «داعش» في وادي حميد وقلعة الحصن، ولا سيما بعدما استعاد أمس السيطرة على موقع الكتيبة 83 قرب مهنية عرسال الذي سيطر عليه «داعش»، حيث قام بهجوم معاكس على المهنية ونصب كميناً للارهابيين، واستكمل العملية في جرود عرسال حتى نهاية الحدود.
المقاتلون من مخيمات النازحين والقلمون
وإذ تحدث المصدر عن أن حسم المعركة من قبل حزب الله والجيش السوري في القلمون وتحديداً في تلة الحمراء أدى الى هروب المسلحين، أشار إلى أن غالبية المسلحين الذين اشتبكوا مع الجيش في الجرود أتوا من القلمون فيما الذين يقاتلون في عرسال خرجوا من مخيمات النازحين.
وشدد مصدر مطلع على ضرورة بدء مخابرات الجيش عملية فرز بين مؤيد أو معارض للمجموعات الارهابية لأن عدداً من سكان عرسال يرفض الاعتداء على الجيش والقوى الأمنية، فيما يشرّع آخرون للمسلحين قيامهم بالأعمال الارهابية.
ورجحت المعلومات أن يرضخ مسلحو التنظيمات الارهابية لوقف إطلاق النار في الساعات المقبلة لأن وضعهم العسكري داخل عرسال لم يعد يبشر أبداً بالخير مع سقوط أعداد كبيرة لهم من القتلى.
أرتال من آليات الجيش في مجدل عنجر
ومساء شوهدت أرتال من آليات الجيش المجنزرة تتجه نحو بلدة مجدل عنجر في البقاع الأوسط حيث فرضت طوقاً أمنياً في المنطقة، وسط انتشار كثيف لوحدات الجيش هناك، ووضعت حواجز ثابتة وطيارة مدعومة بالآليات العسكرية المجنزرة M113 .
هجمات على مراكز للجيش في طرابلس
ولم تقتصر الأحداث الامنية على عرسال، بل وصلت إلى الشمال، وتخوفت مصادر مطلعة من انتقال الأحداث إلى طرابلس، مع تنفيذ مجموعة من الشبّان المتطرفين بينهم شادي المولوي وأبو عمر منصور، مساء أول من أمس سلسلة هجمات على مراكز للجيش اللبناني في المدينة. واستمرت الاشتباكات حتى فجر أمس.
الوضع في طرابلس ممسوك
في الموازاة، أكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش لـ«البناء» أن الوضع في طرابلس ممسوك ويختلف عن الوضع في عرسال، على رغم التواصل بين تلك المجموعات الارهابية وبعض المجموعات المسلحة في المدينة.
وإذ أكد أن الجيش يعرف أماكن تواجد هذه المجموعات وعناصرها بالأسماء، توقع علوش قيام المسلحين ببعض التوتير إلا أن الأمر لا يمكن أن يصل إلى احتلال منطقة.
من ناحية أخرى، أشاد علوش بكلام النائب محمد كباره، ورأى أن عرسال محاصرة بين أرهابييْن: «الاول حزب الله والنظام السوري، والارهابيين من جهة أخرى»، معتبراً أن «عرسال ضحية ذهاب حزب الله إلى سورية».
وكان كباره اعتبر بعد اجتماع للقاء الوطني الاسلامي في منزله بطرابلس، «ان ما يجري في عرسال السنية البطلة ليس إلا حلقة من مسلسل إيراني – سوري لإخضاع أهل السنة»، محذراً «من أي قرار يحول الجيش من مؤسسة وطنية جامعة واجبها حماية كل اللبنانيين إلى ما يشبه «جيش رئيس الحكومة العراقية نور المالكي». وعلى النقيض اللافت، أكدت قيادة تيار المستقبل في بيان «دعمها المطلق للمؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية في تصديها للأعمال الإجرامية ولكل الظواهر الشاذة»، ودعت «كل الجهات المعنية في عرسال إلى التعاون مع الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لرد أي هجمات مسلحة». ورد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي المقداد، على إدعاءات كبارة، مشيراً إلى أن الاخير «عودنا ومجموعته اللصيقة أن يبثوا التهم جزافاً، ويحرضوا زوراً وعدواناً، وينشروا الأكاذيب والأضاليل للتعمية على مواقفهم التي لا تنسجم مع المواطنة الصادقة، والتغطية على انحيازهم للداعشية السياسية المنبوذة من الجميع».
ونفى نفياً قاطعاً أي علاقة لـ«حزب الله» «بالأحداث الجارية في عرسال،
داعياً كبارة ومن معه إلى «الكف عن التحريض المذهبي وإثارة الفتنة، فما تقومون به لن ينفعكم، وهو يخدم العدو الإسرائيلي قبل غيره».
وتساءل مراقبون عمّا إذا كان التحريض المشبوه لكباره هو تحضير لمسلسل جديد من الاعتداءات ضد الجيش في طرابلس، خصوصاً أن كبارة ذهب في تحريضه إلى إطلاق توصيفات سلبية ضد الجيش، زاعماً أن ما يحصل هو «مؤامرة مدبرة من سورية وإيران»!!
وتساءلت مصادر متابعة عمّا «إذا كان تيار «المستقبل» قادر على لجم تحريض كبّارة وأمثاله رحمة بأبناء عرسال وطرابلس والجيش».
جنبلاط: للتعاون بين نصر الله وبري والحريري
وبالتوازي أطلق النائب جنبلاط جملة رسائل سياسية خلال مؤتمر صحافي عقده في الشويفات غثر جولة فيها وفي بلدة دير قوبل. و اعتبر جنبلاط أنه غير صحيح أن تدخل حزب الله في سورية هو سبب قدوم «داعش» الى لبنان، ودعا الى التعاون مع ممثل التيار الاعتدالي السني الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله معتبراً أن «الخطر مشترك على الجميع».
وأكد جنبلاط: «ان لا ملاذ للبنان إلا بتأييد الدولة وفي مقدمها الجيش»، متمنياً: «الخروج من النقاش السياسي العقيم الذي يدور من حين الى آخر حول الرئاسة وغيرها، والوصول إلى انتخاب رئيس جمهورية وتثبيت دعائم الدولة». وأعلن أنه سيقوم بخطوة مع النائب هنري حلو «الذي لم يترشح ليكون عقبة لا يمشي الا الخط الوسطي ولا يمشي التحدي بهذا أو بذاك».
من جهة أخرى، طالب البطريرك الماروني بشارة الراعي الكتل السياسية والنيابية بـ «التفاوض للاجماع على الشخص الأنسب والأكفأ»، آملاً من رئيس مجلس النواب «قيادة هذه المسيرة التي لا تتحمل أي تأجيل بعد تسع جلسات إنتخابية فاشلة. ولعل الأحداث المؤلمة والمدانة المتواصلة في منطقة عرسال وجرودها، تهز ضمائر المسؤولين السياسيين والنواب، لكي يدركوا مخاطر ما يجري، ويتحملوا مسؤولياتهم الوطنية الخطيرة، ويقوموا بواجباتهم من أجل حماية المؤسسة العسكرية، وضبط الحدود».
انتخاب المفتي في 10 آب
في سياق آخر، أخذت المبادرة المصرية لحل مشكلة دار الفتوى طريقها نحو التنفيذ، وترجم ذلك بدعوة رئيس الحكومة تمام سلام مجلس الانتخاب الإسلامي لانتخاب مفتي الجمهورية في 10 آب الجاري في بهو دار الفتوى في بيروت، خلفاً للمفتي الشيخ محمد رشيد قباني. وقد بارك قباني في بيان القرار.
اعطاء الافادات «تخبيص» يضرب التربية
مطلبياً، لم تتخذ هيئة التنسيق النقابية أي قرار في شأن المؤتمر الصحافي المزمع عقده اليوم، على رغم تأكيد عضو الهيئة نعمة محفوض لـ«البناء» أن الوضع الامني في عرسال خطير، ويطغى على الاهتمامات الاخرى. إلا أنه علق على خطوة وزير التربية والتعليم العالي الياس بوصعب باعتماد تقييم الامتحانات المدرسية، بالقول: «إن اعطاء الافادات هو تخبيص يضرب التربية، وهو خطوة من الوزير ضد هيئة التنسيق النقابية لا سيما أنه ناقشها معنا مرات عدة وأبدينا رفضنا لها»، معتبراً أن الشعب اللبناني من أساتذة وطلاب وأهالٍ سيقومون ضده.