الجعفري يصف المعارضة بـ«المراهقة السياسية».. وموسكو ترى أنّ وفدها يغلب عليه متطرّفون
وصف رئيس وفد الحكومة السورية إلى مفاوضات جنيف بشار الجعفري، الثلاثاء، الهيئة العليا للمفاوضات بـ«المراهقة» في العمل السياسي، غداة تعليق مشاركتها الرسمية في المباحثات، مشدّداً على أنّ وفده مخوّل بحث تشكيل حكومة موسّعة وليس مستقبل الرئيس بشار الأسد، لأنّ ذلك بيد الشعب.
وخلال مقابلة مع وكالة فرانس برس في جنيف، قال الجعفري: «هم لا يفقهون شيئاً في علم الدبلوماسية إلّا كلمة الانسحاب»، في إشارة إلى تعليق الهيئة العليا للمفاوضات الممثّلة لأطياف واسعة من المعارضة مشاركتها في المفاوضات، احتجاجاً على ما وصفوها تدهور الأوضاع الإنسانية واتّهام النظام بانتهاك لاتفاق وقف الأعمال القتالية، هم من خرقوها.
وأضاف مندوب سورية في الأمم المتحدة، «هذا ليس عملاً دبلوماسياً أو سياسياً ناضجاً، بل أسلوب طفولي مراهق في عالم الدبلوماسية والسياسة».
واتّهم الجعفري الهيئة العليا للمفاوضات بالتبعية للسعودية، وقال: «ما أُثير من قرار وفد السعودية بتعليق مشاركة أعضائه في الحوار في جنيف، إنّما يُشير إلى عدم جديّة هذا الطرف». وتحدّث عن «هيمنة العناصر الراديكالية المتطرّفة داخل هذه المجموعة التي تُديرها السعودية».
وفي السياق، بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني عبر اتصال هاتفي مختلف جوانب الأزمة السورية في إطار التنسيق المحتمل للجهود المشتركة لتسويتها.
وفي سياقٍ متصل، أعلن أليكسي بورودافكين المندوب الروسي الدائم لدى مقرّ الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية في جنيف أنّ وفد اللجنة العليا للمفاوضات في جنيف تغلّب عليه متطرّفون.
وقال بورودافكين في حديث لوكالة «تاس» أمس: «نأسف لتعليق وفد اللجنة العليا للمفاوضات مشاركته في المفاوضات. إنّ ذلك قرار خاطئ من جانبهم. والأسباب التي تستند إليها اللجنة العليا للمفاوضات في رفضها المشاركة في المفاوضات غير مقنعة على الإطلاق».
وأضاف بورودافكين: «تعليق مشاركة اللجنة العليا للمفاوضات في مفاوضات جنيف دليل على أنّه للأسف يغلب في هذا الوفد المتطرّفون الذين لم يرغبوا من البداية في إجراء أي مفاوضات، وقدّموا شروطاً مسبقة وإنذارات أخيرة، والذين في الحقيقة لا يزالون يعوّلون على استمرار النزاع المسلح الدموي في البلاد. إضافةً إلى ذلك نرى للأسف أنّ بعض دول المنطقة تدعمهم».
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أنّ المفاوضات ستستمر لأنّه إلى جانب مجموعة الرياض هناك كذلك مجموعات القاهرة وموسكو حميميم للمعارضة السورية، مضيفاً أنّ مواقفها السياسيّة متقاربة إلى حدّ كبير، وأنّ هذه المجموعات تمثّل جزءاً من المعارضة المعتدلة السورية يمكن التوصّل إلى اتّفاق معها.
وقال إنّ هذه المجموعات، على ما يبدو، هي التي ستحدّد الاتجاه العام للمفاوضات إضافة بالطبع إلى المشارك الآخر وهو وفد الحكومة السورية.
وأضاف بورودافكين: «أريد الإشارة في هذا الصدد إلى أنّ ممثّلي دمشق في هذه المفاوضات يتصرّفون بشكل بنّاء جداً، وموظّفون أمميون ومراقبون يعترفون بذلك. إنّهم مستعدون جيداً للمفاوضات، ويجرونها بكل الصراحة، ويسعون إلى تحقيق نتائج إيجابية».
من جهةٍ أخرى، أكّد الدبلوماسي الروسي أنّ الحديث عن انهيار نظام الهدنة في سورية عار عن الصحة وعديم الأساس، مضيفاً أنّ القوات السورية ستواصل مكافحة الإرهابيين من «داعش» و«جبهة النصرة» بدعم من القوات الجوية الروسية.
وأعاد بورودافكين إلى الأذهان أنّ وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري قد أكّدا قبل ثلاثة أيام في اتّصال هاتفي قيام الهدنة في سورية بشكل عام، وسعي الجانبين إلى تعزيز وتوسيع هذه الهدنة.
وذكر بورودافكين أنّ مركز المصالحة في حميميم يساهم بشكل كبير في هذا المجال، مشيراً إلى أنّ أكثر من 60 جماعة معارضة قد انضمّت إلى نظام الهدنة بمساعدة هذا المركز.
وبشأن الوضع الإنساني، قال الدبلوماسي الروسي إنّه يمكن حل هذه القضية بشكل كامل فقط بعد وقف إراقة الدماء والتوصّل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، مضيفاً أنّ مرونة الحكومة السورية في الأشهر الأخيرة سمحت بحل العديد من المشاكل الإنسانية.
وأشار بورودافكين إلى أنّ قوافل تحمل مساعدات إنسانية تتّجه في هذه الساعات إلى مختلف البلدات السورية. وأكّد أنّ ما تقوله اللجنة العليا للمفاوضات بشأن تفاقم الوضع الإنساني في سورية يعني تشويه الواقع عمداً.
يُذكر أنّ معارضة الرياض أعلنت الاثنين تعليق مشاركتها في المفاوضات وحدّدت ثلاثة شروط لعودتها إليها، وتشمل هذه الشروط إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق نائية، والإفراج عن سجناء، وكذلك التزام الحكومة السورية بالهدنة، بحسب رأيها.
وكان منسّقها رياض حجاب أعلن في مؤتمر صحفي في جنيف أمس أنّ الهيئة قرّرت تعليق مشاركتها في مفاوضات جنيف.
وبرّر حجاب وقف المشاورات في جنيف والمغادرة بأنّ الحكومة لم تنفّذ التزاماتها، مشيراً إلى أنّ عدد البلدات المحاصرة في سورية ازداد وازدادت معاناة السوريين، ولم يُفرَج حتى الآن عن أيّ معتقل مع بقاء أكثر من ألفي معتقل في السجون السورية.
وأعلن حجاب عن السّعي لتشكيل لجان خاصة لتقصّي الحقائق في سورية عبر مجلس الأمن الدولي، ودعا لإشراف أمميّ لمراقبة الهدنة في سورية، لافتاً إلى أنّ قرارات الأمم المتحدة شملت فكّ الحصار وإدخال المساعدات وإطلاق المعتقلين السياسيين ووقف القصف وعمليات التهجير القسري، والإعدام التعسّفي.
وقال رياض حجاب، إنّ تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يجب ألّا يستند إلى دستور العام 2012، لأنّه غير قانوني وتمّ إقراره تحت القصف، مضيفاً أنّه لا وجود لحكومة وحدة وطنية أو حكومة موسّعة في أي من قرارات الأمم المتحدة المتعلّقة بسورية.
كما طالب الموفد الأممي دي ميستورا بوضع جدول زمني لتحقيق الانتقال السياسي في سورية، مشدّداً على أنّ وفد الهيئة العليا للمفاوضات فقط يمثّل المعارضة السورية، بحسب تعبيره.
ميدانياً، نفّذت وحدات من الجيش والقوات المسلحة السورية عمليات على تجمّعات وتحصينات إرهابيّي تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» المدرجين على قائمة الإرهاب الدولية في حلب، وأوقعت في صفوفهم خسائر بالأفراد والعتاد.
ويشهد ريف حلب الشمالي المفتوح على الحدود التركية تسلّلاً كثيفاً للإرهابيين الأجانب للانضمام إلى تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، إضافةً إلى تهريب كميّات كبيرة من الأسلحة المتطوّرة بدعم من نظام أردوغان السفاح وتمويل من نظام آل سعود الوهابي.
وأضاف المصدر، أنّ «وحدات من الجيش نفّذت عمليّات تكتيكيّة اتّسمت بالدقّة، وتتناسب مع طبيعة الأعمال القتالية في المدن للحفاظ على حياة المدنيّين في أحياء الراشدين أربعة والعامرية وصلاح الدين في مدينة حلب، أدّت إلى تدمير بؤر لإرهابيّي تنظيم «جبهة النصرة» والتنظيمات المنضوية تحت زعامته.
دارت اشتباكات بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة التابعة لغرفة عمليات معركة ما تُسمّى «ردّ المظالم»، إثر خرق المسلحين للهدنة ومحاولتهم التقدّم في محيط بلدة كنسبا في ريف اللاذقية الشمالي، في وقت صادرت مجموعات الدفاع الشعبية سيارة بداخلها قواذف «آر بي جي» وحشوات وقذائف متنوّعة في قرية العفينة في ريف السويداء كانت قادمة من ريف السويداء الغربي إلى التنظيمات الإرهابية المنتشرة في البادية الشرقية.
وأعلن مصدر عسكري مساء أمس إحكام السيطرة على النقطة 806٫5 شمال مدينة تدمر بعد القضاء على إرهابيّي «داعش» فيها.
وقال المصدر في تصريح لـ سانا: إنّ «وحدة من الجيش بالتعاون مع القوى المؤازرة واصلت أعمالها القتالية شمال مدينة تدمر وأحكمت سيطرتها على النقطة 806٫5 جنوب غرب جبل المزار».
وأضاف المصدر أنّ السيطرة تحقّقت بعد عملية اتّسمت «بالسرعة والدقّة العالية، وتمّ خلالها القضاء على العديد من إرهابيي تنظيم «داعش» المدرَج على لائحة الإرهاب الدولية وتدمير أسلحتهم وذخيرتهم».