«المنار» من الانتشار إلى الانتصار

فاديا مطر

لم تنجح محاولات إخضاع قناة «المنار» المقاومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول والحكومات التي تأتمر بإمرتها. فالقناة المقاومة التي كانت ومازالت المورد الأساسي للمعلومات الفاضحة لما يتّصل بسعي الولايات المتحدة وحلفائها إلى إخفاء سُمّ إعلامها المتعلّق بقضايا الإقليم عموماً والقضية الفلسطينية خصوصاً، وإسكات صوتها من قِبَل شركة «نايل سات» في 5 نيسان الحالي يقع في إطار الضغوط الأميركيّة والسعودية على القاهرة تحت وطأة الحاجة والابتزاز السياسي، مع غياب الدور الحكومي اللبناني واقتصاره على المواقف المندّدة.

لكن «المنار» انتشرت وانتصرت وباتت شعلةً رغم إجراءات المنع التي تدحض زيف ادّعاء الحريات الإعلامية، وإلّا لماذا هذه الحملة من واشنطن إلى الرياض إلى القاهرة؟ هي لتوسيع دائرة الاستهداف لإعلام المقاومة الذي تحاول واشنطن وحلفاؤها إسكاته، وما قرار وزارة الخارجية الأميركية وضع قناة «المنار» على لائحة الإرهاب منذ 17 كانون الأول 2004 ومنع بثّها على الشاشات الأميركية إلّا تحضيراً واستكمالاً للاستهدافات التي صاغها القرار 1559، بحسب تصريح وزير الإعلام اللبناني آنذاك إيلي فرزلي، لتتوالى قرارات الملاحقة بحقها وحظرها مع إعلان القناة الأولى العبرية في 7 نيسان الحالي، أنّ القرار المصري بوقف «المنار» هو «ارتقاء لدرجة المواجهة بين محور السعودية «المعتدل» والمحور الإيراني»، وتأكيد القناة العبرية أنّ زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الأخيرة إلى مصر لها ارتباط بوقف بثّ قناة «المنار» عبر إدارة «نايل لسات».

فقناة المقاومة التي بدأت بثّها عام 1991، والتي تطوّرت بعد العام 2000 إلى البثّ على القمرين «عربسات» و«نايل سات»، كانت مصدر ثقة وصدقيّة أرعبت أوصال من يريد الحصرية ببثّ سمومه إعلاميّاً وفكريّاً، ومحاولة العبث في مسار الأحداث الإقليميّة والدوليّة، وكانت إدارة «عربسات» قد أعلنت في كانون الأول الماضي وقف بثّ قناة «المنار» على قمرها ليتبعها قرار وزارة الثقافة والإعلام السعودية منع بثّ القناة في المملكة في 5 كانون الثاني المنصرم بشكل أخذ طابعاً واضحاً من النيل الكيدي والسلوك الثأري من قنوات فضح التطهير الأميركي للإعلام الحليف، الأمر الذي يكشف زيف الادّعاءات، كما يكشف تقديم الدعم الفكري والإعلامي والسياسي للمنظمات الإرهابية العاملة في فلك إعلام بعض الحكومات العربية ودوائر الاستخبارات وغرف العمليات. وهو ماجعل قناة «المنار» في سيل الاستهدافات التي سبقها اعتبار حزب الله «منظمة إرهابية» في قرارات اجتماعات ما يُسمّى مجلس وزراء الخارجية العرب في 11 آذار الفائت في محاولة لكمّ الأفواه المقاومة، وإسكات صوت الحقيقة.

هذا المنحى يحمل العجز والإفلاس في المهمّة، ويعني قدرة تأثير خطاب «المنار» وصوتها المسموع الذي وصل إلى حدّ جعلها سلاحاً إعلامياً كاسراً للتوازن، يتوازى مع سلاح المقاومة الاستراتيجي، وهو ما استدعى حرباً تشبه حرب تموز العام 2006 ، والتي تمّ فيها استهداف قناة «المنار» في العاصمة بيروت من قِبَل الطيران «الإسرائيلي» في محاولة لإسكات صوتها وتعتيم صورتها، لكن المقاومة أبت إلّا البقاء صوتاً وصورةً وحضوراً، وهو ما يجعل من الإعلام المقاوم سلاحاً فعّالاً يُبرز قدرة المقاومة على الفعل والتأثير، فهل التغطية بالقرار التجاري يستر خفايا القرار السياسي؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى