وفد الرياض يتوجّع بحجاب مقنّع…
سناء أسعد
استهلاك الوقت واغتصاب عداد الزمن… والتكبير على قصّ رقاب عقارب الساعة للعودة إلى الوراء صارت امتهان أصلي يفوق درجة الامتياز لمن يسمّون أنفسهم معارضة الرياض.. فتوزيع الأدوار والتنسيق الممنهج بين مجرمي السياسة ومجرمي الميدان لم يعودا خفيين على أحد.
من المؤسف أن تخذلك الحروف.. وأن تستحضر العبارات عنوة للكتابة عن أولئك الخونة الذين باعوا الوطن ويتكلمون عن وجع الوطن وعن عذاب السوريين، وهم يتبادلون نخب موتهم في فنادق اسطنبول، ويتمرّغون في الحظائر السعودية لنيل الرضا وكسب مودّة أميركا و»اسرائيل».
أميركا صديقة رياض حجاب المفضلة، لكنه يحمل في قلبه عتباً كبيراً عليها لأنها لم تشنّ حرباً كبيرة على سورية ولم تُبِد شعب سورية بالكامل وتغرقه في بحر أوسع من الدماء، وتفتت وحدة سورية.
فصرخات الوجع والألم السورية لم تشعر السعودي رياض حجاب حتى الآن بالنشوة الكاملة… هو عاتب لأنّ قوافل المعونات والمساعدات الانسانية حملت مواد التنظيف بدلاً من الأسلحة والقنابل والصواريخ!
يشعر بالأسى والأسف ذلك السعودي لأنّ نتنياهو فقد الأمل من وعودهم بالتنازل عن الجولان عربون محبة وصداقة عند إسقاط الاسد… فحاول نيل رضاه مجدداً باتهام حافظ الاسد بأنه هو من سلّم الجولان إلى «إسرائيل»، وهي بالتالي من تحمي وجود بشار الأسد… معتبراً انّ تلك الاتهامات والتبجّحات الكاذبة يكفي أن ينطق هو بها لتكون صادقة وموثقة ويمكن أن تشكل منحدرات ومطبّات ومنعطفات في مسار التاريخ السوري العريق.
يبدو واضحاً من صياغة كلماته أنها إملاءات سعودية… لأنّ تلك الأخطاء الفادحة، والجهل الأعمى للثقافة وللتاريخ والحضارات ولتعاليم الدين الأصلية لا يصدران الا من العقول الوهابية.
ولكن ما على العبد المأمور إلا تنفيذ التعليمات حرفياً.. فمن باع وطنه.. لا ذمة ولا ضمير له.. وبالتالي لا مشكلة لديه لأن يبرمج عقله لتكرار وترداد ما يُملَى عليه دون حاجة إلى الوعي والتفكير في ربط مجريات الأمور ببعضها.
حتى انّ الدولارات كانت لها مفاعيل قوية ومؤثرة جدا.. فكان رياض حجاب مرتاحاً كثيراً وهو يبكي وينوح بحسرة. يبدو أنّ جيوبه كانت ممتلئة أكثر هذه المرة حتى كاد يردّد عبارات الوجع الكاذبة على الفقر والمعاناة اللذين يتذوّقهما الشعب السوري بعدد الدولارات التي صارت في رصيده…!
رياض حجاب لم ينجح في أداء دوره التراجيدي الحزين على مأساة الشعب السوري… فهو ليس بشاعر نبيل.. ولا بمخلوق انساني تملأه العواطف الصادقة ولا بمواطن شريف.. ما هو الا تاجر حاقد متسلق يتاجر ويفاخر ببيعه لوطنه ولهويته الوطنية… وينسب نفسه وأصله لأعداء سورية وشعب سورية.
ولكنه نجح في نقل رسالة اسياده… بأنّ عقدة هذا الصراع متمثلة في بشار الأسد.. وأنه لا يمكن ان يكون هناك جدول زمني محدّد لإنهاء ذلك الصراع ما دام بشار الأسد موجوداً في السلطة.
ونقل رسالة أسياده في رمي قذائف الطائفية لتفجيرها على ملتقى المبادئ والثوابت التي تجمع كلا من إيران وحزب الله وسورية كخطر شيعي لا بدّ من التخلص منه.. فما كان منه إلا أن ترجم باتهاماته الجاحدة لإيران وحزب الله مرامي أبعاد التحالف المصري السعودي التركي الاسرائيلي… لتحجيم دورهما المقاوم في المنطقة.. باعتبارهما خطراً شيعياً كبيراً على السنة.
ولكن كيف لك أن تقنع الأحمق… انه أحمق ولا يحق له ما يحق للعاقل.. والخائن انه خائن، وان المبادئ والثوابت والقيم لا يكفي البوح بها لتثبت انك تملكها… وكيف لك أن تسكت الببغاء الذي تعوّد أن يردّد كلّ ما يقوله مالكوه أمامه بدقة عالية…
بشار الأسد باق رئيساً شرعياً لسورية… وأي عملية سياسية لا تعترف بشرعيته هي مرفوضة بلسان كلّ سوري شريف عاش على هذه الأرض وبقي فيها وضحى بأغلى ما لديه لتبقى أرض سورية أرض الحرية والكرامة والعزة والاباء… فهذا الشعب وحده يحق له أن ينطق باسم الوطن والوطنية… لا الجالسون في حضن اميركا وتركيا والسعودية… لا أولئك الذين يدّعون حتى اللحظة انّ ما يجري على الارض السورية هو ثورة.. وأنّ قاطعي الرؤوس.. وآكلي الأكباد والقلوب البشرية: السفاحين المرتزقة هم ثوار أبرياء وضحايا لاستبداد النظام..
لا أعلم ما اذا كان جمال سليمان في ما لو قام بهذه التمثيلية هل سيكون بارعاً اكثر في الأداء؟ ولكن أعلم أنّ رياض حجاب اختيار غير موفق لذلك الدور.. فكان من يسمعه كمن كان يسمع كلمة سلمان بن عبد العزيز في مصر.
فليقولوا ما يريدون.. وليتخبطوا في تحديد أصل هوية داعش… وليشوّهوا بروتوكول المفاوضات في جنيف… وليدعوا من يسمّونهم حملة البندقية لاستمرار ما لم يتوقفوا عنه يوماً.
ستخيب آمالهم جميعاً… وسننتصر… في السياسة وفي الميدان بهمة أولئك الأبطال… أبطال الجيش العربي السوري الذي يطالب وفد الرياض بإعادة تشكيل هيكليته وعقائديته… مع الأشقاء حزب الله المقاوم وإيران وروسيا… شاؤوا أم أبوا.