ما الذي يريد نتنياهو من بوتين في الجولان؟
حميدي العبدالله
بعد إعلانه، عشية عقد جلسة حكومة العدو لاجتماعها الاستفزازي في الجولان، بقاء الجولان جزءاً من الكيان الصهيوني إلى الأبد، سافر بنيامين نتنياهو إلى موسكو وحسب تصريحاته في الجولان وفي موسكو أعلن تصميمه على ضمّ الجولان إلى الكيان الصهيوني، فماذا تعني تصريحات نتنياهو عن أنه سيبلغ الرئيس الروسي بقراره؟ ولماذا زجّ روسيا ورئيسها في هذه المسألة؟ وما هي الرسالة التي تحملها مثل هذه المواقف؟
ربما يكون واحد من أهداف مثل هذه التصريحات الإساءة إلى العلاقات الروسية – السورية، ومحاولة زرع الشك بين البلدين التي توثقت علاقتهما بقوة إبان الحرب الإرهابية على سورية ووصلت إلى حدّ إسهام القوات الروسية في القتال إلى جانب الجيش السوري في مكافحة الإرهاب. لكن بكلّ تأكيد ليس هذا هو الهدف الأساسي الذي يدرك نتنياهو مسبقاً أنه غير قابل للتحقيق.
ثمة هدف أكثر أهمية من ذلك هو الذي دفع نتنياهو إلى الإدلاء بما قاله حول الجولان وعلاقة روسيا بالمسألة، يكمن هذا الهدف في أنّ قناعة تتكوّن لدى قادة العدو، مفادها أنّ سورية على وشك الخروج من أزمتها، وهو ما لحظه التقرير الجديد للاستخبارات الصهيونية، مما يثير قلق قادة العدو «الإسرائيلي»، وقد أوضح هذه المسألة مسؤول صهيوني كبير أدلى بتصريحات بعد 24 ساعة من زيارة نتنياهو إلى موسكو، حيث قال حرفياً: «الحديث يدور الآن عن فرص لتسوية الأزمة السورية ما يعيد سورية في نهايتها إلى سابق عهدها». بل إنّ المسؤول يتوقع أن يكون الوضع في سورية بعد انتهاء الأزمة أكثر مدعاة للقلق، وذلك في ضوء الوقائع الآتية التي أشار إليها المسؤول الصهيوني: «جيش الرئيس الأسد تعزز في الآونة الأخيرة في أعقاب عدة نجاحات عسكرية» وقوله: «حزب الله يحافظ رغم قتاله في سورية على بنية قوته العسكرية استعداداً لمواجهة إسرائيل» ويضيف: «حرب سورية أعطت الحزب التجربة القتالية بتشكيلات كبيرة وتفعيل وسائل متطورة كالطائرات بدون طيار»، وأعطت الحرب السورية أيضاً «لحزب الله ما لم يكن لديه في السابق».
إذن العدو الصهيوني على قناعة بأنّ الحرب على سورية توشك أن تنتهي، بتسوية أو دون تسوية، ببقاء وضع ما قبل الحرب الإرهابية على سورية، مضافاً إليه ما اكتسبه الجيش السوري من خبرات وقدرات، وتوضع المقاومة إلى جانبه، ووجود عسكري مباشر لإيران، وهذا ما يقلق الكيان الصهيوني وقادته لأنه يحمل متغيّرات استراتيجية غير مسبوقة في غير صالح الكيان الصهيوني.
لهذه الأسباب وبناءً على هذا التقدير تحرك نتنياهو باتجاه موسكو، لأنّ ضمان وقوف الولايات المتحدة إلى جانبه أمر مفروغ منه وتحصيل حاصل، لكن موقف روسيا يحتاج إلى جهد وعمل كبير، ولهذا جاء التحرك باتجاه موسكو لأنّ «التسوية في سورية لن تحصل من دون روسيا التي ستحافظ على مصالحها» ومصالح حلفائها وفي مقدّمتهم إيران وحزب الله كما قال المسؤول الصهيوني.
لكن ما الذي تريده حصراً تل أبيب من موسكو؟
تبعاً للمسؤول الصهيوني ذاته، تريد الآتي: «سنطلب في أيّ تسوية سورية مستقبلية تقليص مسارات تمرير الوسائل القتالية من إيران إلى حزب الله» ويضيف: «التطلع الإسرائيلي لإلغاء أيّ تدخل إيراني في سورية يبدو غير واقعي». إذاً هنا يكمن التحرك الصهيوني المفاجئ باتجاه الجولان وروسيا .