معهد واشنطن: السعودية و«إسرائيل».. خططهما آخذة بالاتساع
قالت دراسة جديدة صادرة عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن الأنباء الأخيرة التي أفادت بأن القاهرة ستعيد جزيرتي «تيران» و»صنافير» في البحر الأحمر إلى السيادة السعودية، قوبلت بمعارضة غاضبة في مصر.
فالاتفاق الذي أعلن خلال زيارة قام بها الملك سلمان إلى القاهرة ودامت خمسة أيام، يشمل أيضا سخاء سعوديا لمصر بما يقارب 22 مليار دولار بشكل منتجات نفطية يجري تسليمها على مدى خمس سنوات بالإضافة إلى صناديق تنمية ، فضلا عن مشروع لبناء جسر يربط بين البلدين عبر مضيق تيران بتمويل سعودي، وكذلك تسهيل التجارة والحج إلى مكة المكرمة.
ومع ذلك، تابعت، يستاء العديد من المصريين من ظهور إهانة وطنية تتمثل بإعادة الجزر والإيحاء بأن اقتصادهم القومي يعتمد على الكرم السعودي، ويبدو أن الجمهور من كلا الطرفين يعتقد أيضا بأنه قد تم التوصل إلى مواءمة غير مستساغة مع الكيان الصهيوني حول مسألة الجسر. وأوضحت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان مضيق تيران يعرف جيدا كبؤرة توتر سياسية ساخنة على غرار بحر الصين الجنوبي في الوقت الحالي. ويقع المضيق في الطرف الجنوبي من خليج العقبة ويعرف أيضا باسم خليج إيلات ، ذلك الجزء من البحر الأحمر إلى الشرق من شبه جزيرة سيناء ـ ونحو المسار المؤدي إلى مدينة إيلات الساحلية في جنوب «إسرائيل» وميناء العقبة الأردني القريب منها، وحاليا يهيمن المنتجع المصري شرم الشيخ على المضيق، ذلك المنتجع الذي يطل على الجزيرتين.
في عام 1949، أضافت الدراسة، وخلال الحرب التي أعقبت انشاء الكيان الصهيوني على الاراضي الفلسطينية، احتلت القوات المصرية جزيرتي «تيران» و»صنافير» بعد أن وصلت القوات الصهيونية إلى ساحل البحر الأحمر في ما يعرف اليوم بمدينة إيلات. وبعد ذلك بعام، أعلنت القاهرة سيادتها على الجزيرتين. وخلال حرب عام 1956، استولى الكيان الصهيوني على الجزيرتين لفترة من الوقت قبل أن تضغط عليها واشنطن للانسحاب منهما.
وفي الأسابيع التي سبقت حرب عام 1967، وضعت مصر مدفعيتها في المضايق وأعلنت أنها مغلقة أمام الكيان الصهيوني، التي اعتبرت هذه الخطوة مبررا للحرب. ثم عادت القوات الصهيونية واحتلت ثانية الجزيرتين واستولت على شبه جزيرة سيناء، واحتفظت بها إلى أن وضعت «اتفاقات كامب ديفيد» شروط الانسحاب في عام 1978. واليوم، لفتت، وكجزء من نظام الرصد الذي وضعته معاهدة السلام بين مصر والكيان الصهيوني عام 1979، تقوم وحدات من «القوة متعددة الجنسيات والمراقبون» التي تترأسها أميركا، بدوريات في جزيرة تيران.
وأضافت الدراسة أنه وفقا لتصريحات تلفزيونية أدلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 10 نيسان، لم يكن للمملكة أي اتصال مع الكيان الصهيوني حول صفقة الجزيرتين المصريتين، لكن السعودية ستحافظ على شروط معاهدة السلام من خلال إبقائهما منزوعتي السلاح. وليس من الواضح ما إذا كانت السفن التي ستبحر من إيلات وإليها سوف تمر عبر المياه الإقليمية السعودية أثناء تنقلها في أقصى غرب المضيق، الذي لا يزيد عرضه عن ثلاثة أميال.
وبرأي الدراسة، يمكن أن تنشأ تحديات دبلوماسية أخرى إذا سار العمل قدما في الواقع في اقتراح بناء الجسر. وعادة ما ترفع السفن التجارية الصهيونية أعلام الملاءمة أعلام من بلدان أخرى ، ولكن احتمال إبحار سفن البحرية الصهيونية تحت جسر سعودي مصري قد يؤدي إلى قيام عدم ارتياح كبير في المملكة. ومن جانبهما، تابعت الدراسة، يرغب الكيان الصهيوني والأردن في الحفاظ على حقوقهما في حرية التنقل في المضائق بموجب «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار»، لكي يكون بوسعهما المطالبة بأن يتم التشاور معهما بشأن بعض التفاصيل المتعلقة بالصفقة مثل ارتفاع الجسر لكي يسمح بمرور الناقلات وسفن الحاويات والسفن السياحية، على سبيل المثال . كما أن لأميركا مصلحة في ذلك أيضا، فمؤخرا في عام 2013، مرت السفينة البرمائية الهجومية «يو إس إس كيرسارج»، وهي حاملة طائرات صغيرة أساسا، عبر مضيق هرمز لزيارة إيلات.
وشددت الدراسة على أن أكبر نقطة ضعف في الصفقة في الوقت الحالي هي المعارضة الداخلية في مصر، حيث أن مركز الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس قويا، فنقل السيادة هو مسألة حساسة حتى لو بقيت الجزر تحت السيطرة المصرية الفعالة. ويعتقد أن القاهرة، أوضحت الدراسة، قد تشاورت مع الكيان الصهيوني وواشنطن خلال أشهر المفاوضات التي أسفرت عن هذه الإعلانات، كما يبدو أن الحكومة الصهيونية لم تثر أي اعتراض شريطة أن لا تؤثر الصفقة على النقل البحري والملاحة الخاصة بها.
وفي حين يؤكد ذلك على ما يبدو العلاقة القوية بين الكيان الصهيوني ومصر، والتي تتضمن حاليا وجود تعاون وثيق في مجالات مكافحة الإرهاب وتطوير الغاز الطبيعي، فبإمكان هذه الصفقة أن تعكس أيضا النضج المتنامي في العلاقات المؤقتة بين الرياض وتل أبيب. ووفق الدراسة، ما زالت الرياض تعارض قيام علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني، ولكن من الواضح أن كلا البلدين يتشاركان وجهات نظر مماثلة حول قضايا رئيسية مثل «التهديد الذي تشكله إيران». وخلصت إلى القول إن آخر التطورات المتعلقة بمضيق تيران تؤكد على أن خططهما، أي الرياض وتل ابيب، ذات المصالح المشتركة آخذة في الاتساع.