إنجاز الجيش «الإسرائيلي» هو أن إخفاقه في غزة لا يشبه فشله المدوي في حرب 2006

حسن حردان

بدأت سبحة التراجعات «الإسرائيلية» تكر وما كان يجري الحديث عنه في الكواليس، بات اليوم معلناً، فـ«إسرائيل» أعلنت رسمياً قبول اقتراح وقف إطلاق النار برعاية مصرية لمدة 72 ساعة وفي الوقت نفسه قررت إيفاد وفد أمني إلى القاهرة للتفاوض حول شروط الاتفاق الدائم لوقف النار. وجاء ذلك فيما أعلن الجيش «الإسرائيلي» أنه أنهى انسحابه من غزة، زاعماً أن «مهمة تدمير الأنفاق انتهت».

وتعتبر موافقة حكومة نتنياهو على التفاوض تراجعاً عن موقفها الداعي إلى إنهاء الحرب على قاعدة «هدوء مقابل هدوء».

أما التراجع الثاني فهو إعلان وزير الأمن «الإسرائيلي» موشيه يعالون القبول بالترتيبات على المعابر مع قطاع غزة بإشراف حكومة المصالحة الفلسطينية، بعدما كانت «إسرائيل» تسعى إلى إسقاطها.

ويبدو أن هذا التراجع «الإسرائيلي» الواضح صاحبه إقرار من المحللين العسكريين في كيان العدو بأن المقاومة الفلسطينية لم تهزم، وستبقى مسيطرة على غزة وستكون الشريك المركزي في كل تسوية مستقبلية حتى ولو أجريت بشكل غير مباشر. كما أن وقف النار سيقود إلى كسر الحصار عن القطاع.

على أن الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة من الإخفاق العسكري «الإسرائيلي» ومن ثم الإخفاق السياسي، إنما تعود ـ إلى جاتب الجاهزية العالية لدى فصائل المقاومة الفلسطينية التي كشفت عنها المواجهات في الميدان والقدرة على مقارعة جيش الاحتلال في كل المجالات البرية والبحرية والجوية ومواصلة إطلاق الصواريخ والاحتفاظ بالقدرة على إدارة المعركة والتحكم بمساراتها طوال فترة العدوان ـ إلى الفشل الاستخباراتي «الإسرائيلي»، إذ تبين أن الاستخبارات العسكرية لم تكن على معرفة بواقع المقاومة والمتغيرات التي أحدثتها في استعداداتها للمواجهة، ولهذا كانت المعلومات عن منصات الصواريخ جزئية، في حين أن مراكز قيادات المقاومة كانت غير معلومة، ولهذا لم يتمكن سلاح الطيران «الإسرائيلي» من المس بها، تماماً كما حصل معه في عدوان تموز عام 2006.

أما المفاجأة الكبرى التي صدمت «إسرائيل» واستخباراتها فكانت الأنفاق الهجومية التي بنتها المقاومة والتي لعبت دوراً مهماً في شن الهجمات خلف خطوط جيش الاحتلال وتكبيده خسائر بشرية وتوجيه ضربات موجعة لهيبته ومعنويات ضباطه وجنوده.

وبات الإنجاز الوحيد الذي تتحدث عنه أوساط الجيش «الإسرائيلي» هو أن الفشل في تحقيق أهداف الحرب في غزة لا يشبه الشعور بالفشل المدوي الذي أعقب حرب لبنان الثانية عام 2006. التي تحولت إلى وحدة قياس «إسرائيلية» لحجم الإخفاق الذي مني به الجيش «الإسرائيلي». غير أن هذه الأوساط تجاهلت حقيقة أن قطاع غزة المحاصر ليس لبنان، لا من حيث المساحة ولا الجغرافيا ولا الإمكانات التي تملكها المقاومة. ولهذا فإن الفشل «الإسرائيلي» في غزة قد يكون من هذه الناحية مضاعفاً بالقياس إلى الفشل في لبنان.

أما ألإنجاز الثاني فتحدثت عنه أوساط الجيش «الإسرائيلي»، وهو أن علامات الشك وخيبة الأمل من تحقيق إنجازات في الميدان، لم تترجم إلى احتجاجات في أوساط جنود الاحتياط كما حصل في صيف عام 2006. فقد كان التنسيق بين القيادة السياسية والعسكرية أفضل ولم تقع حروب داخلية ولا انهيار في الأداء ولا حملة إقالات حتى وإن جرى حديث عن مطالبات بفتح تحقيق.

وهكذا أصبح عدم تعرض الجيش «الإسرائيلي» لهزيمة كبرى على غرار حرب تموز هو الإنجاز، ما يؤشر إلى المستوى الذي وصل إليه هذا الجيش الذي كان يُقال عنه يوماً أنه لا يقهر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى