الحوار اليمني… توصيات مُلزمة خلال 72 ساعة لمعالجة الانتهاكات
بعد ضغوطات إقليمية وأممية، تراجع وفد الرياض عن مقاطعة جلسات الحوار اليمنية المنعقدة في الكويت. وذكر مصدر أنّ وفد الرياض والوفد اليمني الوطني اتفقا على تشكيل لجان عمل مشتركة في الشأن السياسي والعسكري والإنساني.
وكانت مشاورات السلام اليمنية في الكويت اختتمت أمس جلسة عمل مشتركة بين وفود الأطراف المعنية، وذلك بعد 3 أيام من إعلان وفد هادي تعليق مشاركته في الجلسات المباشرة.
واستكملت وفود هادي وأنصار الله والمؤتمر الشعبي العام في الجلسة بحث تصورات ملامح الإطار العام الذي اقترحته الأمم المتحدة حول هيكلية وإطار العمل بالنسبة للمحاور السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية في المرحلة المقبلة.
ويأتي استئناف المشاورات، التي تُعقد برعاية الأمم المتحدة، بعد جهود حثيثة بذلها رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح وكذلك الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني خلال اليومين الماضيين.
وكانت محادثات السلام في الكويت تقدّمت ببطء في ظلّ هدنة متقطّعة منذ 10 نيسان قبل تعليقها. وأعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء في بيان: «سيجتمع المشاركون في جلسة عمل مشتركة لمتابعة جدول الأعمال المتفق عليه».
وأضاف: «انطلاقاً من حرصنا وإصرارنا على ضرورة تحييد المسار السياسي لمشاورات السلام اليمنية عن الأوضاع الميدانية، تمّ الاتفاق على أن تعمل لجنة التهدئة والتنسيق على النظر في الأوضاع الشائكة ميدانياً وتقديم تقارير مفصلة عنها للجهات المعنية».
وقال إنّ اللجنة ستصدر تقريراً في غضون 72 ساعة بشأن أعمال العنف في الأيام الأخيرة وتصدر توصيات تلتزم بها كلّ الأطراف لمعالجة الوضع.
في غضون ذلك، طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أمس، المشاركين في محادثات السلام اليمنية، بمساندة التحقيقات الدولية ومساعي العدالة الانتقالية وتعويض الضحايا باعتبارهم العناصر الأساسية لأي اتفاق يبرم.
وجاء في بيان المنظمة الدولية أنّ «النزاع المسلح في اليمن اتّسم بانتهاكات عديدة لقوانين الحرب من قبل جميع الأطراف، وهي انتهاكات لم يجر التحقيق فيها ولم تؤدّ إلى أي إنصاف لضحايا الهجمات غير القانونية».
وأشار البيان إلى أنّ «التحالف المكون من 9 دول عربية بقيادة السعودية نفذ غارات جوية عشوائية ضدّ أحياء سكنية، وأسواق، ومنشآت مدنية أخرى، ما أدّى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين»، مضيفاً أنّ جماعة «أنصار الله» وجماعات مسلحة أخرى من الجانبين، ارتكبت انتهاكات عديدة أثناء عملياتها البرية.
وأكد البيان أنّ أي اتفاق سلام «يجب أن يشتمل على آلية تسمح بتحقيقات دولية مستقلة في انتهاكات جميع الأطراف منذ بداية العمليات العسكرية في اليمن أواخر 2014، مع توفير مسار نحو ملاحقة الجناة قضائيا. كما أنّ الحكومات ملزمة بتقديم تعويضات مناسبة لضحايا انتهاكات قوانين الحرب».
وكانت جلسة المفاوضات اليمنية بين الوفد الوطني ووفد الرياض في الكويت انعقدت وركزت حول الرؤى السياسية.
وقد استؤنف النقاش من النقطة التي تمّ التوقف عندها في الجلسات السابقة، ونوقشت الرؤى التي قُدمت من الطرفين وتمّ استعراض قرارات مجلس الأمن ونصوصها ومقاصدها.
وحصل أيضاً النقاش في تشكيل لجان عمل مشتركة في الشأن السياسي والشأن العسكري ولجنة إنسانية تتولى مناقشة الرؤى المطروحة للوصول إلى حلول توافقية، ويكون عمل هذه اللجان مترابطاً للوصول إلى اتفاق شامل. وحذر وفد صنعاء من عودة الغارات وأكد أنها تهدّد مسار المشاورات. وقال مصدر في الوفد الوطني اليمني، إنّ الوفد اعترض بقوة على الغارات الجوية التي نفذت أمس على منطقة نهم.
وقال بيان صادر عن وفد القوى الوطنية اليمنية إلى المفاوضات في الكويت، إنّ «الوفد الوطني حرص منذ بدء المفاوضات على التعامل بمسؤولية تجاه كلّ العراقيل والمعوقات من قبل الطرف الآخر، ومنها الاستفزازات المستمرة في الميدان واستمرار الزحوفات وأعمال التحشيد والقصف بالسلاح الثقيل في معظم جبهات القتال، وذلك استشعاراً من الوفد الوطني لحجم المسؤولية وحرصاً على الدفع بالمشاورات نحو الأمام».
وأشار إلى أنّ «مبدأ وقف الأعمال القتالية المتفق عليه والصادر عن الأمم المتحدة والذي دخل حيز التنفيذ فجر الحادي العاشر من شهر نيسان الماضي يلزم جميع الأطراف بوقف كامل وشامل للأعمال القتالية ورفع القيود التجارية والاقتصادية عن اليمن، وكذلك إزالة القيود عن حرية التنقل للمواطنين من والى اليمن، لكن وللأسف فإنّ الطرف الآخر ما زال يتخلى عن الكثير من ذلك حتى الآن».
وأضاف البيان أنه «بعد تماسك وقف الغارات الجوية لعدة أيام عاودت طائرات العدوان صباح أمس القصف من جديد حيث شنت غارتين جويتين على منطقة المحاوجة في نهم في عمل تصعيدي خطير يهدّد المفاوضات القائمة في الكويت ويهدف إلى تعطيلها وإفشالها».
وأوضح الموفد الدولي أنّ استئناف المباحثات يأتي بعد «الاتفاق على أن تعمل لجنة التهدئة والتنسيق على النظر في الأوضاع الشائكة ميدانياً وتقديم تقارير عنها للجهات المعنية»، وأنّ الأطراف اتفقوا على «أن تقوم هذه اللجنة بتقصّي الأوضاع في لواء العمالقة وإعداد تقرير في غضون 72 ساعة عن أحداث الأيام الأخيرة، مع توصيات عملية يلتزم الأطراف بتنفيذها لمعالجة الأوضاع».
وكان قد بدأ منذ منتصف ليل 10-11 نيسان، تنفيذ وقف لإطلاق النار تمهيدًا لانطلاق مباحثات السلام في الكويت، لكنّ قوى العدوان السعودي استمرّت بغاراتها التدميرية ضدّ المدن اليمنية.