مشروع «مدفار منارات المتوسط»… قريباً يبصر النور
تحقيق: فاطمة شعيتو
ظلّت المنارات والإشارات البحرية في المتوسط شامخة في نقطة تلاقي الأرض والبحر، مقاومة ومحافظة على وجودها رغم ويلات الزمن، فغدت تراثاً لا بدّ من تركيز الاهتمام عليه كي لا يصبح منسياً.
وانطلاقاً من أهمية دور المنارات التاريخي، جاء مشروع «منارات المتوسط» الممول من الاتحاد الأوروبي.
وللإضاءة على المشروع، كان لـ«البناء» لقاء مع رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق تحدّث خلاله عن مشروع التعاون مع الاتحاد الأوروبي الذي له الكثير من الأوجه الإيجابية، فهو عبارة عن تعاون مشترك بين بلدان الحوض الجنوبي للبحر المتوسط مع الشرقي منه، ومن ضمنه إيطاليا وفرنسا وتونس وغيرها من الدول، مؤكّداً أنّ مجرد التعاون في هذه الأمور والمشاريع والإضاءة عليها، فإن ذلك يزيد قيمة فوق قيمة إلى تراثنا الموجود في مدينة صور، رغم أن منارة الفنار لا تعود بالتاريخ إلى زمن بعيد، لكنها مبنية فوق منارة قديمة وأصبحت بوضع تعيس وبحاجة إلى الترميم، والمشروع جاء في وقته.
وتابع دبوق أن الدول الأوروبية لديها الرغبة في أن تكون صور ضمن مشاريعهم التراثية، لذلك تتلقى المدينة دعوات كثيرة، وذلك يساعد في الترويج لمدينة صور في الخارج.
ولفت دبوق إلى الاجتماعات التي تتم بين الشركاء من أجل التعريف بمدينة كل شخص من خلال أمور جديدة، ويتم تبادل الزيارات من أجل إتمام المشروع على أكمل وجه.
ولمعرفة التفاصيل عن المشروع، كان لنا لقاء مع المسؤولة عن تنفيذ المشروع الذي سُمّي «مدفار» سارة السوقي، التي قالت إن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج التعاون عبر الحدود، والذي يشمل ثلاث منارات في كل من إيطاليا، تونس وفرنسا، إضافة إلى منارة صور.
وتقول السوقي إن المشروع بدأ منذ سنتين عندما دخلت بلدية صور في أكثر من مشروع حول العالم ضمن الاتحاد الأوروبي، وكان من ضمنها الإضاءة على كيفية ترميم منارة صور والمنارات الموجودة في دول حول البحر الأبيض المتوسط والذي لاقى نجاحاً باعتباره متميزاً.
ولفتت إلى تسميته «مدفار» أي الخطة لترميم المنارات في دول بحر الأبيض المتوسط، وتصل ميزانيته إلى مليار وسبعمئة وسبعين ألف وأربعمئة وستون يورو، لبلدية صور ما يعادل 300 ألف يورو منها، حيث يتم تقسيم المشروع إلى عدة مراحل تبدأ بوضع هوية لمنارة صور، خصوصاً أن سلسلة المنارات الموجودة في لبنان لا هويات لها، ولا أحد يعرفها، لذلك لا بدّ من تجديد هوية منارة صور التي تم تشييدها عام 1910 من قبل المهندس الفرنسي موريس باشا، لكن مع التطور لم يتم المحافظة عليها.
وأضافت السوقي أن الفكرة كانت فريدة من نوعها، ولمدينة صور تاريخ وحضارة قديمين. كل دولة عملت على مناراتها وحافظت عليها على مدار السنين، أمّا صور المنارة فقد أهملت. مشيرة إلى أنها المنارة الوحيدة التي يوجد فيها بيت، فهناك عائلة تسكنها وقد ورثتها عن أجدادها. أمّا الباقي فعبارة عما يشبه الطفافات.
وأضافت أن منارة صور تتبع لوزارة النقل والأشغال العامة وعملنا يتم بموافقتهم، وقد تمت كتابة فكرة الموضوع الذي استغرق ست سنوات بسبب وجود صعوبات عدّة مثل البحث الدقيق والطويل. ورغم ذلك وصلنا إلى مرحلة معرفة جزء بسيط عن المنارة من أجل كتابة تاريخ عنها. وكذلك الانتظار سنة لأخذ الموافقة من الجهة الأمنية باعتبار أن الوقت لم يكن ملائماً على صعيد وضع الدولة.
وأكّدت السوقي أن منارة صور عنصر مميز للمدينة. فهي مبنية على برج صليبيّ ولها قيمتها التاريخية، وإن لم تكن بناءً قديماً أو تراثياً. عدا عن كونها الدليل الأبرز للصيادين ولها قيمتها الاجتماعية.
وأشارت إلى أن المهلة الزمنية للمشروع تنتهي بشهر حزيران 2016، والبداية مع المرحلة الأولى من خلال ترميم المنارة لتصبح مركزاً يمكن الدخول إليه من قبل السائح. والثانية حول كتابة قصة عن منارات البحر الأبيض المتوسط تتحدث عن جمال، الذي هو من سكان مدينة صور، ووالده قبطان بحري، وفي 2006 تتعرّض للدمار مدينة صور فيسافر جمال لكنه يتوه في الغربة ويحاول العودة إلى صور، يلتقي بطريقه سلحفاة بحرية التي أيضاً تحكي قصتها وكيف هجرت موطنها بسبب الصيادين الذين يقتلونها للتغذي على دمها المفيد برأيهم، وهنا يزور الاثنان منارات فرنسا وإيطاليا وتونس إلى أن يصلا إلى لبنان وتتحقق أمنية جمال ويتم ترميم منارة صور التي هي خلاصة مشروع «مدفار».
والهدف من هذه القصة بيئي يقوم على توعية الأطفال وإبراز أهمية المنارات في الوقت نفسه.
وختمت السوقي بالإشارة إلى وجود نشاط معرض صور يجمع المدارس للتنافس على تصوير مدينة صور من خلال منارتها، وإعطائها أجمل صورة معبّرة من خلال التصوير أو الرسم. كما سيقام معرض رسم يشمل أهم رسامين في المنطقة والمحيط لإبراز صورة المدينة والربط بين المنارات ومنارة مدينة صور.
تصوير: محمد أبو سالم