«ميول» جاك ميناس في أغنية شعبية
جهاد أيوب
نفّذ المغنّي جاك ميناس منذ أيام، أغنية لبنانية شعبية بعنوان «شو بدّك بميولي»، من كلمات الدكتور إيلي م. بيطار وألحانه. وقد أحدث عنوان الأغنية جدلية فنية حادّة بين بعض الفنانين والإعلاميين، منهم من رفض الفكرة وتحديداً العنوان، وآخرون تقبّلوها لجديدها مضموناً ولحناً و«جرأةً».
«شو بدّك بميولي»، أغنية اعتمدت اللون اللبناني من خلال سكب موسيقيّ جاذب ينسجم مع طبيعة الكلام الشعبي المنمّق والجميل، وقد تعمّد الملحّن أن يقدّمها بـ«كوبليه» رشيق ولافت يشدّ المستمع، ويعيده إلى الغناء الجميل بعيداً عن ضجيج موسيقى اليوم. حاول الملحّن أن يقدّم جملة لحنية رشيقة ذات نغمة غنية تبقى في السمع وتردّد عبر اللسان كأنها نفّذت كي تبقى. والغاية ألا يحدث انفصاماً بين الجملة اللحنية وكلام الشعر، كما يحدث في غناء هذه المرحلة حيث الكلام في واد وتركيبة ضجيج اللحن في وديان، لا انسجام بينها وعلى المتلقي أن يصمد، ويرتكب إثم السمع إلى حين تصويرها مع مجموعة تتعمد الرقص والنطّ والجنون يضاف إليها نساء عاريات… وهات يا صراخ.
لا تعتمد الأغنية على فرض العضلات الموسيقية، ولا تتعمد استخدام العُرَب المزعجة في أداء المطرب، بل ركّزت على إيصال اللحن الشعبي بهدوء، وأن يتقن المطرب عُرَبه ومفرداته لوضوح الصور الشعرية، وهذا ساعد في تقديم العمل على طبق شعبيّ غنيّ وجاذب. ومن لا يحبّ هذه النوعية من فنّ الغناء لا يصاب بالانزعاج، وسيعيد الاستماع إليها من دون تعمّد بل بإرادته، وذلك لفقداننا هذه النوعية من الغناء الشعبي القريب من الناس منذ سنوات خلت.
كما لا بدّ من الإشارة إلى أن عنوان الاغنية «شو بدك بميولي» سبق الأغنية لجرأته، وكأن الاعتراف بشيء أصبح جريمة، وتناول بعض الزملاء بالهجوم على الأغنية قبل أن تطرح في الأسواق العربية واللبنانية، وقبل الاستماع إليها فقط لمجرد الاسم متجاهلين أن لعبة الميديا مهمة في مثل هذه الظروف الصعبة اعلامياً وفنياً وتجارياً، وهذا الجدال والنقد السلبي والايجابي خدم الاغنية، ولم يضرّها.
على الصعيد الفني الأغنية تعيد المستمع إلى مرحلة السبعينات من نجاحات الغناء اللبناني والعربي، وبشكل خاص إلى أجواء الملحن فيلمون وهبي وكيفية استطاعته مخاطبة الجميع من دون تكلف وتصنّع وفبركات لألحانه. أغنية اعتمدت الحالة الشعبية بامتياز وبعفوية لذلك سهلة المنال، وصعبة الأداء أي غناء السهل الممتنع. إضافة إلى غناء جاك وهو الذي يعتمد على الغناء والاجواء الغربية، وشهرته هناك واسعة وبالاخص في ألمانيا وبريطانيا وأستراليا، ورغم تمرسه الغناء مع التقنيات العالمية في موسيقى الغرب، أصرّ أن يرافق «شو بدك بميولي» ببساطة الاداء والتوزيع، وهدوء انفعالاته وفرح انسجامه مع أداء الكلام الشعبي النظيف. أداء غير متكلّف، وانسجام ناعم مع طبيعة اللحن والاجواء الشعبية. ورغم أنّ الاغنية نفّذت، وتم طبخها في ألمانيا، احتفظ فريق العمل على الروح الشرقية فيها بامتياز، وهذا ساعد في إيصالها بسهولة إلى الآذان.