أبو مالك التلي لوجهاء عرسال: حدود دولة الخلافة في بلدتكم…
نضال حمادة – باريس
لم تعد الأوضاع في عرسال كما كانت قبل عشرة أيام، لا أهالي البلدة، ولا اللاجئون السوريون، ولا المقاتلون ولا حتى الجيش اللبناني. الكل يمر بمرحلة من التغيير في المزاج والعلاقات، والمواقف سوف تظهر نتائجها تباعاً في المستقبل القريب جداً، عندما يعود من غادر منزله من أهالي عرسال بسبب مسلحي داعش، وعندما يقف أهالي الضحايا على وقع مصيبتهم، والمتضررون على ذهاب تعب العمر في لمحة بصر.
وحده أبو مالك التلي، لا يأبه لعرسال وأهلها، حكمهم خلال الأيام الماضية بالسيف والنار، لم يعترف بجميلهم عليه وعلى ثورته خلال الأعوام الأربعة الماضية، فكافأهم بالقتل والتهديد والإهانات، تساوى عنده الملا أبو طاقية، ورئيس البلدية أبو عجينة، وغيره من الأبوات وأصحاب الألقاب التي تشتهر بها عرسال.
جمع أبو مالك التلي حوالي مئة شخص من وجهاء عرسال في أحد منازل البلدة، خاطبهم بلغة الوصي والحاكم، قال لهم بحسب أحد الذين حضروا الاجتماع: «حدود سايكس بيكو التي تعرفونها ذهبت إلى غير رجعة، دولة الخلافة وصلت إلى عرسال وستستمر في التمدد، من يفكر منكم بشق عصا الطاعة أو الخروج عن الصف، أو الغدر بنا، سنقوم بنحره في ساحة البلدة».
يروي بعض أهالي عرسال الذين لم يغادروها خلال الأيام الماضية، عن توزيع أدوار واضح بين الجماعات المسلحة التي احتلت عرسال، ينفون ويهزؤون من الكلام عن معارك نشبت بين النصرة وداعش، كلهم واحد في احتلال عرسال، يقول أحد أبناء البلدة أن حوالى ألف مسلح خرجوا من مخيمات النازحين، و350 عرسالياً ساندوهم، يتحدث عن مسلح لبناني أطلق النار على مشايخ هيئة العلماء المسلمين، ويحدد المدعو خ.م.م.ح الذي أطلق النار بأمر من أبي مالك، وكان يتواجد طيلة الأزمة مع مجموعة مسلحين في أحد مساجد البلدة بحسب المصدر العرسالي.
تغير مزاج أهل عرسال نحو المسلحين، يقول أحد أبناء البلدة عرف العراسلة خلال الأزمة من هم أهلهم الحقيقيين، لقد فتحت القرى اللبنانية الشيعية أبوابها لاستقبالهم، هذا سوف يعيد باب العلاقات والتقارب خلال الفترة المقبلة، أصبح هناك غضب ونقمة على المسلحين في الجبال، وعلى النازحين في المخيمات، وهذا أيضاً ستظهر آثاره في الفترة المقبلة.
يقول رجل آخر من عرسال، أن الفأس وقع بالرأس ولن يكون بالإمكان إصلاح الحال بين الجيش والمسلحين بعد الذي حصل، لقد وقعوا بالخطيئة الكبرى بهجومهم على عرسال، قلنا لهم هذا، أدركوا منذ اليوم الثاني خطأهم، لكن المحظور كان وقع.
نعود إلى أبو مالك الذي قال للعراسلة، إنه سوف يبق على بعد 4 كلم من البلدة، حتى يحافظ على طريق الإمداد والدعم، وهو ينتظر من عرسال وأهلها الاستمرار في دعمه، وإلا اضطر لإعادة احتلال البلدة.
يقول من حضر الاجتماع إن النصرة اختبأت خلف داعش في هذه المعمعة، لكنها تشكل الجسم الأكبر في المنطقة، وكلهم اتخذوا داعش ستاراً، أبوطاقية، أبو عجينة، والنصرة، والحر، كل كان له منطقته ومحوره وطرقه للخروج نحو الجرود من دون الحاجة للآخر، ويتابع حديثه بالقول: داعش خططت وهاجمت والنصرة لعبت اللعبة واختبأت خلف داعش، التي ارتبكت عناصرها وفقدوا زمام الأمر بعد اعتقال أحمد جمعة ومقتل الفلسطيني، ضاع أتباع داعش ولم يعد هناك من يقرر في موضوع عرسال، فتولت النصرة وأبو عجينة وأبو طاقية التفاوض عنهم والاختباء خلفهم عند كل حاجة.
يبقى السؤال الكبير عن الجنود المختطفين متى سيطلق سراحهم، وعن بنود مخفية في الاتفاق بدت ملامحها، على أرض الميدان في البلدة والجرد وستتكفل الأيام القليلة المقبلة بالإضاءة على تفاصيلها أكثر.