الحريري يخطئ…!

فدى دبوس

ظاهرة تبدو الأولى من نوعها، لا بل مستحيلة في زمن السياسة سابقاً ولاحقاً. ربما هي حادثة، أو قد يعتبرها البعض صغيرة وعرضية. إلّا أنها لغرابتها تشكّل ظاهرة بحدّ ذاتها. أن يخطئ «زعيم» حزب وتكتّل سياسيّ كبير ورئيس مجلس وزراء سابق ونائب حاليّ في الانتخابات، والخطأ هو في وضع لائحة المرشّحين للبلدية في صندوق الاقتراع لمرشّحي المخترة.

هذا الخبر الذي أعلنته مواقع إخبارية إلكترونية عدّة ومحطّات تلفزيونية محلية، شكّل مفاجأة للناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى ما يبدو أنّ خصوم الحريري وجدوا في هذا الخبر ملاذهم كي يسخروا من هول «المصيبة» كما اعتبرها البعض. وفي غضون دقائق فقط، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات ساخرة.

ولعلّ السؤال الأبرز كان: «معقول رئيس كتلة يغلط؟»، أمّا آخرون فقالوا: «معذور… بالسعودية ما في انتخابات». ولم يسلم الحريري من بعض التعليقات التي استعارت عبارة مقدّم البرامج هشام حداد المعتادة: «مييين هَيييي، شووو هَيييي».

هذا الخطأ شكّل مادة إعلامية دسمة للناشطين، لا بل لخصوم الحريري على وجه الخصوص، الذين اعتبروا أنّ «الزعيم» الحقيقيّ لا يمكنه أن يخطئ في الاقتراع. ولأنّ الحريري كما قال «أنا متلكن مع لايحة البيارتة»، كانت المفاجأة في من هو مثل الشعب، أخطأ في التصويب وخسر الشعب صوتاً قد يكون نقطة مضافة لصالح مرشحيه…

الحريري الصيداوي البيروتي أخفق في الانتخابات، وبدلاً من أن تكون لائحته المادّة الإعلامية الدسمة، انقلب الحديث وتبدّل الاهتمام ليصبح الحريري وورقته الخطأ هما المادّة الإعلامية الدسمة على الأقلّ على مواقع التواصل الاجتماعي التي انفرد الناشطون من خلالها بهاشتاغات لا عدّ لها ولا حصر، أبرزها «طقطقوا خواصري».

شعار «زيّ ما هيّي» تغيّر بدوره على مواقع التواصل الاجتماعي ليتحوّل إلى شعار «ما تصوّت لنفسك، صوّت على نفسك وإبكي». «شيخ» تيار المستقبل وضع التيار في مكان لا يحسد عليه، والخطأ الذي ارتكبه غير مقبول، فحتى أبناء الـ21 سنة الذين اقترعوا للمرّة الأولى، لم يقعوا في هذا الخطأ، وعرفوا كيف يدلون بأصواتهم بطريقة صحيحة ومشروعة.

المؤسف أنّ معركة الانتخابات البلدية والاختيارية التي يفترض أن تكون معركة مدنية ومعركة للتغيير والترتيب، تحوّلت إلى صراع سياسيّ مذهبيّ، وتحوّل معها المواطنون من ناخبين إلى معلّقين على أحداث ربما لا تفي بالغرض الحقيقيّ من وراء هذه الانتخابات.

لكن على ما يبدو أنّ شوق اللبنانيين للانتخابات دفعهم إلى تسييس هذه المعركة كونهم ربّما لن يشهدوا معركة انتخابات حقيقية في السنوات المقبلة.

الحريري أخطأ في التصويت، والتصويب، هذا أبرز ما يمكن قوله بعد هذه الفضيحة، ولعلّها ليست المرّة الأولى التي يخطئ فيها سعد، وربما لن تكون الأخيرة. ولكن كيف سيكون تبريره لهذا الخطأ يا ترى؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى