الراعي: شعوب الشرق تطالب المجتمع الدولي بحقها في السلام العادل والشامل
استهلّ البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم الثاني من زيارته إلى باريس بلقاء مجلس أساقفة فرنسا في مقرّ المجلس، حيث كان في استقباله رئيس أساقفة باريس الكاردينال جان فانتروا والأساقفة أعضاء الهيئة الدائمة، يرافقه راعي أبرشية باريس المطران مارون ناصر الجميل.
وعرض الراعي أمام هيئة المجلس بعد كلمة ترحيب من الكاردينال فانتروا، الأحداث التي تطورت بشكل دراماتيكي في منطقة الشرق الأوسط، شاكراً للمجلس «رسالة التضامن التي كان وجهها لمسيحيي الشرق». وتوقف عند التأثيرات السلبية للنزوح السوري على لبنان «مع احترام معاناة النازحين ووجوب التضامن معهم في محنتهم»، معتبراً أنّ «استمرار الحرب يضع لبنان في خطر دائم وفي حال تراجع، خصوصاً على الصعيد الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي».
وشدّد على «وجوب وقف الحروب وحلّ النزاعات بالطرق السلمية والسياسية وعودة النازحين إلى بلادهم في أسرع وقت»، مؤكداً أنّ «لبنان يرفض العودة الطوعية للنازحين السوريين وهو لن يتوانى عن المطالبة أيضاً بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام الأسرة الدولية بواجباتها حيال ذلك».
وأشار الراعي إلى «النموذج اللبناني في العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين على قاعدة المناصفة والمشاركة، الأمر الذي يميز لبنان عن محيطه ويجعله واحة لقاء وحوار بين الأديان والثقافات وبالتالي يستوجب من الأسرة الدولية أن تعمل على حياده والمحافظة على دوره ورسالته في الشرق الأوسط من أجل العالم كله».
من جهة أخرى، أعلن البطريرك الماروني خلال سلسلة مقابلات صحافية أجريت معه في باريس، أنّ «شعوب الشرق الاوسط تطالب المجتمع الدولي بحقها بالسلام العادل والشامل وبالاستقرار وبازدهار بلدانها ونموها».
ورفض البطريرك الراعي «مقولة أنّ المسلمين يودون إفراغ الشرق من أهله المسيحيين»، مؤكداً «عكس ذلك لا بل حرص المسلمين الحقيقيين، الشركاء في المواطنة، على بقاء المسيحيين في ما بينهم وتمسكهم بهم من أجل المحافظة على ما بنوه معاً على مدى 1400 سنة على الرغم من كلّ الصعوبات. المسلمون قبل المسيحيين يعلنون أهمية الحضور المسيحي في الشرق».
ودعا إلى «التمييز بين الإسلام والحركات الأصولية والإرهابية التي لا تمت له بصلة»، متوجهاً إلى «الدول الداعمة لها من أجل وقف هذا الدعم كي تكف هذه التنظيمات عن ارتكاب الجرائم والمظالم في حقّ الإنسانية»، وقال: «أنا أصلي يومياً من أجل أن يعود عناصر التنظيمات الإرهابية إلى الله وبالتالي إلى إنسانيتهم التي فقدوها لقاء حفنة من المال أو من الوعود الكاذبة الواهية التي لن تتحقق يوماً».
ولفت الراعي إلى «أنّ لبنان بحاجة إلى المحافظة على الديمقراطية وقيمها في الحياة الوطنية السياسية والاجتماعية والثقافية، ولذلك لا يمكن أن يبقى هو الضحية ومن يدفع الثمن كلما اهتزّ نظام في الشرق الأوسط أو كلما وقعت أزمة في مكان ما. كما يجب فصله عن كلّ الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية».
وتطرقت الحوارات إلى الكتاب الجديد الذي صدر في باريس بعنوان: « في قلب الفوضى، مقاومة مسيحي في الشرق»، للكاتبة الفرنسية إيزابيل ديلمان انطلاقاً من أحاديث أجرتها مع البطريرك الراعي، أشارت إلى أهمية هذا الكتاب في توقيته في ظلّ معاناة المسيحيين في الشرق الأوسط، وهو يتألف من مقدمة بعنوان: «لقاء مع رجل نذر نفسه للرب»، ومن خمسة فصول حملت العناوين التالية: الشرق المسيحي، لبنان بلد الرسالة، شرق أدنى وأوسط في حالة حرب، الكنائس الشرقية ورحلة روحية.