الحقيقة المخفيّة حول دعم الولايات المتحدة لـ«القاعدة»: التسويق للإرهابيين على أنهم «مناضلون من أجل الحرّية والإنسانية»

ترجمة: ليلى زيدان عبد الخالق

نشر موقع «غلوبال ريسرتش نيوز» الكنديّ تقريراً جاء فيه:

تترافق الدعاية الثقيلة مع المعركة الاستراتيجية في حلب بين الجيش العربي السوري وحلفائه روسيا، إيران، حزب الله وغيره من المليشيات ، وبين السعودية وتركيا، ودول حلف شمال الأطلسي الداعمين للجماعات الإرهابية جبهة النصرة، جيش الإسلام، أحرار الشام، وداعش .

تصاعدت وتيرة القتال في نهاية نيسان الماضي عندما أطلقت الجماعات المسلّحة المئات من قذائف الهاون على المدينة الثانية في سورية، حيث تصدّى الجيش العربي السوري لهذا الهجوم الذي طال انتظاره.

تدّعي وسائل الإعلام الغربية اليوم أن سكان حلب يعانون من تهديد الجيش العربي السوري، بينما تشير المصادر السورية إلى أن ما يتهدّد المدنيين استهدافُهم المتكرّر بقذائف الهاون وأنهم يطالبون الجيش النظامي باجتثاث جذور الإرهابيين والقضاء عليهم.

وفي محاولة يائسة للتمسّك بذيول الأخلاق المتسامية، تستخدم واشنطن المنظمات غير الحكومية الموالية لها، في معرض محافظتها على الخرافة القائلة إنّ الجيش العربي السوري يصرّ على مهاجمة المدنيين. ومن بين هذه المنظمات غير الحكومية، تبرز مجموعة «الخوذات البيضاء»، أو ما يعرف بِاسم «الدفاع المدني السوري»، والتي أصبحت مصدراً رئيساً للادّعاءات المروّجة لاستهداف الروس والسوريين للمستشفيات والمدنيين.

وفي الحقيقة، فإن مجموعة «الخوذات البيضاء»، والتي تدّعي حياديتها، ما هي إلا نتاج وإبداع «وول ستريت»، الذي يقوده الجندي البريطاني السابق جايمس لو ميسورييه، بتمويل مشترك من حكومة الولايات المتحدة وتعاونها الوثيق الصلة مع «جبهة النصرة» التي صُنّفت إرهابية من قبل مجلس الأمن في الأمم المتحدة.

إن أيّ هجوم على «جبهة النصرة»، يُصوَّر على أنه هجوم على المدنيين وكذلك على العيادات أو على العاملين في مجال الصحة والطوارئ. الأمر عينه ينطبق على منظمة «أطباء بلا حدود» لا تضمّ في الغالب متطوّعين أجنبيين المموّلة الرئيسة لعيادات «النصرة» الطبيّة في عددٍ من المناطق التي يسيطر عليها الإرهاب.

وقد برزت هذه التناقضات بشكلٍ سافر، عندما مُنع مدير الدفاع المدني في سورية، رائد صالح من دخول الولايات المتحدة حيث كان مقرّراً أن يستلم جائزةً إنسانية، وأعيد إلى اسطنبول. ويرجّح أن يكون السبب وراء ذلك سوء سمعة جمعية صالح وعلامات الاستفهام التي يثيرها تعاونه مع «جبهة النصرة».

أما قائد الجيش العام الأميركي مارتن ديمبسي ونائب الرئيس جو بايدن، فكانا قد اعترفا عام 2014 أن حلفاءهم، أي السعودية وقطر وتركيا، يموّلون «داعش»، وغيرها من الجماعات الإرهابية الأخرى، في محاولة للإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد.

وكان البروفسور تيم أندرسون قد زوّدنا ببعض التحليلات حول الحملة الدعائية للتحالف العسكري الغربي الذي تقوده بعض وسائل الإعلام الغربية، وكذلك ما يُسمّى بالمنظمات غير الحكومية التي تدعمها مؤسّسات تجارية عدّة.

وفي ما يلي بيان وهميّ صادر عن شبكة «المجتمع المدني» الوهمي في سورية، والذي فشل في الاعتراف أن الجماعات «المعارِضة» ما هي إلا أتباع لـ«القاعدة» ومتفرعاتها المدعومة من الولايات المتحدة، الناتو و«إسرائيل»، ونجح في التأكيد على أن الحكومة السورية تخوض حرباً شاملة ضدّ هذه الجماعات الإرهابية بمساعدة حلفائها الروس والإيرانيين وحزب الله.

من هو مَن يدّعي أنه المجتمع الدولي؟

تورّطت كلّ من الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، السعودية وتركيا على مدى أكثر من سنتين في القصف الروتيني الذي تشهده معظم المناطق السورية، تحت مسمّى زائف وتفويض من «الإنسانية» الوهمية. تنفّذ هذه المنظمات غير الحكومية سياسة الولايات المتحدة الخارجية في سورية، وتصرّ على لوم الأسد على جميع جرائم القتل الحاصلة هناك. غير أن هؤلاء لا يمثلون المجتمع المدنيّ السوريّ.

تُعزى أسباب القتل استناداً إلى وثائق مؤكدة:

ـ التفجيرات المزعومة التي تقودها الولايات المتحدة ضدّ «داعش»، والتي تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية بشكل مباشر، بما في ذلك المناطق السكنية.

ـ الفظائع التي ارتكبت من قبل المنظمات التابعة لـ«داعش» و«القاعدة»، المدعومة والمموّلة من التحالف الأميركي ـ شمال الأطلسي والتي لا تعدو كونها تحالفاً لمرتزقة يعملون في صفوف المجموعات الإرهابية. ومن المعروف أن الولايات المتحدة كانت قد أرسلت قوات خاصة لـ«تدريب مقاتلي القاعدة الأحرار وتأهيلهم».

وفي ما يلي أيضاً، نصّ مجموعة «المجتمع المدني» والمنظمات غير الحكومية الوهمية بعنوان: «نحن متروكون للموت والعالم يتفرّج»: «إن حلب بحاجة ماسّة إلى حماية المجتمع الدولي. ففي الأسبوع الماضي، صعّد نظام الأسد وحلفاؤه قصف بيوت المدنيين والمستشفيات عبر حلب، وقتلوا أكثر من 200 مدنياً. ونحن، كممثلين عن المجتمع المدني السوري والمنظمات الإنسانية، ندين ـ وبشدّة ـ هذا القتل العشوائي للمدنيين ونطالب بحمايتهم. وبعيداً من تحقيق هذه الحماية الدولية، واتخاذ إجراءات جدّيّة وملموسة لوقف القصف على حلب حيث يقبع أكثر من 250000 مقاتل، هناك إمكانية حقيقية لتدمير حلب وقتل المزيد والمزيد. إن فشل المجتمع الدولي في حمايتنا زاد من عدد القتلى المدنيين، نحن متروكون لمواجهة مصيرنا بينما العالم يتفرّج. يُقتل سوريّ واحد كلّ 25 دقيقة في حلب. ففي 27 نيسان الفائت، قُتل أكثر من 50 مريضاً وطبيباً بمن فيهم آخر طبيب أطفال في حلب، الدكتور وسيم خلال قصف للنظام السوري استهدف مشفى القدس. وقبل يومين فقط، كان قد لقي أيضاً خمسة عمّال من الخوذات البيضاء مصرعهم خلال غارات النظام الجوية على مدينة أتارب، في محافظة حلب الغربية. وجاء هذا الهجوم بعد وقت قصير من قتل الضربات الجوية الروسية لعشرة من المدنيين في حلب. كذلك، وقبل أسبوع من هذه الأحداث، شنّ النظام السوري غارات مكثفة على سوق مكتظّة في معرّة النعمان في محافظة إدلب، مخلّفاً العشرات من القتلى، من بينهم نساء وأطفال.

يستهدف النظام المدنيين والمستشفيات عمداً. يدمّر المرافق الطبيّة، المدارس، والأسواق في محاولة لإجبار المدنيين على الخضوع. أما أولئك الذين نجوا من القصف الجوي، فهم يجوعون على الأرض حيث تستمرّ قوات الأسد في محاصرة المناطق الآهلة بالسكان في جميع أنحاء البلاد، وتفرض أساليب تجويع متعمّد، وتصادر مواد الإغاثة الطبيّة من قوافل المساعدات. ونتيجة لذلك، تخضع أكثر من 18 بلدة ومدينة في سورية لهذا الحصار. منطقة واحدة، وهي دير الزور لا تزال قادرةً على استقبال بعض المساعدات عبر الإنزال الجوّي. وقد ناشدنا المجتمع الدولي طوال شهور ضرورة إسقاط المساعدات على جميع المناطق المحاصرة في حمص وحماه. غير أننا لم نلقَ ردّاً سوى أصداء أصواتنا.

نحن لا نفهم لما يُحكم علينا بالإعدام، في وقت يتمكّن المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات لحمايتنا. نناشد المجتمع الدولي اتخاذ كافة الإجراءات بهدف حمايتنا وبذل كلّ ما يلزم لوقف القنابل عبر سورية. ساعدونا في إنقاذ سورية… فربما نستطيع إنقاذ الأرواح المتبقية هناك».

من الذي قال إن الليبرالية الجديدة هي الحلّ؟

نشر موقع «Investig action» تقريراً جاء فيه: سيصحو العالم يوماً على خبر امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل مخطّطٌ ميكيافيللي صنعته الولايات المتحدة، بالاتفاق مع كلّ من المملكة المتحدة، بولندا، أستراليا وكذلك إسبانيا التي وقفت في الواجهة الأمامية. هذا هو السيناريو الذي بدأ عام 2003 مع حرب العراق: الإعلان عن بدء الإبادة الشرسة ضدّ الشعب العراقي عبر وسائل الإعلام الدولية وتصوير الأضرار الجانبية البسيطة. وفي الوقت عينه، يحصل الجنود الأميركيين على تكريمٍ واسع الأصداء، تقديراً لهم على شجاعتهم في الدفاع عن الإنسانية والوطن، ليصبحوا الآن من قدامى الحرب المبجّلين.

اتهموا صدّام حسين بالدكتاتورية، ورصدوا مبلغاً كبيراً لمن يأتيهم برأسه. أما الباقي فهو تاريخ مخزٍ روّجت له وسائل الإعلام العالمية. لكن، ماذا عن النفط والذهب العراقيَّيْن؟ أين هي أسلحة الدمار الشامل التي زُعم أن العراق يملكها؟ ماذا حدث للمتاحف، والآثار القديمة، والمتنزهات الترفيهية، والمدارس والمستشفيات؟

دُمّر كلّ شيء بهدف اجتثاث الثقافة، الهوية والذاكرة الجماعية، ما شكّل نكسةً لن تسمح للعراق بالوقوف مجدّداً على قدميه لعقود قادمة. دمروا الحقول، موارد الطعام، ووسائل النقل. ناهيك عن اغتصاب الفتيات واستغلالهن، المراهقات والنساء غنائم حرب نموذجية معتمدة في ظلّ النظام الأبوي، كره النساء والرجال الذين تعرّضوا للتعذيب الجنسي من قبل الجنود الأميركيين.

وعندما اندلعت شرارة «الربيع العربي» عام 2011، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على التدخل الغربي الهادف إلى الإطاحة بمعمّر القذافي، وشارك في هذا الهجوم الجوّي والبحري، وكذلك أعمال التعذيب والقتل كلّ من الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، بلجيكا، إسبانيا، كندا، الدنمارك وقطر. أما التعذيب، والاختفاء القسري، اغتصاب الفتيات والمراهقات والنساء، فقد جاء ذلك كله بمثابة تكريم ومكافأة على تضحيات القوات الغازية!

وبهدف التضليل الإعلامي، كان القذافي يُصوّر للعالم على أنه دكتاتور. أما اليوم، فليبيا عبارة عن نسيج من المباني المدمّرة تماماً بسبب القصف. ألف شكرٍ لـ«الربيع العربي»، الذي حوّل البلاد المزدهرة إلى قفار نائية قاحلة. وفي الوقت الحاضر، يظهر الليبيون أمام العالم على أنهم ذلك الشعب المتحضّر الذي حرّره التدخل العسكري الغربي من ربقة الظلم والقهر. إنه واقعٌ بعيد كلّ البعد عن الحقيقة.

وكانوا قد أماطوا اللثام، مرة أخرى عام 2014، عن أنباء صادمة ومروّعة حول ما يسمى بـ«تنظيم داعش»، وأخبرونا حينذاك أنهم بصدد مواجهته على جميع الجبهات، غير أنهم لم يتفضلوا بالتصريح عمّن كان وراء نشأته وظهوره ولأيّ أهداف. ما هو الإرهاب ومن هم المستفيدون منه؟ من هم الإرهابيون الحقيقيون؟ لقد عانت سورية من التدخل العسكري بقيادة الولايات المتحدة ـ كما جرت العادة ـ وأستراليا، كندا، فرنسا، وتركيا في ما بعد. كذلك، البحرين، الأردن، قطر، السعودية والإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن الدنمارك، المملكة المتحدة، وهولندا. ومثل سورية كمثل فييتنام، وأكثر من سبعين دولة أخرى، كانت عبر التاريخ ضحية للشهية الأميركية الرأسمالية العالمية التي لا تنضب. وفي الوقت عينه، أظهرت روسيا أيضاً دعماً غير محدود للأسد.

تعتبر الإبادة الجماعية السورية واحدة من تلك الإبادات الأكثر دموية في السنوات الأخيرة، ومع ذلك، يقف العالم متفرجاً وراء صمته المدوّي. آلاف الأطفال لحقتهم أضرارٌ جانبية لم تظهر الحرب أيّ رحمة تجاه السكان المعرّضين للخطر. اغتُصبت الآلاف من الفتيات والمراهقات والنساء من المجموعات المسلّحة. فالإرهاب لا يزيد عن كونه اختلاقٌ لمصالح التدخل في الحروب الاقتصادية التي تتبناها وتروّج لها على الدوام الولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء العالم. فالمناطق التي تتعرّض للأعمال العنفية العسكرية، هي تلك المناطق التي رفضت الخضوع للقوة الاقتصادية العالمية، التي تصرّ على اعتبار الكرامة منتوجاً للبيع، مع إمكانية شرائه بأرخص الأسعار.

وبمثل هذه الطريقة، نسجت وسائل الإعلام المرتبطة بالطاقة خيوطها العنكبوتية حول الشركات المعنيّة، وبسبب تراخي وكسل المجتمع، الذي يعشق استهلاك كلّ ما هو جاهز ومعلّب، أصبح لقمة سائغة وسهلةً للتلاعب به وخداعه. وكلّ هذا لا يتطلّب جهداً كبيراً لبلوغ مرحلة غسل الأدمغة، او تمكينهم من التفكير في ما تتطلّبه مصالحهم الخاصة. فبعيداً من إحكام العقل، ومن إطلاق أحكامنا الخاصة، نحن عاجزون عن المضيّ قدماً في خضمّ هذا التحدي البشري الذي يحرّكنا وسط المعمعة السياسية كدمى متحركة في مواجهة الظلم الاجتماعي.

وبالحديث صراحةً عن أميركا اللاتينية، وتحديداً أميركا الجنوبية، فمن الواضح أنهم يريدون منا التصديق أن فنزويلا تخضع حالياً لسيطرة دكتاتور طاغية يُدعى مادورو. وتماماً مثلما حدث في ليبيا مع المجموعات المعارِضة والمقرّبة في أفكارها وتوجهاتها من الليبرالية الحديثة، والتي تضرّعت لتخليصها من النهب والقهر، كذلك تستنجد الأصوات اليمينية في فنزويلا الولايات المتحدة من أجل التدخل هناك، والسعي إلى تطبيق ميثاق الديمقراطية ضدّ حكومة نيكولاس مادورو. إنهم لا يسعون وراء مادورو، بل يهدفون إلى الإطاحة بإنجازات الثورة التشافيزية.

من الواضح أن الأمور في أميركا اللاتينية تتعقّد أكثر فأكثر، حيث يُفترض أن تتضاعف الجهود من أجل الحفاظ على ديمومة الثورة البوليفارية. ومع وصول هيلاري كلينتون إلى سدّة الرئاسة الأميركية، فإن حكومة الولايات المتحدة سوف تبطش بيدٍ من حديد كلّ قوة داعية إلى التقدّم في المنطقة. ومع وجود جار كهيلاري كلينتون، تمقت ـ إلى جانب التقدّم ـ حقوق الإنسان وتحتقر الحياة المبنيّة على النظام الإيكولوجيّ، فمن الطبيعي والحال هذه، أن تخسر أميركا اللاتينية. فكلينتون تمثّل أوليغارشية الولايات المتحدة التي تراهن دوماً على تدهور البشرية وكوكب الأرض.

واجهت فنزويلا ـ ولا تزال ـ سيلاً من الأزمات، وتتلقى ضربات ناعمة واسعة النطاق. وتعاني بالتالي، من عمليات نهب ضخمة، ووجود بعض أولئك المتسلّلين إلى صفوف الثورة الحكومية. هذا هو واقع الحال، مع الذين قادوا الانقلاب الأزرق: حيث شاركت مجموعة من المدنيين وضباط الطيران العسكري الفنزويلي. فكان أن أعلنت حكومة مادورو أنه من بين مخططات الانقلاب الأزرق 2015 ، يوجد خطة تقضي بتفجير قصر ميرافلوريس المشابه جداً للهجوم على تشيلي لا موندا ، ومقرّ وزارة الدفاع، ومبنى وزارتي الداخلية والعدل والسلام، ومديرية الاستخبارات العسكرية، وقناة «تيلي سور».

لا ينبغي إذاً، أن يشكل ما يحدث مفاجأة لنا. من أن الحكومة عينها قامت بتفكيك وإحباط محاولة انقلاب جديدة ومدبّرة من قبل ثورة زائفة أخرى تتمتّع بكافة امتيازات الخيانة الممنوحة في ميامي، التي تشكل الجنة والمأوى لكلّ من يجرؤ على خيانة وطنه. وهذه هي حال وزير الأغذية والماء وفضائيات الهواء السابق، اللواء هيربيت غراسيا بلازا، الذي كان قد أُقيل من منصبه عندما أمرت المحكمة العاشرة في كاراكاس العاصمة، باعتقاله بتهمة الفساد في بوليبيرتو… وببساطة متناهية، هرب إلى ميامي.

«يؤكد غراسيا بلازا أنه قام بالسرقة، غير أنه يعيش عيشة الملوك في الولايات المتحدة. وقد أدلى أمام الحكومة الأميركية، وكالة مكافحة المخدرات، وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات الأميركية، بتصريحات دقيقة عن مكان الأسلحة الفنزويلية المسماة: الضرب بمطرقة ثقيلة». جاء هذا التصريح بعد أيام على فراره على شاشة أحد المحطات التلفزيونية. وُضع المخطط ليُنفّذ في 15 أيار، وكان الغرض منه توليد أعمال شغب واسعة في جميع أنحاء فنزويلا من أجل المطالبة بتطبيق الميثاق الديمقراطي. ألا يذكرنا هذا بأحداث مماثلة وقعت عام 2014، عندما حرّض ليوبولدو لوبيز على العنف خلال التظاهرات الاحتجاجية؟ أو بالتظاهرات ضدّ كريستينا رئيسة الأرجنتين بعد مقتل نيسمان؟ وكذلك محاولة الانقلاب ضدّ دلما من قبل نائبها؟ أو ترصّد الصقور لفضيحة بتروبراس البرازيلية المدوّية؟ أليس في هذا أيضاً، ما يشبه الانقلاب ضدّ زيلايا ولوجو؟

من المفترض أن يقع بلدان، يشكلان صمّام الأمان والمتنفّس الرئيس لأميركا اللاتينية، في قبضة الأوليغارشية: فنزويلا والبرازيل. فنزويلا لنفطها، والبرازيل لقيادتها دول البريكس. فإذا سقط هذان البلدان، سنسقط جميعاً معهما. سيتحوّل العمود الفقري الذي حمل الثورتين البوليفارية والتشافيزية والذي يُنتظر أن يبني نظاماً ليبرالياً جديداً في العالم إلى مجرّد حبرٍ على ورق. فهل علينا الاستفاضة أكثر في مدى الضرر الذي سيلحق بالعالم نتيجة انهيار أميركا اللاتينية؟ هذا ما يفسّر سبب سعي الجماعات اليمينية إلى العمل الدؤوب على زعزعة الاستقرار ليلاً ونهاراً، مستفيدين من أيّ فظاعة قد تحدث، في سبيل إسقاط الحكومات التقدمية التي تجسّد التقدّم الاجتماعي والسياسي في المنطقة.

نحمل مرآةً في أيدينا: المكسيك العملاقة. غزوٌ أميركي بأشكال مختلفة من بينها الحرب الشعواء على تهريب المخدرات. إقامة حكومة مكسيكية نيوليبرالية، وتشجيع المزيد من النهب والانحلال والانهيار. هذه هي الطريقة التي تلعب بها القوى العالمية الاقتصادية الكبرى ووسائل إعلامها أوراقها.

وجلّ ما نفعله نحن، إظهار ما فعلته حقناتهم التلاعبية بعقولنا وتجسيده إلى حدّ أننا لم نعُد قادرين على التفكير بطريقة أفضل أو حتى مختلفة، كمثل التجرّؤ على الإعلان عن رفضنا المجازر والدمار في سورية على سبيل المثال. إذاً، يجدر بنا ألا نُفاجأ، فيما لو وقع تدخل عسكريّ ضدّ فنزويلا في عهد جكومة هيلاري كلينتون، بل أننا قد ننظر إلى الأمر بلا مبالاة، كما نفعل حيال سورية في الوقت الحالي، وسوف نقنع أنفسنا بأن ما يحدث إنما يعود إلى تصرفات الطاغية مادورو القمعية، كما حصل في ليبيا. ما من فرقٍ يُذكر بين هيلاري كلينتون ومارغريت تاتشر. صرخةٌ أخرى سيُطلقها كلّ من دلما وكريستينا. الماضي سيعيد نفسه، اذا ما سمحنا له بذلك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى