التفاهم الروسي ـ الأميركي إلى فيينا لتكريسه بعد أسبوع تمهيداً لعودة جنيف عزل «النصرة» تمهيداً للحسم ومنح جماعة الرياض ومشغّليها فرصة أخيرة
كتب المحرر السياسي
صار التفاهم الروسي الأميركي على طاولة فيينا لاجتماع السابع عشر من الشهر الحالي، وما فيه من اتفاق على صيغة تنفيذية للهدنة المترنّحة لإنعاشها بوضع آلية لتحديد مواقع ومناطق سيطرة «جبهة النصرة»، لترجمة استثنائها من الهدنة بالحرب المشروعة عليها، وتحييد الفصائل المسلحة التي تلتزم أحكام الهدنة، شرط خروجها من مناطق «النصرة» وإخراجها من مناطقها حيث تستطيع، فالتشابك بين المعارضة و»النصرة» بات من عناصر إسقاط الهدنة، ومَن يختَر البقاء مع «النصرة» عليه أن يلقى ما يستحقه، وهذه الآلية التي تضمّنت تحييداً للبنى التحتية والمدنيين، تفرض على الأتراك والسعوديين وقف كلّ تشابك مشابه مع «النصرة» مباشرة أو غير مباشرة.
الاتفاق يبدو جدول أعمال الاجتماع المقبل للدول المشاركة في مسار فيينا في السابع عشر من الشهر الحالي، بعدما لقي التفاهم الترحيب من لقاء باريس الذي ضمّ أبرز المساندين للحرب على سورية وفي طليعتهم فرنسا والسعودية وقطر وتركيا، وأعلنت جماعة الرياض ترحيبها بالتفاهم، وأبدى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أمله بانعقاد لقاء جنيف في جولة جديدة خلال الشهر الحالي.
إذا سار كلّ شيء وفقاً للتفاهم فيفترض أن تتولى غرفة عمليات جنيف الأميركية الروسية مهمة تحديد ثلاث مناطق، واحدة مستثناة من الهدنة تضمّ مواقع محسومة لـ»النصرة» و»داعش»، وثانية للجماعات المشاركة في الهدنة، وثالثة رمادية مطلوب حسم هويتها، وهي المناطق التي تدّعي المعارضة تبعيتها لسيطرتها بينما تنتشر فيها «النصرة» أو تسيطر عليها، على أن تمنح فصائلها مهلة محدّدة للخروج منها أو إحكام السيطرة عليها، ليكون مع نهاية شهر أيار قد تبلور المناخ الأمني والسياسي للمواجهة مع «جبهة النصرة»، في ظلّ استعدادات واسعة للجيش السوري والوحدات الخاصة الإيرانية وقوات النخبة من حزب الله، لحسم شمال سورية نهائياً خارج أيّ وجود لـ»النصرة» و»داعش»، وما يرتبه ذلك من تحجيم كبير للحضور التركي والسعودي الذي سيكتفي بما تملك جماعات «أحرار الشام» و»جيش الإسلام» من وجود هزيل قياساً بـ»النصرة»، إذا تمكّنت هذه الجماعات من إنجاز شروط التحييد عن «النصرة» ولم تتورّط في حربها كي لا تلقى مصيرها.
في ظلّ هذا التفاهم بدت المسارات السياسية في اليمن والعراق أشدّ يسراً، حيث عاد الحديث عن ولادة مرتقبة لحكومة عراقية جديدة، وأنجزت محادثات الكويت اليمنية تفاهماً على تبادل المعتقلين والأسرى، هو أول اتفاق يُنجزه المسار التفاوضي في الكويت.
لبنانياً تخيّم نتائج الكشف المتأخر عن نتائج الانتخابات البلدية في بيروت، على حديث السياسة اللبنانية، بعدما قالت الأرقام إنّ خمسة وثلاثين ألف صوت هي حصيلة ما ناله تيار المستقبل في بيروت من أصل ثلاثة وأربعين ألفاً نالتها لائحة التحالف الذي قاده، والنسبة لا تزيد عن سبعة في المئة من أصوات الناخبين مقابل ستة في المئة للائحة بيروت مدينتي، ونصف في المئة للائحة التي تزعّمها الوزير السابق شربل نحاس، والفضيحة الإفلاسية للرئيس سعد الحريري بالتزامن مع الفضيحة الإفلاسية المالية التي تحيط بشركاته، تضع مستقبله المالي والسياسي على بساط البحث، بعد عشر سنوات على وراثته زعامة والده وإمبراطوريته المالية.
لبنانياً أيضاً ومع نهاية انتخابات بلديات البقاع التي سجل فيها تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية نجاحاً في إثبات وجوده من بوابة معركة زحلة، تطلّ انتخابات جبل لبنان لينسف التحالف نتائج زحلة بمواجهة سيكون مناصرو الفريقين طرفيها في جونية عاصمة كسروان، حيث يدعم كلّ فريق منهما لائحة بوجه لائحة يدعمها الفريق الآخر.
في خضم الاستعدادات والتحضيرات التي تجري على قدم وساق للانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان يوم الأحد المقبل، لم تعلن وزارة الداخلية في سابقة هي الأولى من نوعها النتائج الرسمية للانتخابات البلدية في بيروت. ومردّ هذا التأخير في إصدار النتائج والشائعات المرافقة والحديث عن تزوير وتقاذف الكرة بين لجان القيد والداخلية يعبّر عن أزمة صامتة خطيرة إذا لم تعلن الداخلية النتائج النهائية.
الحريري أمام كارثة
وأكدت نتائج انتخابات بيروت أنّ الرئيس سعد الحريري أمام كارثة حقيقية تبعاً لما تقوله صناديق الاقتراع بالسياسة. فأحد لم يناقش مسألة الفوز بالمعنى المباشر والنتيجة كنتيجة في ظلّ محدلة كهذه. اعتقد البعض أنّ القراءة الحقيقية بالأرقام ودلالاتها والرسائل التي أرسلتها في نسبة المشاركة قد تكون كافية لإطلاق محاكمة سياسية لخيارات الناس، لكن النتيجة أتت في قلب الصناديق لتقدّم قرينة أكثر لمعاناً من قرينة المشاركة، تقول إنّ الاعتراض البيروتي ضمن المصوّتين، وليس فقط ضمن المقاطعين، أظهر أنه مؤثر لدرجة أنّ لائحة «البيارتة» قياساً إلى لائحة «بيروت مدينتي» لم تحقق النتائج المرجوة، رغم أنّ قدرات اللائحة الأولى وما تملك من ماكينة وتاريخ وإرث وتناقضات وآلاف الأسباب التفاضلية أمام مجموعة من الناس النخبويين الذين لا يتمتعون بخبرة سياسية ولا تتبناهم جهة سياسية، والنتيجة تدلّ على أنّ ناقوس الخطر كبير جداً ويطال أول ما يطال الرئيس الحريري وزعامته وتحالف 14 آذار الذي قد يكون انتهى فعلياً ولم يبق منه غير الاسم، فالمشاركة القواتية الهزيلة في انتخابات بيروت أتت على ما تبقى من هذا التحالف، وهذا ما دفع الحريري إلى التشكيك علناً ببعض الحلفاء، علماً أنّ التصويت المسيحي للائحة «بيروت مدينتي» كان ضعفَيْ التصويت للائحة «البيارتة».
وأعربت كتلة المستقبل عن أسفها «لكون البعض الآخر لم يلتزم بما تعهّد به في انتخابات بلدية بيروت، وخصت الكتلة بالشكر بعد اجتماعها الأسبوعي «بعض الحلفاء الذين شاركوا في تأليف لائحة البيارتة الذين التزموا بالاقتراع لها وحافظوا على التزاماتهم الأدبية والسياسية».
التيار مستعدّ للبحث في «المختلط»
وبحث تكتل التغيير والإصلاح في اجتماعه الأسبوعي في الرابية أمس، برئاسة العماد ميشال عون في نتائج الانتخابات البلدية في بيروت والبقاع وفي قانون الانتخاب. وأكد العماد عون خلال الاجتماع، بحسب ما علمت «البناء»، ضرورة التصويت على اقتراح «الأرثوذكسي في الهيئة العامة بعدما أحيل إليها من اللجان المشتركة»، مشيراً إلى أنّ «التيار مستعدّ للبحث في المختلط لاستكشاف وجهات النظر». ورأت مصادر وزارية في التكتل «أنّ ما حصل في انتخابات بلدية بيروت لناحية حصول لائحة بيروت مدينتي على نسبة 40 شكل مفاجأة ايجابية»، مشيرة إلى «أنّ الملتزمين في التيار الوطني الحر صوّتوا للائحة البيارتة، بينما تركت الحرية للعونيين للتصويت بحريتهم»، مشددة على أن أداء المجلس البلدي في السنوات الماضية دفع العديد من سكان الدوائر الثلاث إلى التصويت للائحة بيروت مدينتي.
وأكد التغيير والإصلاح «أنّ ما حصل في الانتخابات البلدية في زحلة يجب أن يستمرّ، داعياً الناخبين إلى التقاط الفرصة لتثبيت حضورهم ليكونوا شركاء باستعادة الحقوق بتصويتهم ووعيهم». ولفت التكتل إلى أنّ الانتخابات أثبتت الامتداد الوطني لكلّ زحلة بدون استثناء»، مشيراً إلى «أنّ هنالك وحدة تتجلى بالرؤية والمشاريع والسياسة».
حراك فرنسي تجاه لبنان
في غضون ذلك، يدخل الفراغ الرئاسي في لبنان في الخامس والعشرين من أيار الحالي عامه الثالث. وتعقد الجلسة الـ40 لانتخاب الرئيس في الثاني من حزيران المقبل، بعدما أرجئت الجلسة الـ39 أمس، لعدم اكتمال النصاب الذي اقتصر على 41 نائباً في نسبة هي الأدنى نسبة من الجلسات السابقة.
وفي موازاة ذلك، تستكمل فرنسا حراكها تجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، حيث حضر الملف الرئاسي في لقاء الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وفي الرسالة التي وجهها هولاند إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد فيها العمل من أجل إنهاء الفراغ في سدة الرئاسة. وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة أنّ زيارة البطريرك الراعي إلى فرنسا تأتي في إطار مبادرة انتخاب الرئيس لمدة سنتين، حيث عرض البطريرك الماروني لهولاند مواقف القوى السياسية الرافضة لهذا الاقتراح». وأشارت المصادر إلى أنّ هذا الاقتراح يأتي من ضمن الأفكار التي تطرح والأكثر جدية في الوقت الراهن. ووضعت المصادر زيارة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى فرنسا ورسالة الرئيس هولاند إلى الرئيس بري في هذا الإطار، مشيرة إلى أنّ الرئيس الفرنسي يكثف حركة مشاوراته لانتخاب رئيس في أقرب وقت، وهو سيبحث مجدّداً الملف الرئاسي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الشهر المقبل.
ايرولت يلتقي رعد
وأكدت المصادر أنّ زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت بيروت في 27 أيار المقبل ستستكمل المشاورات التي بدأها الرئيس هولاند في زيارته الشهر الماضي، وسيلتقي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.
إلى ذلك، عقدت جلسة الحوار الـ 28 بين حزب الله و تيار المستقبل، في عين التينة وأعرب المجتمعون عن ارتياحهم لإنجاز المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، وأكدوا استكمال هذه الانتخابات في الأجواء الإيجابية نفسها التي سادتها. كما جرى نقاش معمّق للمرحلة المقبلة وعمل اللجان النيابية المشتركة حول قانون الانتخابات الجديد، وضرورة التوافق للوصول إليه في أسرع وقت.
تلفزيون لبنان في مجلس الوزراء
ويبحث مجلس الوزراء غداً الخميس برئاسة الرئيس تمام سلام في جدول أعمال من 120 بنداً إدارياً ومالياً يتصدّرها اقتراح وزير الإعلام رمزي جريج تعيين مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان. وإذ نفى جريج لـ»البناء» أيّ توتر مع المدير العام طلال مقدسي، لفت إلى أنّ الأخير وكميل منسى، وعميد كلية الإعلام السابق الدكتور جورج كلاس من الأسماء التي طرحها لمجلس إدارة التلفزيون وسيطرح أسماء أخرى يوم الخميس»، لافتاً إلى أنّ المدير العام في التلفزيون يعود إلى الطائفة الكاثوليكية. وشدّد على أنّ الوضع غير سليم في التلفزيون، فمقدسي معيّن كمدير مؤقت بسبب عدم جواز اجتماع الحكومة المستقيلة التي كان يرأسها الرئيس نجيب ميقاتي في عام 2013 وعدم تمكّنها من تعيين مجلس إدارة جديد»، معتبراً انه من المفترض مع تشكيل هذه الحكومة أن يعيّن مجلس إدارة جديد من ستّة أعضاء بينهم الرئيس، لكن تعثر عملها ومقاطعة عدد من الوزراء وعدم شعوره بإمكانية تعيين مجلس إدارة دفعه إلى تأخير طرح الموضوع على مجلس الوزراء»، مضيفاً «الفرصة الآن باتت متاحة والظروف أفضل».