كتاب مفتوح إلى «من يهمّه الأمر»
يكتبها الياس عشّي
دردشتي لهذا الصباح هي رواية قديمة تحكي عن جيش أراد أن يدخل مدينة، فوقف عند أطرافها، وأرسل إليها ثلّة من الجنود ليتقصّوا أحوال ناسها.
رأوا على مدخل منها رجلاً يحتطب ومعه فتى يافع، فاقتربوا منهما، وسألوا الشيخ عن الطريقة الأسلم لدخول المدينة، وعن عدد جيشها، وعن حصونها، وهدّدوه بالقتل إنْ لم يجبهم.
قال لهم: لا بأس سأزوّدكم بما تريدون ولكن بعد أن تقتلوا هذا الفتى، لأني أخشى أن يشي بي، وأُتهم بالخيانة.
تقدّم كبيرهم، واستلّ سيفه، وقتل الفتى.
قال لهم الشيخ: الذي قتلتموه كان ولدي، وقد طلبت منكم أن تفعلوا ذلك كي لا يضعف بعد قتلكم لي، ويشي بأسرار مدينته، ففضلّت أن يموت قبل أن يفعل ذلك، وها أنا الآن على استعداد لأنضمّ إليه.
أدهش موقفه الجنود فتركوه مع جثة ولده، وعادوا إلى ملكهم، وأخبروه قصة الشيخ والفتى، فأمرهم بفك الحصار، والانسحاب، وإعادة الجيش إلى ثكناته، لأنّ بلداً ترى فيه آباءً يضحّون بأبنائهم من أجله، لا يمكنك غزوه، وإنْ فعلت فلن تربح…