«داعش» ينفّذ مجزرة في بغداد تحصد 300 قتيل وجريح… ودعوات للحسم غطاء غربي لـ«جيش الإسلام» و«أحرار الشام»… وموسكو تنتظر نتائج فيينا
كتب المحرر السياسي
التفجيرات المتلاحقة التي أصابت بغداد، بانتحاريّي ومفخخات «داعش» أكدت وفقاً لمصادر عراقية متعدّدة الحاجة إلى الترفع عن الخلافات الجانبية التي تعطل العمل الذي يحتاج العراق لحسم سريع مع تنظيم «داعش»، وكانت التفجيرات التي حصدت ثلاثمئة بين قتيل وجريح قد حازت التنديد من كلّ العواصم الدولية، وتأكيد أولوية الحرب على الإرهاب.
الإجماع على الحرب مع «داعش» يصير رمادياً عندما يصل إلى تنظيم القاعدة بنسخته السورية الرسمية التي تمثلها «جبهة النصرة»، فلا يخجل الوزير الأميركي أو يشعر بالإحراج عندما يقترح على نظيره الروسي تأجيل التعامل مع «النصرة» كتنظيم إرهابي إلى ما بعد الخلاص من «داعش»، ويصير الغطاء الأميركي الفرنسي البريطاني لـ»جيش الإسلام» و«أحرار الشام» في مجلس الأمن علنياً، للحؤول دون تصنيفهما تنظيمين إرهابيين رغم تموضعهما العسكري مع «جبهة النصرة» وانتسابهما إلى الفكر التكفيري ذاته، وتاريخهما المليء بالمسؤوليات عن عمليات القتل والذبح والحرق للمدنيين والنساء الأطفال والشيوخ.
موسكو التي تقدّمت بطلب التصنيف، تنتظر اجتماع فيينا الثلاثاء المقبل، لمسؤولي الدول المشاركة في دعم مسارات التسوية في سورية، لتبلور الموقف من التفاهم الروسي الأميركي على صيغة تضمن السير بالتسوية مجدداً، سواء بصيغة إحياء الهدنة أو العودة إلى محادثات جنيف، على قاعدة تقييم جيش الإسلام وأحرار الشام في ضوء تصرفهما تجاه الحرب مع «جبهة النصرة» وقبولهما مع سائر الفصائل المنضوية تحت لواء جماعة الرياض، ومن ورائهم جميعاً تركيا والسعودية بدعم فرنسي بريطاني، بأحكام التفاهم الذي يفرض تحديد مناطق سيطرة الأطراف المنخرطة بالهدنة لتحييدها وبالمقابل تحديد مواقع ومناطق سيطرة «جبهة النصرة» لجعلها خارج أحكام الهدنة، وإنهاء أيّ تشابك بين مَن يفترض أنهم معارضة و«جبهة النصرة» المصنّفة إرهاباً والموضوعة خارج أحكام الهدنة.
جماعة الرياض التي تتضارب تصريحات رموزها تجاه التفاهم الروسي الأميركي سيتبلور موقفها على ضوء الموقفين التركي والسعودي بين خيارَيْ خوض الحرب مع «جبهة النصرة» خارج الغطاء الأميركي أو الانضواء تحت أحكام التفاهم وضبط أداء جماعة الرياض و«جيش الإسلام» و«أحرار الشام» للقبول بالتفاهم وتفادي شمولها بالحسم العسكري، مقابل الحفاظ على الحدّ الأدنى من الحضور ضمن معادلة التسوية المعروضة.
لبنانياً دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لأخذ نتائج الانتخابات البلدية بالاعتبار والإسراع بإقرار قانون انتخابي جديد حاسماً استحالة تمديد ولاية المجلس النيابي مرة أخرى، بينما يطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي خلفية الإطلالة النتائج التي حملتها الانتخابات البلدية، التي قالت إنّ الحرب الناعمة في جولتها الأولى قد فشلت في محاصرة المقاومة وإضعافها، فخطاب التحريض عليها، أصيب بنكسة شعبية واضحة في انتخابات بيروت، وبيئتها الحاضنة أظهرت تماسكاً وراء قياداتها وتمسكاً بخياراتها، وفقاً لانتخابات البقاع ونتائجها.
المستقبل يهدّد المسيحيين بنسف الطائف
لم تنته تداعيات انتخابات بلدية بيروت وما خلّفته من مزيد من التصدّع في العلاقة بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية ومتبادل للاتهامات. وأكدت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» «أن ما تقوم به الأحزاب المسيحية أو ما يُمسّى بتحالف الأقليات ليس إلا محاولة لتهميش الرئيس سعد الحريري، تمهيداً لفرط اتفاق الطائف». وشددت المصادر على «أن المسيحيين سيكونون الخاسر الأول في أي صيغة جديدة، فالمناصفة التي نص عليها اتفاق الطائف بين المسلمين والمسيحيين، ستغيب عن أي ميثاق وطني جديد، لأن المسيحيين لا يشكلون أكثر من 30 من سكان لبنان». وأكدت مصادر المستقبل «أن الضخ الإعلامي الطائفي والحملة على الرئيس سعد الحريري سواء من القوات أو من التيار الوطني الحر ليس إلا لعباً بالنار، فأي تهميش للرئيس الحريري يعني تقوية للتطرف الإسلامي الذي سيكون نتيجة للتطرف المسيحي»، معتبراً «أن القوى المسيحية في التيار والقوات تضرب صيغة العيش المشترك وتقامر بالبلد».
والقوات… لنرَ أي بلد سيبقى لهم
وأبدى النائب أنطوان زهرا في حديث لـ«البناء» انزعاجه من رمي الاتهامات جزافاً بحق حزب القوات من قبل تيار المستقبل»، مشيراً إلى أنه في «بيروت الأولى هناك رأي عام مسيحي غير حزبي صوّت ضد لائحة البيارتة اعتراضاً على مخالفات البلدية السابقة»، ومشدداً على أن القواتيين في دائرة بيروت الثالثة صوّتوا لكل أعضاء اللائحة على عكس جمهور تيار المستقبل ومناصريه الذي عمدوا إلى تشطيب مرشح حزب القوات إيلي يحشوشي، والدليل على ذلك فرق 6000 صوت بين يسرى صيداني ويحشوشي. ورفض زهرا حديث مصادر المستقبل «أن المسيحيين لا يمثلون 30 وهذا يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في أي اتفاق جديد»، فأشار إلى «أنه عندما لا يعود المسيحيون نصف البلد سياسياً ومعنوياً، فمبروك عليهم البلد ولنرَ أي بلد سيبقى لهم».
المستقبل إلى التوافق في طرابلس!
أما في عاصمة الشمال طرابلس، فإن حظوظ التوافق بين تيار المستقبل من جهة والرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي من جهة أخرى لم تتبلور بعد. وأكدت مصادر الرئيس ميقاتي لـ«البناء» أن الأمور لم تحسم حتى اللحظة، مشيرة إلى أن الساعات الـ48 المقبلة ستحدد مآل الأمور، إما التوافق أو المعركة. ولفتت المصادر إلى «أن النقاش يدور الآن حول اسم رئيس البلدية»، مشيرة إلى أن الرئيس ميقاتي والوزير كرامي توافقا على اسم الدكتور عزام عويضة كرئيس توافقي، وهما بانتظار موقف المستقبل حيال ذلك، ففي حال أبدى الرئيس سعد الحريري تأييده لعويضة ذهبنا إلى التوافق، وفي حال العكس، فإن المعركة الانتخابية ستحصل».
وسألت مصادر طرابلسية عبر «البناء» هل يستطيع الحريري بعد نتائج انتخابات بيروت أن يخوض معركة في طرابلس ضد الوزير أشرف ريفي من جهة، وضد الرئيس ميقاتي والوزير كرامي من جهة أخرى؟ وقالت: القوة الضاربة في طرابلس هي للرئيس ميقاتي والقوة التي تليها هي لتيار المستقبل، والقوة الثالثة هي للوزير محمد الصفدي والوزير كرامي والقوة المجهولة هي للوزير أشرف ريفي. وبالتالي فإن اجتماع ميقاتي كرامي من جهة والمستقبل والصفدي من جهة أخرى سيحقق توازناً مع أرجحية الفوز بالتأكيد لـ ميقاتي وكرامي. بالتالي يكون الحريري قد كشف أوراقه في طرابلس وما يمثل من نسبة لا تتعدى 25 . ولذلك ليس من مصلحة الحريري خوض المعركة، معتبرة «أن النائب السابق مصباح الأحدب لا يقدم ولا يؤخر في ترشيحه للبلدية».
وأمام هذا الوضع الضبابي عقدت القوى والأحزاب المسيحية والقيادات الروحية في طرابلس اجتماعاً في منزل النائب روبير فاضل وحضور النائب سامر سعادة، تمّ خلاله البحث في المستجدات التي طرأت على الاستحقاق الانتخابي في المدينة. واعتبر المجتمعون أن «سقوط التوافق السياسي والاتجاه نحو المعركة، من شأنه أن ينعكس سلباً على المدينة وعلى مستقبل المجلس البلدي الجديد، وعلى التمثيل المسيحي فيه»، وداعين كل الأطراف «العمل على إيجاد تسوية تُرضي جميع الأطراف وتؤمن التمثيل الصحيح في هذا الاستحقاق».
القوات.. الصوت المرجّح في جونية
وعلى عكس انتخابات زحلة التي شهدت تحالفاً متماسكاً بين الرابية ومعراب ترك حزب القوات الحرية لمناصريه في انتخابات بلدية جونية التي تتنافس فيها لائحتان لائحة كرامة جونية برئاسة جوان حبيش يدعمها التيار الوطني الحر وحزب الكتائب، ولائحة جونية التجدّد ومسيرة عطاء برئاسة فؤاد البواري ونائبه فادي فياض المقرّب من الدكتور سمير جعجع ويدعمها النائبان السابقان فريد هيكل الخازن ومنصور غانم البون، ورئيس مؤسسة الانتشار الماروني نعمة افرام. وأكد فياض، في حديث تلفزيوني، أن لائحة التجدد التي ينتمي إليها ستفوز بشكل كامل بفارق لا يقل عن 1000 صوت.
إطلالة للسيد نصر الله اليوم
إلى ذلك، أكد رئيس المجلس النواب نبيه بري ارتياحه لحسن سير المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، مؤكداً «ضرورة أن تستكمل باقي المراحل في ظل هذه الأجواء». وقال: «إننا أصبحنا أكثر حاجة اليوم لإنجاز قانون جديد للانتخابات والخروج من دائرة المراوحة لأنه يشكل مفتاح حل لأزماتنا السياسية». وجدد القول «ان التوافق على هذا القانون يفتح الباب امام إجراء الانتخابات النيابية في اي وقت»، مؤكداً في الوقت عينه أن «لا تمديد للمجلس بأي شكل من الإشكال بعد اليوم».
ويلقي الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصرالله كلمة في الرابعة والنصف من عصر اليوم خلال الاحتفال بيوم جريح المقاومة الإسلامية، في مجمع المجتبى في حي الاميركان. وستكون كلمته في سياق صورة المنطقة من الانفجارات التي وقعت في مدينة الصدر في العراق، إلى التطورات الميدانية في حلب. وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أن ملف البلديات سيأخذ الحيز الأكبر من إطلالته وسيدعو السيد نصر الله إلى أخذ العبر من الانتخابات التي حصلت في بيروت والبقاع وبعلبك الهرمل، لا سيما أن انتخابات البقاع الغربي وبعلبك الهرمل بعثت برسالة شعبية مهمة إلى خصوم حزب الله في الداخل والخارج.
ويفتتح رئيس الحكومة تمام سلام في التاسعة والنصف صباح اليوم «منتدى الاقتصاد العربي» في دورته الـ 24 في فندق فينيسيا بمشاركة نحو 500 مستثمر ورجل أعمال من 19 بلداً. ومن المقرر أن تتخلل جلسة الافتتاح كلمات لكل من سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن يطل الرئيس سعد الحريري عند السادسة مساء في ختام «منتدى الاقتصاد العربي» ليتحدث كما قالت مصادره لـ«البناء» عن العلاقات اللبنانية السعودية واستمرار المملكة في دعم لبنان. وسيتناول الحريري ملف الانتخابات الرئاسية من زاوية تأكيد ضرورة الإسراع في إنهاء أزمة الفراغ لما لذلك من انعكاسات ايجابية على الوضع الاقتصادي.
من ناحية أخرى لن يبحث مجلس الوزراء اليوم في ملف جهاز أمن الدولة الذي أصبح في عهدة رئيس الحكومة تمام سلام. ورجحت مصادر وزارية لـ«البناء» أن يُنهي الرئيس سلام مشاوراته واتصالاته مع الأفرقاء المعنيين قبل جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل»، مشيرة إلى أن «رئيس الحكومة تعهد بأنه سيعالج هذا الملف ضمن مهلة معينة تنتهي الأسبوع المقبل».